Friday 26 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
راغدة حداد وعماد فرحات كيس البلاستيك  
تشرين الأول (أكتوبر) 2007 / عدد 115
 أيهما فعلاً الأفضل بيئياً: كيس الورق أم كيس البلاستيك؟ بدلاً من الجدل حول أهون الشرين، يتخلى المستهلك الأخضر عن الكيسين ويستخدم كيس تسوق متيناً أو حقيبة تسوق يجرّها. وتقدر أحصاءات دولية أن نحو 500 بليون كيس بلاستيك تستعمل في أنحاء العالم كل سنة، ولا يعاد تدويرها الا بنسبة أقل من واحد في المئة. القليل منها يعاد استعماله أو يستخدم في سلال المهملات، لكن البلايين تنتهي في الطبيعة، فتنتشر في الحقول وعلى الأشجار والأسيجة في جميع البلدان، وتترسب الى قاع المحيط، وتخنق نحو مئة ألف حوت ودلفين وفقمة وسلحفاة وطائر كبير كل سنة.
اتخذت بعض البلدان اجراءات حاسمة ضد أكياس البلاستيك. فمنعت بنغلادش وتايوان وأوغندا وجنوب أفريقيا ومعظم المدن الهندية الكبرى استخدام أكياس البلاستيك الرقيقة. وسيمنع استخدامها في كينيا ابتداء من سنة 2008 وفي  فرنسا ابتداءً من 2010. وفرضت ايرلندا ضريبة 0,15 يورو على كل كيس، مما أدى الى خفض استعمالها بنحو 95 في المئة. وفي تموز (يوليو) 2007 باتت كاليفورنيا أول ولاية أميركية تفرض على محلات السوبرماركت وضع مستوعبات خاصة لاعادة التدوير تودع فيها أكياس البلاستيك.
غير ان استخدام أكياس البلاستيك للتسوق ما زال شائعاً في جميع الدول العربية، ولا يوجد دليل على أية مبادرة للحد منه. وتكفي زيارة أي مكب نفايات في أي بلد عربي لاكتشاف ضخامة المشكلة. والأكياس البلاستيكية تتطاير من المكبات العشوائية لتغطي الأشجار والحقول والصحارى والشواطئ، من المغرب الى المشرق فالخليج. ويقدر استهلاك العرب سنوياً بـ 25 بليون كيس، تنتهي كلها تقريباً في النفايات.
هنا اختبار لك: لقد سددت ثمن مشترياتك من السوبرماركت، وخُيِّرت بين كيس بلاستيك وكيس ورق. أيهما تأخذ؟
إذا أخذت كيس البلاستيك تكون أخفقت في الامتحان. فأكياس البلاستيك تتحلل ببطء شديد، وهي مصنوعة من البترول غير المتجدد، فضلاً عن ان انتاجها وحرقها وطمرها يلوث الهواء والتربة والماء.
فهل الورق أفضل؟ لا. إذا أخذت كيس الورق تكون أخفقت أيضاً في الامتحان. فأكياس الورق تصنع غالباً من ورق جديد ينتج من لب الأشجار المقطوعة، وصنع الورق يلوث المياه والهواء والتربة أيضاً.
الجواب الصحيح: تخرج كيسك الخاص، كما بات يفعل كثير من المستهلكين الاوروبيين والأميركيين وغيرهم، وتضع فيه مشترياتك، وتخرج من باب السوبرماركت نظيفاً، فأنت لم تستهلك لا كيساً بلاستيكياً ولا كيساً ورقياً.
محلات السوبرماركت تعشق أكياس البلاستيك، وتقدم للمتسوق بضعة أكياس جديدة مجاناً كل مرة. لكن التخلص من هذه الأكياس ليس سهلاً، فبعد أن ترميها لن تتحلل في مطمر النفايات الا بعد مئات السنين، هذا اذا وجدت طريقها الى المطمر.
