Wednesday 15 May 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
منتدى البيئة
 
محمد الخياط دعم الطاقة: اتحاد المصطلح واختلاف المعنى | 11/02/2014

يرتبك متخذو القرار عادة عند قراءة كلمة "دعم"، فهي تعني بالنسبة إليهم تدبير موارد مالية لتغطية فجوة سعرية لمنتج ما يباع بأقل من كلفته الحقيقية. على الجانب الآخر، يتحفز المستهلكون ويتأهبون للاحتجاج عند قراءة الكلمة ذاتها في تصريحات رسمية، إذ تعني بالنسبة إليهم نية الحكومة تقليص الدعم، مما يعني مطالبتهم كمواطنين بدفع مبالغ مالية أكبر نظير الحصول على الخدمة ذاتها. وبين هاتين النظرتين يتآكل الاقتصاد الوطني، وتنخفض جودة الخدمات، ليتحول كثير منها الى عناوين ليس أكثر.

وبالقياس بين المنتجات المدعومة، تستحوذ "الطاقة" على لقب الأكثر دعماً. فقد قفز إجمالي الدعم العالمي خلال خمس سنوات من 342 بليون دولار عام 2007 إلى 523 بليون دولار عام 2012، جاء معظمها من ميزانيات البلدان النامية بهدف دعم أنظمتها التقليدية لإنتاج الطاقة.

في هذا الصدد، تعد المنطقة العربية الأبرز على مستوى العالم في دعم الطاقة، بنسبة تصل الى 45 في المئة من إجمالي الدعم العالمي. ومع تفاوت نسب الدعم بين بلدان المنطقة، تتصدر الكويت والسعودية وقطر مشهد دعم أسعار الوقود والكهرباء بأكثر من ثلثي كلفة إنتاج كل منها، ليقترن الدعم بسفه الاستهلاك وزيادة معدلات حرق الوقود، وبالتالي التأثيرات السلبية على البيئة. ومن حيث المفارقات، لا يزيد المتوسط العالمي لنسبة الدعم مقاساً الى إجمالي الناتج المحلي عن 2 في المئة، في حين يصل نظيره في المنطقة العربية إلى 20 في المئة، أي عشرة أضعاف المعدل العالمي. فبات التعامل معه يستدعي معالجات بالغة الحساسية كونه أصبح مرضاً مزمناً يتطلب البدء الفوري في العلاج، يقيناً أن كلفة التأخر أعلى من كلفة البدء، كما يثير الكثير من التساؤلات حول إمكانية التخلص منه تدريجياً خلال أمد قصير، ناهيك عن بعض التصورات التي تدعو إلى إزالته نهائياً.

وللإنصاف، لا يتقصر الدعم على دول المنطقة، بل يمتد الى أنحاء كثيرة من العالم. فدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تدفع في المتوسط نحو 14 في المئة من إجمالي الدعم العالمي للطاقة، أي 72,5 بليون دولار، تتصدرها الولايات المتحدة بدعم قدره 13,1 بليون دولار وبريطانيا بدعم قدره 6,6 بليون دولار عام 2011.

ومع هذا، فالفارق بين منهجي الدعم في الدول العربية والدول المتقدمة شاسع جداً. ففي المنطقة، يعني بيع البنزين والسولار وسائر أنواع الوقود، وكذلك الكهرباء، بأدنى من كلفة الإنتاج. أما في الدول المتقدمة، فكل من يريد الحصول على ليتر وقود، أيا يكن نوعه، عليه أن يدفع سعره الحقيقي كاملاً غير منقوص. فالدعم لدى الدول الصناعية يعني إقرار بعض الإعفاءات الضريبية على استخدام الوقود الأنظف أو الوقود الهجين (الإيثانول مع البنزين) كما في البرازيل والولايات المتحدة، كما يشمل الدعم المالي لأبحاث الطاقة، مثال ذلك تقديم نصف بليون دولار لشركة "تسلا" الأميركية لتصنيع سيارات كهربائية، ومثلها لأبحاث الوقود المنخفضة انبعاثات الكربون.

يمتد نطاق الدعم أيضاً إلى أبحاث تطوير إنتاجية آبار البترول والغاز الطبيعي، والعمل على تحسين إجراءات التكرير والنقل والتخزين لكلا الخامين ومشتقاتهما. إلى جانب ذلك، ينمو الدعم المالي المخصص لأبحاث حجز الكربون وتخزينه وإعادة استخدامه في دول الوكالة الدولية للطاقة عاماً بعد عام، وكذلك أبحاث استخدامات الطاقة النووية للأغراض المدنية السلمية.

