Sunday 15 Jun 2025 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
محمد التفراوتي صوت مَلكي أفريقي في قمة المحيطات | 10/06/2025
في نيس، وعلى هامش مؤتمر الأمم المتحدة حول المحيطات، عَلَت من جديد أصوات القلق العالمي بشأن مستقبل محيطاتنا المنهكة. وبين اتفاقيات رتّبت بعناية وكلمات مؤثرة من شخصيات دولية، جاءت الرسالة الملكية للعاهل المغربي الملك محمد السادس، الموجهة إلى قمة "أفريقيا من أجل المحيط"، لتضع حداً للخطابات الإنشائية وتقدم ما هو أندر: بوصلة أفريقية جديدة في الحوكمة البحرية العالمية.
 
الرسالة التي تَلَتها الأميرة للاحسناء، بنَفَسِها الاستراتيجي ومضامينها الجريئة، لم تكن مجاملة دبلوماسية، بل صيحة وعي أفريقي في لحظة تتطلب أكثر من الالتزامات الشكلية. لقد دَعت إلى تجاوز منطق التبعية البيئية، رافضة أن تظل أفريقيا مجرد ساحة تجريب لمقاربات مستوردة، لا تراعي خصوصيتها وهشاشتها، وإمكاناتها.
 
إنه توجه واضح، من الوعي إلى الفعل ومن الخطاب إلى السيادة. فحين يتحدث المغرب، بلسان ملكه، عن ضرورة تحرير القارة من التبعية الزرقاء، فإنه يطرح سؤالاً جوهرياً على الأفارقة كافة: هل نملك إرادة الإمساك بزمام ثرواتنا البحرية؟
 
الأطلسي ليس محيطاً فقط، بل مشروعاً قارياً. في هذا السياق، تبرز المبادرة الأطلسية المغربية كتحرك غير مسبوق لتأطير التعاون البحري الأفريقي. هي ليست فقط مبادرة بيئية، بل مشروع قاري يعيد تعريف مفهوم الأمن الأزرق في القارة. فالمغرب لا يدعو فقط لحماية التنوُّع البحري، بل لتأمينه، وتنميته، واستثماره بشكل منصف.
 
هذه المبادرة، التي تضع الأطلسي الإفريقي في صميم دينامية الجنوب-الجنوب، تتجاوز منطق المساعدات أو الشراكات المشروطة. إنها عرض سيادي للتعاون المبني على الندية وتقاسم الخبرة والمسؤولية.
 
ولأن المطلوب أن يصبح المحيط قضية عدالة، فالقوة الحقيقية في الرسالة الملكية تكمن في ربطها العميق بين قضايا المحيط والعدالة المناخية والسيادة الغذائية. لم يعد ممكنا فصل البيئة عن التنمية، ولا المحيط عن السيادة، ولا التعاون الدولي عن العدالة. ولهذا فإن الرسالة لم تكتف بالدعوة إلى الالتزام بمعاهدة التنوُّع البيولوجي خارج الحدود الوطنية، بل طالبت بتحويل هذه الالتزامات إلى واقع ملموس من خلال إنشاء مناطق بحرية محمية وتعزيز القدرات الوطنية وإطلاق آليات تمويل موجهة إلى أفريقيا.
 
إن ما حدث في نيس، مع تسجيل 55 دولة مصادقتها على معاهدة أعالي البحار، يمثّل تقدماً دولياً بلا شك. لكن ما حملته الرسالة الملكية يتجاوز ذلك. إنها إعلان نوايا أفريقي جديد، يرسم معالم استقلال بحري قادم. والأمر الآن لا يتعلق فقط بانتظار دخول الاتفاقيات حيز التنفيذ، بل بمدى استعداد أفريقيا لصياغة أجندتها الزرقاء بإرادة ووضوح وجرأة.
 
لقد آن الأوان لأن ترفض أفريقيا أن تبقى ساحة يتفاوض فيها الآخرون على محيطاتها، بل أن تكون الطرف الذي يملك أوراق اللعبة البحرية، من أعماقها إلى قمم قراراتها.
 
 
محمد التفراوتي صحافي وناشط بيئي مغربي
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.