بدأ استعمال أكياس التسوق البلاستيكية المصنوعة من مشتقات بترولية عام .1977 ويباع ما يقدر بنحو 500 بليون كيس بلاستيك في أنحاء العالم كل سنة. ويتم استهلاك 12 مليون برميل من النفط لصنع أكياس البلاستيك التي تستهلكها الولايات المتحدة سنوياً، والتي بلغت 88 بليون كيس عام .2006 ويقدر استهلاك الأسرة الأميركية من أربعة أفراد بنحو 1460 كيس بلاستيك خلال سنة.
ويشمل البلاستيك مجموعة كبيرة من المنتجات، قد يختلف بعضها عن بعض كاختلاف البطاطا عن الخيار والخس، مع أنها جميعاً خضار. من بين جميع أنواع البلاستيك، للبوليثيلين والبوليبروبيلين أدنى أثر على البيئة، وهما ينافسان الورق في كثير من الاستعمالات. ومعظم أنواع البلاستيك الرقيقة، بما في ذلك الأكياس، تصنع من البوليثيلين أو مركبات مماثلة. ويحترق البوليثيلين بشكل أنظف من الورق الأبيض، أما البوليفينيل كلوريد (PVC) والبوليسترين والبوليثيلين تيريفثاليت (PET) بتركيباتها الأكثر تعقيداً فتطلق مركبات سامة أثناء الاحتراق.
المشكلة الكبرى في أكياس البلاستيك الرقيقة صعوبة اعادة استعمالها أو تدويرها. ويتجلى ذلك خصوصاً في مراكز فرز النفايات والمكبات. اذ تفرز هذه الأكياس وترسل للطمر، وبعد سنين عديدة يتحلل معظم ما في المطامر ويبقى البلاستيك. وهذا ما حصل عند اعادة تأهيل موقع مكب النورماندي في وسط بيروت ليستقبل مخططات عمرانية وحدائق عامة. فقد شملت عمليات التأهيل، التي استمرت نحو 10 سنين وقامت بها شركات مختصة، فرز النفايات المطمورة، وطحن الردميات لفصل الحديد عن الاسمنت، وتسبيخ الفضلات العضوية. واستخدمت معظم المواد المعالجة لردم الموقع نفسه. فلم يبقَ الا أكياس البلاستيك المختلطة بالقطع الخشبية الصغيرة والأقمشة. وهذا ما تقرر نقله وطمره في موقع مقلع سبلين الذي تم إعداده خصيصاً لذلك. وقد تسببت عملية النقل في مشاكل بيئية هذه السنة، اذ اقدم سائقو بعض الشاحنات على رمي حمولاتها عشوائياً في مواقع أخرى.
ماذا عن البلاستيك الذي يتحلل؟ ينتج بعض الصانعين أكياس بلاستيك تتحلل بيولوجياً أو قابلة للتسميد، مصنوعة من نشويات أو بوليمرات وخالية من البوليثيلين. لكن ارتفاع سعرها ما زال يعوق استعمالها، وهي تشكل أقل من واحد في المئة من سوق أكياس البلاستيك. ورغم أن اضافة نشاء الذرة الى أكياس البوليثيلين تمكنها من التحلل بسرعة نسبياً، فيجب الحذر من تسويقها على نطاق واسع قبل اجراء اختبارات مكثفة لمعرفة مدى سلامة البلاستيك المتحلل ودراسة منتجات التحلل.
سوف يلازمنا البلاستيك مدة طويلة. وحتى بعد استنفاد النفط، سوف يستمر صنعه من مواد نباتية. وعلى دعاة حماية البيئة أن يضغطوا لانتاج أنواع من البلاستيك يكون لها أدنى أثر بيئي، وترويج استخدام أكياس وحقائب التسوق الشخصية، وسن تشريعات تحد من استعمال أكياس البلاستيك في المتاجر، وتشجيع اعادة تدوير البلاستيك.
خوف على الورق
قطعت الحركة المناهضة للبلاستيك شوطاً لا بأس به. فقد فرضت فرنسا وبنغلادش وأوغندا ودول أخرى حظراً شاملاً على الأكياس الرقيقة الرديئة النوعية. وأصبحت سان فرنسيسكو في ربيع 2007 أول مدينة أميركية تمنع استعمال الأكياس التي لا تتحلل في محلات البقالة الكبيرة والصيدليات، وتتم مناقشة تشريع مماثل في مدن أخرى مثل بوسطن وسانتا كروز وبورتلاند.
