Sunday 08 Dec 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
 
مقالات
 
البيئة والتنمية احترار المحيطات: موجات حرّ بحرية تهدد النظم البيئية العالمية  
أيلول / سبتمبر 2023 / عدد 306
تعاني العديد من البلدان في صيف 2023 من موجات حرّ حطّمت الأرقام القياسية، وعزّزت الحاجة إلى اعتماد خطط طوارئ لمواجهة هذا النوع من أحوال الطقس المتطرفة التي تزداد وتيرتها سنة بعد سنة. وليس ببعيد عن الحرارة التي يلمسها الجميع على اليابسة، تُواصِل درجات الحرارة السطحية للمحيطات الارتفاع متأثرةً بتغيُّر المناخ الذي يهدد بتوقف التيارات المحيطية والتسبب بأضرار بيئية واقتصادية واسعة النطاق.
 
مع نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي، وصل متوسط درجة الحرارة السطحية للمحيطات إلى أعلى مستوى معروف له على الإطلاق، حيث قارب 21 درجة مئوية. ويرجّح العلماء أن يستمر تحطيم الرقم القياسي لدرجة حرارة المحيطات التي تصل عادة إلى أعلى مستوياتهاعالمياً في شهر مارس (آذار)، وليس في يوليو (تموز).
 
وترتبط درجات الحرارة المرتفعة في المحيطات جزئياً بظاهرة "الـ نينيو" المناخية التي تنشأ نتيجة تقلبات درجات الحرارة السطحية في الجزء الاستوائي من المحيط الهادئ، وتصحبها تغيُّرات في دوران الغلاف الجوي فوق المنطقة. و"الـ نينيو" ظاهرة طبيعية تتكرر كل عدة سنوات، لكنها تؤثر بقوة على أنماط الطقس والمناخ في أنحاء كثيرة من العالم، ويبدو أن فعاليتها في هذه السنة والسنة القادمة ستكون مرتفعة.
 
وتقوم المحيطات بتنظيم المناخ، وامتصاص الحرارة، وتؤثر في أنماط الطقس، وتعمل كمخازن للكربون العالمي، ولها دور ملطِّف حيث يمكن للهواء البارد الذي يهب من البحر أن يجعل درجات حرارة الأرض الساخنة أكثر تقبلاً. وتتراجع هذه التأثيرات المفيدة مع ارتفاع حرارة المحيطات، كما أن المياه الدافئة لديها قدرة أقل على امتصاص ثاني أوكسيد الكربون، مما يعني مزيداً من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي. ومن ناحية أخرى، يساهم ارتفاع درجة حرارة المحيطات في ذوبان الجليد، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر.
 
وتعود قياسات درجة حرارة سطح البحر المأخوذة من السفن إلى أكثر من 150 عاماً، وتدعمها القياسات التي وفّرتها الأقمار الاصطناعية والعوّامات البحرية على مدار الأربعين عاماً الماضية. واستناداً إلى هذه القياسات، وجد العلماء ارتفاعاً في المتوسط العالمي لدرجة حرارة سطح البحر يقترب من 0.9 درجة مئوية خلال 150 عاماً. وقد بلغت الزيادة حوالي 0.6 درجة مئوية خلال العقود الأربعة الماضية وحدها.
 
وتواجه مناطق في المحيطات احتراراً أسرع من غيرها، لاسيما في أجزاء من المحيط المتجمد الشمالي، وبحر البلطيق، والبحر الأسود، وأجزاء من المحيط الهادئ غير المدارية. وكما على اليابسة، تتعرض رقع محددة من المحيطات لسيطرة موجات الحرّ، فترتفع حرارتها مهددة النظم البيئية المحلية.
 
وتكتسب رقع المياه الساخنة سمعة سيئة بسبب مخاطرها البيئية، ويُطلق عليها في أميركا الشمالية اسم "بلوب"، على اسم المخلوق الجيلاتيني في أفلام الرعب الذي يلتهم كل شيء في طريقه. وتسببت رقعة "بلوب" قبالة الساحل الغربي الأميركي خلال الفترة بين 2013 و2016 في تقطيع تجمعات الأسماك الصغيرة، ومجاعة بين الطيور البحرية، وتناقص أعداد سمك القد، ودفع أسماك التونة للهجرة شمالاً نحو ألاسكا، وتغيير مسارات الحيتان لتتقاطع مع حركة سفن الصيد، وازدهار الأنواع الحيّة الغازية ووصولها إلى المياه الشمالية.
 
ووفقاً لدراسة نشرتها دورية "غلوبال تشينج بايولوجي" العام الماضي، تسببت موجات الحرّ البحرية التي شهدها البحر المتوسط بين عامي 2015 و2019 في نفوق جماعي لعدد من الكائنات البحرية، وأصاب الضرر 50 نوعاً حيّاً، بما فيها الشعاب المرجانية والإسفنج والطحالب الكبيرة. ويشير المعهد الإسباني للعلوم البحرية إلى أن البحر المتوسط سجّل في شهر يوليو (تموز) الفائت رقماً قياسياً في متوسط درجة حرارته السطحية، بلغ 28.71 درجة مئوية، متفوقاً على آخر رقم قياسي سُجِّل عام 2003 بنحو نصف درجة.
 
