|  
                                      يحلو لبعض الكتَّاب، من المشتغلين بالمستقبليات، أن يطلع علينا من حين إلى آخر برؤى للمستقبل القريب، لا يزيد مداها عن ربع قرن. فلا أحد يجرؤ على تخطي هذا الفاصل الزمني القصير، إذ إن العالم يتغير – بلا مبالغة – في كل صباح.   في ما يلي ملخص لبعض من هذه الرؤى المستقبلية، نترك لقرائنا الحكم بدرجة معقوليتها، وللتاريخ تقرير مصداقيتها:   1. سيحقق المزارعون، في المستقبل المنظور، أرباحاً من الهواء أكثر مما تحققه لهم زراعة الأرض. فالمساحة المحدودة التي يزرعونها بمحصول ما، يجنون من ورائه ما قيمته مئة دولار، يمكنهم أن يقيموا فيها مولداً كهربائياً يعمل بطاقة الرياح، ينتج من الطاقة الكهربائية ما يمكن بيعه لمرفق توزيع الكهرباء بألفي دولار.   2. تتزايد احتمالات وقوع الكوارث الطبيعية، وتفاقم حدتها، كنتيجة لأعمال ردم وتجفيف الأراضي الرطبة أو المستنقعات. فأنشطة التعمير ومشاريع التنمية لا تتوقف عن الزحف على هذه الأراضي، وقد التهمت حتى الآن نصف مساحتها في العالم، والمتوقع أن تأتي على نصف المتبقي منها بحلول سنة 2080. والثابت أن الأراضي الرطبة نظام بيئي له أهميته الكبيرة في إغناء التنوع الأحيائي، بالإضافة إلى تأثيره البالغ في رسم الملامح المستقرة للمناخ الأرضي. فإن حل بهذا النظام فساد، تدهورت أحوال المناخ، ووقعت كوارث طبيعية، مثل موجات القحط واضطراب أنظمة درجة حرارة الهواء الجوي وحوادث الفيضان، بالإضافة إلى تغير دورات الأعاصير وتزايد حدتها.   3. سيكون حلُّ كثير من المشاكل السلوكية بالتغذية الجيدة. وسيكون للمدارس دورها الأكبر في هذا المجال، بتقديم وجبات من الغذاء الصحي للتلاميذ، فلا يملأون بطونهم بالأطعمة القليلة القيمة الغذائية، التي يُعتقــد أنها أحد الأسباب الأساسية الدافعة للسلوكيات العنيفة.   4. ستتزايد حدة مشكلة نقص الموارد المائية، وستعاني منها مناطق أكثر في العالم، خلال العقدين المقبلين. وستكون المعاناة على أشدها في المدن الكبيرة في البلدان النامية.   5. ستكون منازل المستقبل أفضل وأصح، من وجهة نظر الاعتبارات البيئية، إذ ستعطينا التكنولوجيا أجهزة متطورة لتهوئة حجراتنا بصورة أفضل، ولتنقية مياه الشرب، ولحماية مأكولاتنا من البكتيريا. كما أن طعام المستقبل سيأتي من محاصيل زراعية تم تعديلها وراثياً، لتقاوم الفساد، وأيضاً لتكون بمثابة "طعوم" ضد الأمراض، ترفع من قدرة أجسامنا على مقاومتها.   6. مهــنة جــديـــدة سيشــــهد ربع القـــــــرن الحـــــــالي بزوغ نجمــهـــــا، هي "العمالة البيئية"، بهدف ترسيخ اقتصاد بيئي يتمتع بعنصـر الاستدامة، فيستجيب لاحتياجات الحاضر وعينه على الأجيال التالية، يضمن لها نصيبها من الموارد الطبيعية وحقها في العيش في بيئة نظيفة. وسوف تقوم العمالة البيئية على استثمارات كبيرة في أعمال مثل: الاستزراع السمكي، صناعة المحركات، المزارع المنتجة لطاقة الرياح، استخلاص الوقود الهيدروجيني، خلايا الطاقة الشمسية، غرس الأشجار، بالإضافة إلى "صناعة قديمة" سيشهد المستقبل القريب استعادة رواجها، هي صناعة الدرَّاجـــات.       |