دعاة حماية البيئة يرحبون بهذه الجهود، لكنهم يخشون من أثر جانبي بغيض: ازدياد استعمال أكياس الورق. وبحسب مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية، فان الطلب على أكياس الورق في الولايات المتحدة يستهلك 14 مليون شجرة سنوياً. وأفادت وكالة حماية البيئة الأميركية أن انتاج أكياس الورق يستهلك طاقة أكبر ويلوث المياه أكثر من انتاج أكياس البلاستيك. وأكياس الورق أثقل (لذا تستهلك مزيداً من الوقود أثناء النقل) مع أنها تتحلل ويمكن اعادة تدويرها. وهي أكثر كلفة على المستهلكين من أكياس البلاستيك (5,7 سنت وصولاً الى 17,6 سنت للكيس ذي المسكتين، بالمقارنة مع 2,2 سنت لكيس البلاستيك).
ويشدد التحالف التقدمي من أجل البلاستيك، الذي يمثل كبريات شركات صنع أكياس البلاستيك في الولايات المتحدة، على أن المشكلة ليست في الأكياس وانما في التخلص منها. وقد أظهرت احصاءات معهد ''وورلد واتش'' للأبحاث في واشنطن أنه يعاد تدوير أقل من 1 في المئة من الأكياس في الولايات المتحدة. وتحاول متاجر كبرى مثل ''جيانت فودز'' زيادة هذه النسبة باعطاء حسم للمتسوقين الذين يعيدون أكياس البلاستيك لاعادة تدويرها، لكن قلة من المستهلكين يتبعون هذه السياسة. وفي آذار (مارس) 2007 بدأت متاجر ''إيكيا'' استيفاء رسم من المستهلكين مقداره خمسة سنتات مقابل كل كيس بلاستيك، وأخذت تبيع أكياساً يعاد استعمالها بثمن 59 سنتاً. وفيما لم يتضح بعد تأثير هذه الاستراتيجية على المستهلكين الأميركيين، أدى اطلاق برنامج مماثل في بريطانيا السنة الماضية الى خفض استهلاك أكياس البلاستيك بنسبة 95 في المئة. وأفيد عن انخفاض مماثل في ايرلندا منذ فرضت ''ضريبة بلاستيك'' مقدارها 0,15 يورو (20 سنتاً) على كل كيس ابتداء من العام 2002.
كينيا: حظر الأكياس سنة 2008
''يجب حظر أكياس التسوق البلاستيكية الرقيقة وفرض ضريبة مرتفعة على الأكياس السميكة لتخليص كينيا من تهديد بيئي وصحي متزايد''. هذا ما دعت اليه دراسة خبراء في معهد أبحاث وتحاليل السياسة العامة في نيروبي. فملايين الأكياس توزع يومياً على المتسوقين في محلات السوبرماركت والمتاجر، غالبيتها رقيقة جداً بحيث يتم رميها إثر مغادرة هذه المحال، حتى أصبحت تشكل منظراً قبيحاً شائعاً في المناطق المدينية والريفية على حد سواء لدرجة أن البعض يدعوها ''رايات وطنية''. كما أنها تسد مجاري تصريف مياه الأمطار، وتسبب اختناقاً للمواشي والحيوانات البحرية، وتلوث التربة لبطء تحللها. وربطت الناشطة البيئية الكينية ونغاري ماتاي، الحائزة جائزة نوبل للسلام عام 2004، بين أكياس البلاستيك المرمية وانتشار الملاريا، اذ انها تمتلئ بمياه الأمطار فتوفر ملاذات مثالية لتكاثر البعوض الناقل لهذا المرض.