ومثل موجات الحر الأرضية، كانت موجات الحر البحرية موجودة على الدوام، لكنها أصبحت أكثر سخونة، وأعلى وضوحاً وخطراً. وتُظهِر إحدى الدراسات أن عدد أيام الموجات الحارة البحرية السنوية زاد على مستوى العالم بأكثر من 50 في المائة من عام 1925 إلى عام 2016.
 
الاحترار قد يوقف التيارات المحيطية
لا يقتصر تأثير احترار المحيطات على النظم البيئية المحلية، كازدهار الطحالب الضارة وتناقص العوالق الحيوانية المغذية وابيضاض الشعب المرجانية، وإنما يطال أيضاً تيارات المحيطات ويسبب خللاً في أنماط الطقس العالمية. ويتبع نظام التيارات المحيطية، الذي يُطلق عليه غالباً اسم "الناقل العالمي"، مساراً منتظماً عبر المحيطات ويقلب مياهها من الأعلى إلى الأسفل. ويتم تشغيل الناقل من خلال نزول المياه الباردة والمالحة إلى قاع المحيط في مكانين فقط، هما أقصى شمال المحيط الأطلسي بالقرب من غرينلاند، وفي المحيط الجنوبي حول القارة القطبية الجنوبية.
 
ومع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، يتشكّل القليل من الجليد في المحيطات على القطبين، ويذوب المزيد من جليد الصفائح الجليدية الضخمة القريبة من القطب الجنوبي وغرينلاند ويطلق المياه العذبة في المحيط. ونتيجة لذلك، أصبحت المياه السطحية في المحيط الجنوبي وحول غرينلاند أقل ملوحة وأقل كثافة وأقل قدرة على الهبوط إلى الأعماق.
 
وتتضمن دراسة النمذجة الرائدة التي نشرها باحثون أستراليون وأميركيون في نهاية مارس (آذار) الماضي أول تقييم تفصيلي للتأثير المحتمل لذوبان الجليد. وتتوقع الدراسة انخفاضاً بنسبة 42 في المائة في تكوين المياه العميقة في المحيط الجنوبي، وانخفاضاً بنسبة 19 في المائة في شمال المحيط الأطلسي، بحلول عام 2050.
 
ويهتم علماء البيئة البحرية بتأثير توقف التيارات على دورة المغذيات في المحيط. وفي الوقت الحالي، تسقط العناصر الغذائية في أعماق المحيط حيث تغرق الكائنات البحرية الميتة إلى القاع، ولكن يتم إرجاعها إلى السطح بواسطة الناقل. ومع تباطؤ التيارات المحيطية وتوقفها، ستنخفض إمدادات المغذيات للحفاظ على الحياة البحرية على السطح بشكل كبير.
 
وتُعتبر مواقع تكوين المياه العميقة بمثابة قنوات يتم فيها جلب ثاني أوكسيد الكربون إلى أعماق المحيط، حيث يتم عزله بأمان بعيداً عن الغلاف الجوي لعدة قرون، وهي تساعد في إبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري. وتقدّر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ أن المحيطات تلتقط ربع انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، ويحدث ذلك بمعظمه من خلال تكوين المياه العميقة.
 
وسيؤدي تعطيل تكوين المياه العميقة في المحيط الجنوبي إلى تغيير أنماط المناخ العالمي بطرق أخرى يصعب التنبؤ بها حالياً. وقد يتسبب في تغيير أنظمة هطول الأمطار الاستوائية، وجعل نصف الكرة الجنوبي أكثر جفافاً ونصف الكرة الشمالي أكثر رطوبة.
 
تُعتبر المحيطات بمثابة الإسفنجة التي تنظّم حرارة الكوكب، وتلطّف تغيُّر المناخ العالمي، وتحجز الكربون. وفيما يعاني البشر من درجات الحرارة التي ترتفع مع احترار الكوكب، تقف المحيطات وحيدةً في مواجهة موجات الحرّ التي لن تترك أثرها على النظم البيئية البحرية فحسب، وإنما ستطال العالم بأسره.
 
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
. أنهار وبحيرات تحت رمال الصحراء العربية
ريو دي جانيرو – "البيئة والتنمية" صناعة التعدين والانتاج الأنظف
اليستر دويل (أوسلو) جُزُر ذائبة
شويتشي إندو (فونافوتي، توفالو) توفالو: هل يتحول سكانها الى لاجئي مناخ؟
بوغوص غوكاسيان (سادبوري) عودة الحياة الى سادبوري
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.