وتساهم الطاقة المتجددة حالياً بنحو 5 في المئة من جمالي القدرات العالمية، وقرابة 3,4 في المئة من الطاقة الكهربائية المولدة، كما أن نصف القدرات المركبة المضافة عام 2012 كانت لتقنيات متجددة. إلا أنها ما زالت تحتاج إلى دعم على مستوى البحث والتطوير من جهة، وأيضاً التسويق من خلال سياسات مبتكرة كتعرفة التغذية. فهذا يتيح للمستهلكين إنشاء وحدات خلايا فوتوفولطية على سطوح منازلهم وبيع الكهرباء المنتجة لمرفق الكهرباء بسعر جاذب، يحقق عائدات متميزة تكفل تحقيق طفرة في السوق المحلي في الدول التي تتبنى هذه الآلية، مع الأخذ في الاعتبار إمكانية تطبيق آلية تعرفة التغذية لمختلف أنواع الطاقة المتجددة.

من جهة أخرى، يبدو السوق العربي مؤهلاً لرفع الدعم تدريجياً. ففي استطلاع للرأي أجرته مجلة "البيئة والتنمية" خلال كانون الأول (ديسمبر) 2013 على موقعها الإلكتروني حول السؤال الآتي: "هل تؤيد الرفع التدريجي للدعم عن أسعار الكهرباء والبنزين، مع تقديم خدمات اجتماعية في المقابل؟ أبدى 74 في المئة من المشاركين موافقتهم على هذا الإجراء. بقي أن نعرف أن الموقع الإلكتروني للمجلة يزوره شهرياً نحو ثلث مليون زائر تجمعهم هموم البيئة والتنمية، وهو ما يفسر ارتفاع نسبة الموافقة مع هذه الآلية التي قد تتأثر بشكل ملحوظ عند دمج أطياف أخرى من المجتمع في الاستطلاع، أي عندما يدرك الكثير من المواطنين العرب أنهم مطالبون بدفع مبالغ مالية أكبر نظير الخدمة ذاتها.

لتدبير ميزانيات الدعم في الدول المتقدمة، يلتزم مستهلك الكهرباء في ألمانيا بدفع 2 سنت يورو على كل كيلوواط ساعة يتسهلكه، توضع في صندوق دعم الطاقة المتجددة. هكذا تجمع ألمانيا 13 بليون يورو سنوياً تدفع منها قيمة شراء الطاقة المتجددة بنظام تعرفة الغذية، وتغطية الإعفاءات الضريبية، وأيضاً ميزانيات البحث والتطوير في مجالات الطاقة المختلفة. بقي أن نعرف أن الحكومة الألمانية رفعت هذه القيمة لتصبح 5 سنت يورو لكل كيلوواط ساعة منذ كانون الثاني (يناير) 2013، ليرتفع رصيد صندوق الدعم بأكثر من الضعف. هذا يعني أن المستهلك شريك رئيسي في عملية الدعم والتطوير، وبما لا يؤثر سلباً على ميزانيات الحكومة، ويتجنب تدهور الخدمة وتحولها إلى عنوان أكثر منه خدمة حقيقية.

إذاً، الدعم ضرورة لا غنى عنها في معظم دول العالم، إلا أن مفهومه يختلف من دولة إلى أخرى، سواء على مستوى التطبيق أو الأعباء المالية. فالغرض من الدعم ليس فقط مراعاة البعد الاجتماعي لمحدودي الدخل، بل المساعدة على إحداث طفرة في التقنيات تؤدي الى زيادة الإنتاجية ورفع الكفاءة وتقليل انبعاثات الكربون وانتشار التقنيات الحديثة، تحت غطاء مجتمعي يشارك في التمويل وتحمل الأعباء، وأيضاً جني ثمار الدعم الإيجابي. فالتوسع في دعم الوقود يعني مباشرة الدعوة إلى مزيد من تلوث البيئة.

الدكتور محمد مصطفى الخياط مدير الشؤون التقنية في هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر.

 

 

 

 

 

References

- IEA, OPEC, OECD, and the World Bank (16 June 2010), “Analysis of the scope of Energy Subsidies and Suggestions for the G-20 initiative”.

- Shelagh Whitly (Nov. 2013), “Time to Change the Game: Fossil Fuel Subsidies and Climate”, Overseas Development Institute, ODI.

- Oil Change International (2012).

- IEA, OPEC, OECD, and the World Bank (16 June 2010), “Analysis of the scope of Energy Subsidies and Suggestions for the G-20 initiative”.

- REN 21 (2012), “Renewables 2013 Global Status Report”.

- محمد مصطفى الخياط (2011)، "هيكيلية قوانين الطاقة" مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، رقم مسلسل:167، ISBN: 978-9948-14-462-5.

- مجلة البيئة والتنمية (كانون الثاني – شباط / يناير - فبراير 2014)، العدد 190-191، المجلد 19.

 

 

 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.