حَظر استعمال الأكياس التي تقل سماكتها عن 30 ميكرون (الميكرون جزء من ألف من المليمتر)، وفرض ضريبة على الأكياس الأسمك، كانا ضمن مجموعة التوصيات للتقليل من استعمال أكياس البلاستيك وتوفير الأموال اللازمة لانتاج أكياس بديلة أكثر مراعاة للبيئة، كتلك المصنوعة من القطن أو السيزل (ليف أبيض متين). كما اقترحت الدراسة، التي مولها برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) والهيئة الوطنية للادارة البيئية في كينيا، استثمار المال المتجمع من الضريبة في برامج كفوءة وفعالة لاعادة التدوير، قد تصبح مثالاً يحتذى لبرامج مماثلة تحل مشاكل نفايات اخرى تعاني منها كينيا وبلدان أخرى في افريقيا والعالم النامي. وقد استندت نتائج الدراسة وتوصياتها الى حصيلة اجتماعات عدة بين ''يونيب'' والهيئة الوطنية للادارة البيئية وصناعيين وموردين ومحلات سوبرماركت وجماعات مهتمة، والى دروس مستقاة من برامج ادارة النفايات المنفذة في اوستراليا والدنمارك وايرلندا وايطاليا ورواندا وجنوب افريقيا وبلدان عدة في أميركا الجنوبية.
تقول الدراسة ان قطاع النفايات في العاصمة نيروبي، كما في كثير من مدن البلدان النامية، يتصف بتغطية ضئيلة للخدمات، ورمي عشوائي للنفايات، ومشاركة فوضوية أو غير منظمة للقطاع الخاص، وغياب البنية التحتية الرئيسية لادارة النفايات الصلبة. ويجري جمع 25 في المئة فقط من أصل 1500 طن من النفايات الصلبة التي تتولد يومياً في نيروبي التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة. وفي حين تجمع بلدية المدينة وشركات خاصة نحو ثلاثة أرباع النفايات المتولدة من منازل العائلات الموسرة، فان خدمات الجمع الحكومية للنفايات معدومة في أحياء البؤس والمستوطنات العشوائية، حيث يعيش نحو 60 في المئة من سكان نيروبي. وتشير الدراسة الى رمي النفايات على نطاق واسع في مكبات عشوائية، خصوصاً بعد امتلاء مكب النفايات الشرعي الوحيد في منطقة داندورا.
ويتم انتاج نحو 4000 طن من أكياس البلاستيك الرقيقة شهرياً في كينيا، تستعمل أساساً لأغراض التسوق ولمنتجات مثل الخبز. ونحو نصفها تقل سماكته عن 15 ميكرون، وبعضها لا يتعدى 7 ميكرون. وتنمو صناعة أكياس البلاستيك بين 8 و10 في المئة سنوياً، فتزود السوق المحلية والبلدان المجاورة وخصوصاً أوغندا. تقول الدراسة: ''باستثناء بعض أكياس الورق، يصعب وجود أي بدائل لأكياس التسوق البلاستيكية. أما أكياس التسوق المصنوعة من منتجات طبيعية فهي متوافرة في السوق، لكن يصعب استعمالها بسبب وفرة الأكياس البلاستيكية المجانية في المتاجر وانخفاض سعرها في الأسواق''.
اقترحت الدراسة خطة لمعالجة مشكلة أكياس البلاستيك في كينيا، أهم بنودها:
- حظر استعمال أكياس البلاستيك التي تبلغ سماكتها 30 ميكرون أو أقل.
- إطلاق حملات لتوعية المستهلكين ومناهضة رمي الأكياس.
- فرض ضريبة على أكياس البلاستيك تستوفى من المورِّدين، على أن تمرَّر التكاليف الى المستهلك  تخصيص جزء من الضريبة لدعم تطوير أكياس مراعية للبيئة، مثل أكياس القطن التي تحقق فائدة مزدوجة بمساعدة زراعة القطن وصناعته في كينيا.
- دعم برنامج ملائم لاعادة تدوير أكياس البلاستيك.
كما أوصت الدراسة بانشاء لجنة لادارة ضريبة البلاستيك، تؤسسها وترأسها الهيئة الوطنية للادارة البيئية، وتشمل عضويتها وزراء في الحكومة وجمعية الصناعيين الكينية وبلدية العاصمة وقطاع المنسوجات وجمعية أصحاب محالج القطن واتحاد We Can Do It (نستطيع أن نفعل ذلك) الذي هو مظلة للجمعيات الأهلية.
