Saturday 02 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
 
مقالات
 
قطر: هل تصمد البيئة أمام النمو الصناعي؟  
حزيران (يونيو) 2002 / عدد 51
 قطر شبه جزيرة في منتصف الساحل الغربي للخليج العربي. مساحتها 11.437 كيلومتراً مربعاً، ويتبعها عدد من الجزر، أهمها أرخبيل حوار وجزر حالول وشراعوه والاسحاط. تتكون أراضيها من مسطح صخري منبسط تتخلله هضاب وتلال كلسية متناثرة في منطقة دخان غرباً ومنطقة جبل فويرط شمالاً. ويمتاز هذا المسطح بكثرة الأخوار والرؤوس والخلجان والأحواض، وبالمنخفضات في الشمال والوسط التي تعتبر من أخصب المواقع حيث تكثر النباتات الطبيعية. ويسود البلاد مناخ صحراوي، فصيفها حار وشتاؤها دافئ قليل المطر، ولا يتجاوز هطول الأمطار 75 مليمتراً في السنة.
على رغم صغر المساحة التي تشغلها قطر، فان عدد الأنواع النباتية التي تنمو في بيئاتها المختلفة يزيد على 300 نوع. وتنتشر هذه النباتات بنسب متفاوتة في الهضاب الصخرية التي تكوّن معظم سطح البلد، وفي السلاسل والحافات الصخرية في الجنوب الغربي والمنخفضات، والرياض التي يغلب وجودها في المناطق الشمالية والوسطى والأودية والمجاري المائية. ونظراً لانخفاض مستوى الأرض في هذه الرياض عما حولها، فهي تتلقى الرواسب التي تحملها مياه الأمطار والرياح، وينتج عن ذلك نمو كساء نباتي كثيف في بعض الأماكن، يتكون من نباتات معمرة متباعدة مثل السدر والسمر والسلم والعوسج والهرم القطري والثمام والشفلح والملوخية البرية، تتخللها نباتات حولية مثل الصمعة والنفل والجفنة وكف مريم ولسان الحمل.
وتشغل السباخ أو الاراضي الملحية أكثر من 6 في المئة من مساحة قطر، أي نحو 700 كيلومتر مربع. ويعيش فيها نحو 25 نوعاً من النباتات الملحية، منها الأثل والطرفاء والنديوة والعكرش والغرانكينيا والقطف والقرم أو الشورى. ولهذه النباتات خصائص تعينها على مقاومة الملوحة وتحملها.
كان رعي الماشية هو النظام التقليدي المتبع في استغلال الاراضي القطرية لقرون عديدة قبل اكتشاف النفط. وتنقل البدو الرعاة من جنوب البلاد الى داخل جزيرة العرب سعياً الى الكلأ. وبعد اكتشاف النفط واستغلاله تناقص عدد الرعاة، واستغلت مصادر المياه في اقامة المزارع، وأصبحت تربية الحيوانات تعتمد على الأعلاف المزروعة. ويضم الكساء النباتي في قطر أنواعاً عديدة من نباتات المراعي، مثل الثمام والعرفج والسويد والرمث.
وكان البدو يعتمدون في غذائهم وغذاء حيواناتهم على ما ينمو في بيئة الصحراء من نباتات. وقد لجأوا الى أنواع منها للتداوي من أمراضهم، وما زال البعض يستعملون هذه النباتات، مثل العشرق والسنا والاذخر والحنظل والجعدة والشيح والكمأة (الفقع).
محميات طبيعية
أقيمت في قطر محميات طبيعية تعيش فيها أنواع نادرة تتكاثر بعيداً عن الضوضاء وتدخلات الانسان. وهناك ست محميات برية، اضافة الى عدد من المزارع التي تربى فيها أنواع من الحيوانات الفطرية. كما أنشئت محميات ساحلية تحوي موائل للطيور المحلية والمهاجرة والسلاحف البحرية النادرة، اضافة الى النباتات الساحلية كأشجار القرم التي تعتبر من أهم النظم البيئية المهددة بالزوال.
