اعتبر تقرير للصندوق الدولي للتنمية الزراعية قدمه أمس في تونس أن انعدام المساواة في الدخل واتساع الهوة بين الريف والحضر وعدم الاستقرار السياسي هي من أخطر التحديات في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا. وأضاف أن تعزيز دور الزراعة أمر حيوي لمواجهة الفقر وانعدام المساواة ولتعزيز التنمية الاقتصادية في المناطق الريفية.
ودعا التقرير جميع صانعي السياسات والعاملين في مجال التنمية إلى كسب الحرب العالمية ضد الفقر الريفي. مشيراً إلى أن المفتاح الرئيسي هو فهم كيفية عمل التنمية الريفية على تقليص الهوة بين الفقر والكفاية في المناطق الحضرية والريفية، «فالتحول الريفي الشمولي ليس ظاهرة مجردة، إنما هو اختيار، لذا يتعين على الحكومات وشركاء التنمية العمل معاً لتحقيق ذلك». وأكد الصندوق أنه يسعى جاهداً لجعل الزراعة محركاً حقيقياً للنمو داخل الاقتصادات المتنوعة.
يسلط التقرير الضوء على التحديات الإقليمية والقطرية في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وعلى اختلاف وتيرة التنمية في بلدانه وبينها. وقد تسببت هشاشة الدول والنزاعات المسلحة على مدى العقود الثلاثة الماضية في نزوح الكثير من السكان في الإقليم. ونتيجة لذلك، قد تشهد البلدان التي تعاني من الهشاشة المزمنة حضرنة سابقة لأوانها، على اعتبار أن سكان الأرياف ينزعون إلى البحث عن الأمن وفرص العمل في المناطق الحضرية، مما يعني إهمال الزراعة.
وفي تقييمه لوضع الإقليم، يشير التقرير إلى "المميزات الريفية الثلاثة لشعبة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وأوروبا":
أولاً، البلدان المتحضرنة قبل الأوان كاليمن والسودان، التي شهدت نمواً كبيراً للسكان على نحو غير ملائم وما رافقه من توسيع فجوة الفقر بين المناطق الريفية والحضرية.
ثانياً، البلدان على طريق التقدم كالمغرب وتونس وتركيا، التي لم تشهد اضطرابات كبيرة مما مكنها من الشروع في التحول الريفي الطبيعي.
ثالثاً، بلدان الاتحاد السوفياتي سابقاً التي ينخفض فيها التحضر والفوارق بين الفقر في المناطق الريفية والحضرية، ويرجع ذلك أساساً إلى وضعيتها السابقة كمناطق ما وراء الساحل مرتبطة بالاقتصاد السوفياتي.
وتتفشى البطالة في مجمل أقطار الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بمعدل 30 في المئة، وهي الأعلى مقارنة بأي إقليم في العالم. وفي هذا الصدد قالت الدكتورة خالدة بوزار، مديرة شعبة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وأوروبا في الصندوق، إن "كلفة الفرص الضائعة تتضاعف على اعتبار أن الشباب الذين يواجهون الإقصاء اليوم يصبحون فقراء الغد". وأضافت أن من الضروري نشر الوعي، خاصة في صفوف الشباب، حول قدرة الزراعة والأعمال التجارية الزراعية على إدماج القوى العاملة الشبابية السريعة النمو في الاقتصاد الرسمي، مؤكدة أن "هدفنا هو وضع كل السكان الريفيين في كرسي القيادة لتوجيه مستقبلهم".