ويسري حظر اكياس البلاستيك الرقيقة في عموم كينيا ابتداء من سنة 2008.
أول بلدة خالية من البلاستيك
في أوروبا... بريطانية
غمر منتجة الأفلام الوثائقية البريطانية ريبيكا هوسكينغ شعور بالاشمئزاز والغضب عندما رأت شواطئ بكراً في جزر هاواي رازحة تحت متر أو أكثر من النفايات التي أنتجتها النزعة الاستهلاكية الغربية وقذفها محيط يعج بالبلاستيك. ووقفت مشدوهة قبالة الشاطئ، أثناء تصويرها فيلماً وثائقياً لمحطة BBC، اذ رأت سلاحف بحرية تختنق وهي تلتهم أكياساً شفافة في المياه ظنتها قناديل بحر. وبعدما عادت الى بريطانيا في آذار (مارس) 2007 أعلنت ساخطة أن ''السلاحف البحرية لا تستطيع قراءة أسماء المتاجر على أكياس البلاستيك، بل ستبتلعها وتختنق. كذلك تحسبها الدلافين أعشاباً بحرية وتأكلها فتسبب لها أذى كبيراً''.
بعد أسابيع قليلة من عودتها، أقنعت هوسكينغ سكان بلدتها مودبوري بالامتناع عن استعمال أكياس البلاستيك. ووجدت نفسها في طليعة ثورة بريطانية مفاجئة على هذه المنتجات التي تؤخذ لترمى فوراً في مجتمع مبذر. فبعد رحلة التصوير السينمائي التي دامت سنة، أجرت عرضاً في بلدتها للفيلم الذي صورته على شاطئ هاواي، ودعت أصحاب المتاجر في البلدة، وعددهم 43، الى الحضور ومشاهدة الأماكن التي انتهت اليها أكياس البلاستيك. ولدى انتهاء العرض دعت الحضور الى رفع الأيدي تأييداً لفرض حظر طوعي على أكياس البلاستيك. رفع جميع المستهلكين أيديهم، وتبعهم أصحاب المتاجر. وفي مطلع أيار (مايو) الماضي، أصبحت مودبوري أول بلدة خالية من البلاستيك في اوروبا. والآن، تجري بلدات ومدن عديدة اتصالات مع هوسكينغ لأخذ مشورتها في برامج مماثلة.
وتختبر عشرات المتاجر ومحلات السوبرماركت في بريطانيا تخصيص ''أيام خالية من أكياس البلاستيك'' وتقديم أكياس يعاد استعمالها أو يترتب على المتسوق شراؤها لثنيه عن أخذها. وقد عرضت متاجر ''سينسبوري'' مجموعة محدودة من الأكياس القطنية الفاخرة التي تحمل شعار ''لست كيساً بلاستيكياً''، بيع منها 20 ألفاً خلال ساعة واحدة بسعر 10 دولارات للكيس. وتقوم متاجر أخرى بتجربة أكياس ورقية و''خط أخضر'' مخصص لخروج الزبائن الذين يجلبون معهم أكياسهم الخاصة. بل ان عدداً من الدور العالمية الراقية للأزياء والحقائب بات يصنع أكياس تسوق قماشية يباع الواحد منها بعشرات وأحياناً مئات الدولارات.
وبحسب التقديرات الحكومية، ينتج البريطانيون نحو مليوني طن من الأغلفة البلاستيكية كل سنة، معظمها أكياس يقدر عددها بثمانية بلايين كيس. وعلى رغم تنامي الالحاح الجماهيري للحد من استعمال أكياس التسوق البلاستيكية، لم تظهر الحكومة حتى الآن أي إشارات على فرض حظر أو ضريبة، فهي تفضل تشجيع أصحاب المتاجر للموافقة على التزامات باعادة تدوير النفايات. والترتيب الأخير الذي تم الاتفاق عليه في شباط (فبراير) الماضي يلزم المتاجر الكبرى بخفض الأثر البيئي لأكياسها التسويقية بنسبة 25 في المئة بحلول نهاية السنة المقبلة. وقد دعا وزير الشؤون الحكومية بن برادشو هذا الترتيب اتفاقية ''طموحة''، مشيراً الى أن المستهلكين باتوا ''يدركون على نحو متزايد أنهم قادرون على اتخاذ خيارات لمساعدة البيئة من خلال الطريقة التي يتسوقون بها''.
