|  
                                      طالعنا في الأنباء، منذ زمن قصير، خبراً مفاده أن برلمانيين عربيين احتدّ أسلوبُ حوارهما حول قضية ساخنة، وانتهى الأمر بأن انقضّ أحدُهما على زميله وقضم أذنه بأسنانه!   ومن بين أفلام السينما التي رُشِّحت لنيل جائزة الأوسكار فيلم بطله طبيب أمراض نفسية، يتحوَّل إلى سفَّاح يقتل ضحاياه عضاً!   أصبحت ظاهرة العض الآدمي مصدر قلق للسلطات الصحية في الولايات المتحدة، إذ ثبت أن العضَّة الآدمية قد تكون أشد قسوةً وخطورةً من عضَّة الحيوان. فالفم البشري ممتلئ بعدد كبير من أنواع البكتيريا والكائنات الدقيقة الممرضة. وقد يعجب البعض إذا علم أن ثمة حوادث عضٍّ انتهت بموت الضحية.   وقد فكّر طبيب يعمل في الإدارة الصحية لمدينة نيويورك في أن يضيف إلى إحصائياته السنوية عن حوادث عض الحيوانات للآدميين عموداً يرصد فيه حالات عض الآدميين للآدميين. وفي نهاية العام 2000 بلغ مجموع هذه الحالات 1027 حالة في مدينة نيويورك وحدها.   واتضح لعلماء الاجتماع والطب النفسي الذين تصدوا لدراسة هذه الظاهرة أن عضة الآدمي تشترك مع عضة الكلب في الانتشار الموسمي، فيتزايد عدد حوادث كل منهما في فصلي الربيع والصيف. كما وجد أن أكثر أجزاء الجسم عرضة للعض هي اليد والأصابع والذراع والكتف، وفي حالات قليلة يُستهدف الوجه والرقبة. وأثبت التحليل الإحصائي أن ضحايا العضة الآدمية من الذكور أكثر من الإناث، بصفة عامة، في ما عدا المرحلتين العمريتين من 10 إلى 20 سنة ومن 55 إلى 60 سنة، فيكون العكس!   ولا تجوز الاستهانة بالأسنان كسلاح في مجموعة أسلحة الدفاع الآدمي، وقد تكون أقواها جميعاً، فهي أكثر حدةً. وتعدُّ المينا، أي، المادة البنائية للأسنان، واحدة من أكثر المواد المعروفة صلابةً. إن إدراك هذه الحقيقة، حول قيمة الأسنان كسلاح مؤثر، جعل بعض قادة الجيش الأميركي يفكرون في إضافة العضِّ إلى تدريبات جنود القوات الخاصة في أعمال القتال التلاحمي.   وللتحليل النفسي رأي في تفسير الدوافع النفسية للعض الآدمي، يقول إنها نكوص إلى مرحلة من الطفولة حيث يمثل الفم منفذاً لمشاعر الغضب والعنف. ويحتفظ معظم الناس بدرجات متفاوتة من تلك المرحلة الفمية. ومن هنا، فإن معظم البشر - إن لم يكن كلهم - لديهم الرغبة الكامنة في أن يعضوا. ويرى خبراء الطب الشرعي في العضة قرينة دامغة، لها قوة بصمات الأصابع، فلا يوجد اثنان لهما سمات الأسنان ذاتها. وقد استخدمت بصمات الأسنان فعلاً في إدانة بعض المتهمين في جرائم قتل مقترنة بالعضِّ.   لقد كانت الأسنان أقدم سلاح عرفه الإنسان الأول، ولم يتخلَّ عنه إلاّ بعد أن عرف غيره من الأسلحة: السيف، ثم البندقية، ثم الأسلحة المتطورة ذات القوة التدميرية الرهيبة... والتي يبدو أنها لم تغنه تماماً عن سلاحه القديم.     |