Saturday 20 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
عبد الهادي النجار مشكلة النفايات الإيطالية | 18/07/2016
لم تكد الضجة التي رافقت مشكلة تصدير النفايات من لبنان تهدأ حتى طفت على السطح مشكلة استيراد المخلفات إلى المغرب. وفي الحالتين، أدّت قضايا تتصل بمعالجة النفايات إلى جدل واسع على المستوى الوطني، وتحوّلت إلى أزمة بين قسم معتبر من الناشطين البيئيين والجهات الرسمية المعنية بحماية البيئة في كلا البلدين.
 
مشكلة إدارة النفايات الصلبة في لبنان ظهرت للعلن بعد إغلاق المطمر الذي يستقبل نفايات بيروت وجبل لبنان من دون وجود مطمر بديل، وقد أدى ذلك إلى تراكم النفايات في الشوارع خلال النصف الثاني من عام 2015.
 
كان الخيار الذي سارت به الحكومة اللبنانية هو تصدير النفايات لمعالجتها وطمرها خارج البلاد، وقد فشل هذا الخيار لعدة اعتبارات أهمها تعذّر الاتفاق مع بلد يستقبل هذه النفايات. ومع غياب البدائل الواقعية، قامت الحكومة باعتماد ترتيبات مؤقتة للتخلص من النفايات لحين الوصول إلى حلول أكثر استدامة تشتمل على تطبيق الإدارة المتكاملة للنفايات.
 
في المغرب، كانت المشكلة بالاتجاه المعاكس تماماً، إذ أعطت وزارة البيئة المغربية موافقة مبدئية على استيراد نفايات إيطالية مكوّنة من مخلفات الإطارات والبلاستيك لحرقها في أفران معامل الإسمنت كمصدر للطاقة، وقد رهنت الوزارة موافقتها بإجراء الاختبارات على هذه المخلفات في بلد المصدر وعند وصولها إلى المغرب للتحقق من سلامتها وعدم احتوائها على مكونات خطرة.
 
لاقت هذه الصفقة معارضة واسعة حيث اعتبرها عدد من الناشطين مخالفة لاتفاقية بازل الخاصة بنقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود، وذلك لأن هذا النوع من النفايات حسب تقديرهم يحمل صفة الخطورة استناداً إلى التصنيف H4.1، أي هي مواد صلبة قابلة للاشتعال بموجب المرفق الثالث من اتفاقية بازل. وبالتالي من غير الشرعي أن تقوم إيطاليا، التي هي عضو في منظمة التعاون الاقتصادي، بتصدير نفايات خطرة إلى بلد خارج المنظمة كالمغرب، حسب ما تتضمنه نصوص اتفاقية بازل.
 
هذه المقاربة التي تبنّاها هؤلاء الناشطون لرفض هذه الصفقة غير دقيقة، إذ يوجد فارق كبير بين أن تكون مادة ما قابلة للاحتراق Combustible، كما هي حال المواد المطاطية والبلاستيكية مثلاً، وأن تكون قابلة للاشتعال Flammable كالكبريت وبودرة بعض المعادن والفلزات القلوية مثل الصوديوم والبوتاسيوم وغيرها.
 
حسب المرفق التاسع من اتفاقية بازل، تقع مخلفات الإطارات ضمن تصنيف النفايات المطاطية B3040، أما مخلفات البلاستيك فتقع ضمن تصنيف النفايات اللدائنية الصلبة B3010، وحيث أن هدف تصديرها هو الاستفادة منها كمصدر للطاقة، فهي لا تعد نفايات خطرة ما لم تكن ملوثة بنفايات خطرة أخرى كالزيوت وغيرها.
 
يكفي الاطلاع على المبادئ التوجيهية لاجتماعات الدول الأطراف في اتفاقية بازل، والصادرة في أكثر من دليل، لندرك تماماً أن الموافقة المبدئية التي أعطتها وزارة البيئة المغربية تنسجم مع اتفاقية بازل شريطة الالتزام بتطبيق قواعد الإدارة البيئية السليمة، وفي ذات الوقت فإن أسلوب حرق هذه المخلفات ضمن أفران الإسمنت مقبول من الناحية البيئية شريطة تأمين معالجة سليمة للانبعاثات من مداخن الأفران.
 
المشكلة في صفقة النفايات الإيطالية ليست مشكلة تشريعية أو بيئية بل هي مشكلة ثقة، وأنا هنا لا أتحدث عن الثقة في قدرة وزارة البيئة المغربية على فرض تطبيق الإدارة البيئية السليمة، لهذا النوع من النفايات ولهذا الأسلوب من المعالجة، فمنظمات المجتمع المدني المغربية هي الأنسب لتقييم ذلك، ولكن أتحدث عن الثقة في الجانب الآخر الذي يشتهر بين العامّة بثلاثة أشياء هي كرة القدم والبيتزا والمافيا.
 
ربما لا يوجد تنظيم في العالم أثار مشاكل دولية وأحرج حكومة بلده كما فعلت مافيا النفايات الإيطالية. الجرائم التي ارتكبتها هذه المافيا كثيرة جداً، وقائمة جرائمها طويلة للغاية تشمل العديد من الدول، مما استدعى تأسيس منظمة أهلية إيطالية تدعى "ليغامبينتي" وضعت جل اهتمامها في كشف جرائمها البيئية والتصدي لنشاطاتها غير الشرعية محلياً وعالمياً.
 
من يطلع على الطرق الملتوية الخاصة بمافيا النفايات الإيطالية، التي سبق لها أن ورطت دولاً عربية بنفاياتها الخطرة، لا بد له أن يشعر بالقلق تجاه صفقة النفايات هذه، وأن يتفهم تماماً مخاوف الناشطين المغاربة حولها، مهما كانت النوايا حسنة من جميع أطراف هذه الصفقة. ولعل هذه المخاوف، لا الوقائع، هي ما دفع الحكومة المغربية في نهاية الأمر لاتخاذ قرار حاسم بوقف استيراد النفايات من الخارج، مستجيبة بذلك للاحتجاجات والمطالب الشعبية.
 
ومن المفيد لتبيان الحقيقة من وراء هذه الصفقة معرفة ما اذا كان مستوردو النفايات في المغرب دفعوا ثمنها، أم انهم قبضوا أموالاً من الإيطاليين لاستيرادها. فإذا كان الجواب في الفرضية الثانية، وهذا هو الأرجح، نفهم تماماً شكوك الجهات المعترضة حول الدافع الفعلي لدفع أموال للتخلص من "بضائع" من المفترض أنها مفيدة وذات قيمة. وإذا كانت حقيقة كذلك، فلماذا لا يتم استخدامها في بلد المنشأ؟
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.