لكن هنا تشانس، المتحدثة باسم متاجر ''سينسبوري''، وهي سلسلة محلات سوبرماركت، تقول إن فرض حظر شامل مستبعد حالياً. وتضيف: ''إن إلغاء هذه الأكياس تماماً سيكون تدبيراً متطرفاً، فكثير من سكان المدن ليس لديهم سيارات، وكثيرون يستعملون هذه الأكياس لوضع النفايات المنزلية، فهي توفر للمستهلكين خدمة عملية''. وقالت إن متاجر ''سينسبوري'' جربت أكياساً تتحلل بيولوجياً، لكنها لم تكن قوية كفاية.
لقد أعلن رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون ان ''الحكومات تستجيب للمناخ الذي يخلقه الناس''، لكن الدلائل تشير الى أن الذين يجلبون أكياسهم الخاصة الى السوبرماركت ما زالوا أقلية.
وثمة مطالبات من الهيئات السياسية الأساسية في بريطانيا لاتخاذ تدابير جذرية في هذا  الخصوص. وقد صوّت الحزب الديموقراطي الليبرالي خلال مؤتمره السنوي في أيلول (سبتمبر) 2007 لمصلحة مشروع قانون يلزم محلات السوبرماركت باسترداد الأغلفة التي لا يريدها الزبائن، ويشجع المستهلكين على اعادة استعمال أكياس التسوق البلاستيكية، بهدف تقليل كمية النفايات المرسلة الى المطامر. ووفق البرنامج الذي اقترحته قيادة الحزب، يتعين على المتاجر أخذ رسم إضافي من الزبائن لقاء الأكياس التي يأخذونها، واعادة النقود اليهم عند رد الأكياس. ويقدر الحزب أن الأكياس والأغلفة تستنزف نحو 17 في المئة من الميزانية الغـذائية للعائلة. ويدعو الى إنشاء هيئة وطنية لمقاضاة منتجي التغليف المكثف.
أوستراليا: حملة لبلدات بلا أكياس
موقع الأخبار البيئية على الانترنت Planet Ark التابع لوكالة ''رويترز'' نظم حملة في أوستراليا لكبح استخدام أكياس البلاستيك في المتاجر، وساعد عدداً من البلدات في هذا الصدد. وقد أثبتت المجتمعات المحلية المشاركة أن في وسع المتاجر أن تقدم لزبائنها بدائل تدوم طويلاً، وأن في وسع المتسوقين التخلي عن عادة أخذ أكياس البلاستيك.
فمنذ نيسان (ابريل) 2003، توقفت جميع المتاجر في مدينة كولز باي بجزيرة تسمانيا الأوسترالية عن استعمال الأكياس البلاستيكية. وفي السنة الأولى ألغت استعمال 350 ألف كيس. وقاد هذا المشروع بن كيرني، صاحب المخبز المحلي، لتصبح كولز باي ''أول مدينة خالية من أكياس البلاستيك في اوستراليا''. وقد منحتها حكومة تسمانيا جائزة التفوق البيئي، كما فاز كيرني بجائزة ''البطل المحلي الاوسترالي'' وجائزة ''تسماني السنة'' عام 2005. ويمكن الحصول على كيس Go Green (تحول الى الأخضر) من محلات السوبرماركت في كولز باي مقابل دولار واحد للكيس. وتستضيف شواطئ كولز باي الحيتان أثناء هجرتها السنوية. ومن الأسباب التي جعلت المدينة تتخلى عن أكياس التسوق البلاستيكية حماية هذه الحيتان ومنع اتساخ متنزه فريسينت الوطني المجاور بالأكياس المرمية.
وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2003، أصبحت بلدة كنغارو فالي السياحية أول مدينة في البر الاوسترالي تحظر استعمال أكياس التسوق البلاستيكية في متاجرها، التي أبدلتها بأكياس قماشية أو ورقية. كما أعلنت بلدة هسكيسون المجاورة لمتنزه جرفيس باي الوطني، التي تضم 91 متجراً ويقصدها نحو 750 ألف زائر في السنة، أنها باتت خالية مئة في المئة من أكياس التسوق البلاستيكية الصغيرة، بهدف حماية الحياة البحرية ونظافة المتنزه. وفي أيار (مايو) 2004، أصبحت أويستر باي القريبة من سيدني أول ضاحية في أوستراليا تمنع استعمال أكياس البلاستيك، وذلك بهمة سيدتين ربَّتي منزل. وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2004، باتت بيريغورا التي تقع على سفح جبال أوتواي أول مدينة في ولاية فكتوريا خالية من أكياس البلاستيك، بعدما أبدلتها بأكياس الورق وشجعت استخدام الأكياس القماشية.
ومنذ ذلك الحين تزداد أعداد البلدات الاوسترالية المنظفة من أكياس البلاستيك.
بلدان سباقة
 
بدأت بلدان عديدة حظر أكياس التسوق البلاستيكية كلياً أو جزئياً، وفرضت بلدان أخرى ضرائب على استخدامها. هنا بعض البلدان الرائدة في هذا المضمار:
 
- منذ فرضت الدنمارك ''ضريبة توضيب'' عام 1994، انخفض استهلاك أكياس الورق والبلاستيك 66 في المئة.
 
- عام 2001 حظرت تايوان توزيع أكياس البلاستيك المجانية التي ترمى بعد الاستعمال من قبل الدوائر الحكومية والمدارس والقوات المسلحة. وفي 2003 تم توسيع الحظر ليشمل محلات السوبرماركت ومطاعم الوجبات السريعة والمتاجر الكبرى. ويتعين على الزبائن الآن أن يدفعوا 30 ـ 60 سنتاً مقابل الكيس. كما منعت تايوان استعمال الصحون والأكواب والملاعق والشوك والسكاكين البلاستيكية التي ترمى بعد الاستعمال.
 
- تقول الحكومة الايرلندية ان ضريبة الـ 0,15 يورو التي فرضتها على أكياس البلاستيك في المتاجر منذ العام 2002 خفضت استعمالها بأكثر من 95 في المئة. ''ضريبة البلاستيك'' هذه جمعت ملايين اليورو التي توظف في مشاريع اعادة التدوير.
 
- فرضت بنغلادش حظراً تاماً على جميع أكياس البلاستيك الرقيقة عام 2002 بعدما تبين أنها المسبب الرئيسي للفيضانات التي حدثت عامي 1988 و1998 وأغرقت ثلثي البلاد، اذ سدت الأكياس المرمية شبكات التصريف.
 
- منعت رواندا أكياس البلاستيك التي تقل سماكتها عن 100 ميكرون، ودعمت هذا الاجراء بحملات توعية جماهيرية.
 
- حظرت دولة جنوب افريقيا عام 2003 استعمال أكياس البلاستيك الأرق من 30 ميكرون، وفرضت ''ضريبة بلاستيك'' يذهب بعضها الى شركة لاعادة تدوير الأكياس. وقد سجل انخفاض في رمي أكياس البلاستيك وفي صناعتها، ونمو في البدائل مثل أكياس القنب.
 
- في اوغندا، منع استعمال الأكياس البلاستيكية الرقيقة وفرضت ضريبة على الأكياس السميكة في تموز (يوليو) 2007، لخفض أكوام النفايات المتحللة المكدسة في العاصمة كامبالا ومدن أخرى. ويمنع القانون الجديد الشركات من انتاج أكياس البلاستيك أو استيرادها أو استعمالها، فيما تشجع الحكومة السكان على استعمال ورق الموز كوعاء تقليدي لنقل المشتريات. وجاء هذا الحظر بعد اجراء مماثل في جزر زنجيبار التنزانية.
 
- يسري حظر على استعمال أكياس التسوق البلاستيكية في باريس هذه السنة، وفي عموم فرنسا سنة 2010.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.