فُوجِئتُ بمزيد من الأسف بخبر وفاة الصديق العزيز والزميل الوفي الدكتور محمود الصلح. وأخذتُ أستعيد الذكريات التي تَعرَّفتُ فيها على الفقيد خلال اللقاءات معه في مؤتمرات إقليمية ودولية تنَاوَلَتْ بصورة خاصة قضايا إنمائية وبيئية، وفي مقدمتها المتعلقة بالتنمية الزراعية والأمن الغذائي. ومن خلال تلك اللقاءات وتبادل الرأي حول القضايا المذكورة، كنت سعيداً أن تتوثق معرفتي بالدكتور الصلح، وأن أعرف عن كثب أنني أمام صديق يتمتع بصفات حميدة مميزة، تتسم بعلمه الواسع ومعرفته الدقيقة في أمور اقتصادية واجتماعية وبيئية، وبصورة خاصة في قطاع الزراعة والبحوث العملية والتطبيقية. وكان اهتمامه منصباً على النهوض بذلك القطاع، نظراً لأهميته في توفير الغذاء وتأمينه للبشرية جمعاء، خصوصاً في المنطقة العربية، التي سعت ولاتزال تبذل جهوداً في سبيل تعزيز أمنها الغذائي. وكان الدكتور الصلح لا يدخر جهداً في سبيل المساهمة في مساندة البلدان العربية وغيرها من الدول النامية في تحقيق ذلك الهدف المنشود.
وقد سنحت لي الظروف أن أتعرف عن كثب على جهود الدكتور الصلح، من خلال زيارتي في بعثة من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، بهدف تعزيز التعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة، حينما كان مركزه في حلب سابقاً. وقد أطلعني الدكتور الصلح، الذي كان المدير العام للمركز، على النشاط الواسع والكثيف الذي كان يقوم به في سبيل تطوير قطاع الزراعة في الدول العربية وغيرها من الدول النامية، من خلال البحوث الزراعية المتنوعة الهادفة إلى المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي في المنطقة العربية وغيرها.
ومع مرور الوقت وازدياد معرفتي بقدرات الدكتور الصلح وتفانيه في العمل لتحقيق الأهداف المرجوة، كنت سعيداً بتعاونه مع المنتدى العربي للبيئة والتنمية والمشاركة في إعداد فصول لنشرها في تقاريره السنوية، فضلاً عن المساهمة في الندوات والمؤتمرات التي كان ينظمها.
وتبقى الانجازات التي حققها الدكتور الصلح مرجعاً ينهل منه الباحثون في سبيل تعزيز المعرفة وأنشطة البحوث الزراعية، لكي تستمر المسيرة نحو تحقيق الأهداف المنشودة، التي سعى لها الدكتور الصلح بتعاونه الوثيق مع المهتمين بذلك، مهتدياً في ذلك بدماثة أخلاقه وإخلاصه في العمل واحترامه الرأي الآخر.
التعازي الحارة إلى عائلة الفقيد وأهله وأصدقائه.
الدكتور عبد الكريم صادق، عضو مجلس الأمناء، المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)
|