في وسط شبه الجزيرة القطرية تقع محمية الشحانية، على بعد حوالى 25 كيلومتراً من العاصمة الدوحة. ويربى فيها قطيع من المها العربي وقطيع من الريم، اضافة الى الغزال الأدمي والوعل النوبي والأيل الأسمر الايراني. ورأس عشيرج محمية في الشمال الغربي تقدر مساحتها بحوالى 12 كيلومتراً مربعاً. أرضها خصبة، تتخللها بعض الأودية ويعيش فيها قطيع من الغزلان يضم عدة أنواع كانت تعيش في شبه الجزيرة العربية، أهمها الريم والعفري والأدمي.
وأنشئت في جنوب البلاد محمية حديثة خصصت لتربية المها العربي أو الوضيحي. وأقيمت بالقرب منها مزارع لانتاج الأعلاف المستخدمة في تغذية الغزلان. وفي الجنوب الغربي محمية المسجية للمها والغزلان، وتبلغ مساحتها ثمانية كيلومترات مربعة. وتمتاز بموقع فريد من الأرض المستوية التي تحيط بها التلال من ثلاثة جوانب. وتنتشر فيها أنواع من الحشائش والنباتات الصحراوية. وفي منطقة تنبك، التي تبعد عن الدوحة حوالى 45 كيلومتراً الى الشمال، تقع محمية الاستزراع البري، وتزيد مساحتها على 14 ألف متر مربع. وهي من ضمن مشروع لزراعة النباتات البرية وحمايتها.
وتتوزع غابات القرم في محميتين رئيسيتين، الأولى في الذخيرة التي تشغل حوالى كيلومترين مربعين، وهي المنطقة الأم لنباتات القرم في قطر، لأنها الأقدم والأكثر كثافة. أما الثانية فهي منطقة الخور التي تقع في رأس المطبخ وتشغل حوالى كيلومتر مربع.
وفي الخليج العربي، على بعد 96 كيلومتراً شمال شرق الدوحة، تقع جزيرة حالول، وفيها تلال ترتفع 55 متراً فوق سطح البحر. وهي ملاذ للطيور البحرية. وقد نقل الى هذه الجزيرة المعزولة قطيع من الغزلان العربية النادرة كالريم والوعل الجبلي. ومعظم الجزر القطرية هي بمثابة محميات للأحياء البحرية والنباتات والطيور المستوطنة والمهاجرة.
وهناك مزارع خاصة تملكها بعض الأسر القطرية ترقى لأن تكون محميات طبيعية. ومنها مزرعة الوبرة التي انشئت عام 1960 على مساحة 22 كيلومتراً مربعاً. وفيها أنواع من الغزلان والمها وحيوانات برية عشبية أخرى، ومنها سلالات نادرة مثل الغزال السعودي وأنواع أخرى مسجلة عالمياً على انها معرضة للانقراض.
وتعتبر مياه الخليج عموماً، وحول شبه الجزيرة القطرية خصوصاً، بيئة بحرية فريدة ومتميزة بحكم الموقع والمناخ السائد في المنطقة وطبيعة القاع والأعماق، وتنفرد هذه البيئة بخصائص وصفات طبيعية وكيميائية وبيولوجية تنعكس على الحياة البحرية، أهمها قدرة تحمل عالية للمتغيرات الكبيرة في درجة حرارة المياه، ودرجة الملوحة على مدار العام. لذلك تزخر المياه القطرية بأنواع عديدة من الاسماك والقشريات والرخويات التي تأقلمت مع هذه الاحوال المناخية. ومن الاسماك الأكثر شهرة للاستهلاك المحلي الهامور الذي يسكن القاع في المناطق الصخرية والشعاب المرجانية. ومن أنواع القشريات القياقب ومنها القيقب الأزرق الشهير بلحمه اللذيذ، والروبيان الذي تتركز أماكن صيده حول جزيرة السالقية.
