|  
                                      بدأ عصر النانو تكنولوجيا في أوائل التسعينات، حين تمكن الباحثون في شركة IBM من صنع أصغر إعلان في العالم، مستخدمين 35 ذرّة من عنصر الزينون في كتابة اسم الشركة ذي الحروف الثلاثة على واجهة مقر فرعها في العاصمة السويسرية.   فهل سيكون للنانو تكنولوجيا دور في رسم صورة طعام المستقبل؟ هل سيأكل البشر في المستقبل "نانو طعام"؟   تقول توقعات بأن صناعات المأكولات التي لن تعتمد على النانو تكنولوجيا لن يكتب لها النجاح، ولن يقبل الناس على منتجاتها، وبأن النانو تكنولوجيا ستغير قريباً أنظمةَ إنتاج الطعام التقليدية على نحو يجعل المنتجات رخيصة الثمن وأكثر أماناً، ويطيل زمن صلاحيتها للاستهلاك، ويقلل من كلفة الإنتاج بنسب تتراوح بين 40 و60 في المئة.   إننا نعرف الآن نظام إيصال الطلبات إلى المنازل، غير أن الطلبات من أنواع الغذاء المختلفة سوف توصل في المستقبل إلى الخلايا... خلايا أنسجة الجسم البشري، مباشرة. إن خلاصات الأطعمة الاعتيادية التي نتناولها تصل إلى الخلايا، بعد أن تُمضغ في الفم وتُهضم في المعدة وتُمتص في الأمعاء ليحملها الدم إلى الخلايا. أما أنواع النانو طعام فستكون عبارة عن جزيئات، توصلها إلى الخلايا "مركبات" عبارة عن جزيئات مختلفة ذات خواص طبيعية وكيميائية تمكنها من حمل الطلبات من غذاء أو دواء، وتتحرك بها متوجهة إلى خلايا محددة في نسيج الجسم البشري، حيث تحرر أحمالها لتستفيد بها تلك الخلايا دون غيرها، فيتحقق الغرض الغذائي أو العلاجي.   لا يزال الرأي العام العالمي يتعامل مع التكنولوجيات المستحدثة بحذر، إلى أن يتأكد من أنها آمنة فتزول تحفظاته. ويقترح خبراء أن تقوم مؤسسات المجتمع المدني بالدور الأساسي في تقديم منتجات النانو طعام للناس، وألاَّ يتدخل العلماء بأحاديثهم التي يصعب على المواطن العادي استيعابها فلا يتعاطف معها. فالشروحات العلمية لفكرة النانو طعام ليست "سهلة الهضم"، وقد تستعصي على من لا يملكون خلفية من علوم الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا. وعلى من يخاطب الرأي العام في هذا الشأن أن يتجنب الخوض في تفاصيل علمية، ويركز على التطبيقات والفوائد.   لا تزال تكنولوجيا إنتاج النانو طعام في أطوارها الأولى، وقد تكون ثمة تأثيرات جانبية لمنتجاتها، بل إنها قد تحمل في طياتها، أو قد يترتب على استهلاكها، مواد ضـارة تعجز وسائل التحليل المعروفة حالياً عن رصدها، لأنها مصممة للتعامل مع المواد في مركباتها الأكبر حجماً من الـنانو. من هنـا، ننتظر من العلماء أن يسعوا للتوصل إلى أجهزة مختبرية حديثة، مناسبة لإجراء اختبارات للتأكد من أمان منتجات النانو طعام وصلاحيتها للاستهلاك الآدمي. وإلى أن تظهر تلك الأجهزة، ستظل تلك المنتجات تخضع لفحوصات مدققة وتجارب عديدة تستغرق وقتا طويلاً، قبل الاطمئنان إليها من قبل الإدارات الصحية ومنحها شهادات الصلاحية، لنجدها على الرفوف في أسواقنا.     |