تحديات بيئية
الثروة الناتجة عن عائدات النفط في قطر صاحبتها تغيرات اجتماعية واقتصادية انعكس أثرها على التركيب السكاني والنشاطات البشرية. وهذا أثر في البيئة ومكوناتها. وتتركز استراتيجية التنمية الصناعية على أساس التصنيع من أجل التصدير. والانجازات التي تحققت في هذا المجال، وخاصة في مجالات الأسمدة الكيميائية والنيتروكيميائيات والحديد والصلب والاسمنت وتكرير النفط وتسييل الغاز الطبيعي، أفرزت نفايات وملوثات ساهمت بالاخلال بالنظم البيئية. وانعكس التطور الاقتصادي والاجتماعي تزايداً مستمراً في الاستهلاك. وفضلاً عن ازدياد النفايات الصلبة التي تجد طريقها الى المطامر والمحارق، باتت معظم المناطق في بر قطر مطروقة بالسيارات، مما ساهم في تعرية التربة وتراجع الكساء النباتي وتدهور مصادر المياه.
وقد تم تطوير حقول النفط بعد توقيع اتفاقيات المشاركة واقتسام الانتاج مع شركات عالمية، فتضاعفت انتاجيتها منذ ذلك الحين. وهناك تخطيط لتوسيع الطاقة الانتاجية لحقول أخرى، وتعتبر حقول الغاز في شمال قطر، والتي يبلغ احتياط الغاز فيها حوالى 500 تريليون قدم مكعب، من أكبر حقول الغاز الطبيعي في العالم.
مسيعيد هي المدينة الصناعية الأولى في قطر، وتقع على الساحل الشرقي الجنوبي، وفيها ميناء رئيسي لتصدير النفط وميناء تجاري. وتتركز فيها مصانع الحديد والصلب وتسييل الغاز الطبيعي والكيميائيات والأسمدة ومصافي تكرير النفط. أما رأس لفان، المدينة الصناعية الأخرى، ففيها ميناء ضخم ومصانع لتسييل الغاز. ويتم عبرها تصدير منتجات الغاز من حقول الشمال الى دول العالم.
لا شك أن عمليات التنقيب عن النفط ونقله وتصديره، وتنامي النشاطات الصناعية، فضلاً عن تصريف مياه الصرف الصحي وتزايد النفايات الصلبة، تطرح مسألة تلوث البيئة البرية والبحرية. وهذا يقتضي مزيداً من الجهود المحلية والاقليمية للحد من أخطارها. وما ظاهرة النفوق الكبير للأسماك في جون الكويت صيف 2001 الا أحد الامثلة على هذه الأخطار التي يجدر درسها وأخذ العبر منها.
كادر
محمية القرم في مدينة رأس لفان الصناعية
عام 1988، باشرت وزارة الشؤون البلدية والزراعة في قطر حملة لزراعة نبات القرم (المنغروف أو الشورى). وتم اختيار الجزء الشمالي الشرقي من مدينة رأس لفان الصناعية كموقع رئيسي للتشجير، نظراً لتعرضه للمد والجزر، ما يخلق ظروفاً ملائمة لنمو نباتات القرم وازدهارها، مثل توافر المسطحات الطينية والتربة الغنية بالكالسيوم والبيكربونات والأرض السبخة الملحية. وفي العام 1995 بلغ عدد شجيرات القرم حوالى 2000. وبعدئذ تولت ادارة مدينة رأس لفان الصناعية تنفيذ برنامج للحفاظ على نباتات القرم الموجودة وزراعة غراس وبذور اضافية. وأسفرت تلك الجهود عن زيادة ملحوظة في أعدادها لتصل حالياً الى أكثر من عشرة آلاف شجيرة.
يشكل نبات القرم بيئة بحرية ممتازة لاجتذاب أنواع أخرى من نباتات الأرض السبخة التي تنمو على حدود موقع القرم، مثل العجرم والقطفا والهرم، ما يوفر ملاذاً للأحياء البرية والبحرية، بما فيها الأسماك والقشريات والزواحف والقوارض والحشرات. والقرم من النباتات الدائمة الخضرة، ويصل ارتفاعه الى خمسة أمتار. وهو يؤدي دوراً هاماً في تثبيت المناطق الساحلية، ويقلل من الطفيليات التي تتواجد فيها، ويعمل على تخفيف حدة العواصف والرياح، ويساهم في انتاج بعض المواد الغذائية وتوفير الاخشاب وعلف الماشية، علاوة على توفير أرضية تساعد على تكاثر أنواع عديدة من الأسماك والمحار. وله بعض الخصائص الطبية، حيث يستخدم كعلاج شعبي.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.