Friday 19 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
إعداد: د. جاد اسحق ود. فيوليت قمصيه (معهد الأبحاث التطبيقية في القدس) فلسطين: البيئة تحت الاحتلال  
تموز-آب/ يوليو-اوغسطس 1999 / عدد 19
 فلسطين التاريخية دولة عريقة. فالديانات التوحيدية الثلاث ومقاماتها المقدسة وجدت على أرضها، مما أكسبها اهتماماً سياسياً ودينياً وعالمياً مميزاً. وهي جزء من "الهلال الخصيب"، مهد الزراعة المستأنسة. وعلى رغم صغر مساحتها، فإنها موطن لأنواع مدهشة من النباتات والحيوانات الفطرية، اذ انها مركز التقاء ثلاث قارات، أوروبا وآسيا وأفريقيا، مما حدا الرحالة القدماء على تسميتها بلاد السمن والعسل.
لكن تعرض فلسطين للاحتلال المتعاقب على مر العصور سلط الأضواء على الجوانب السياسية فيها وأدى الى إهمال بيئتها. ولقد خضعت الضفة الغربية وقطاع غزة للاحتلال الاسرائيلي منذ العام 1967، وتمت ادارتهما بشكل تام من قبل السلطات العسكرية. فسيطر الاسرائيليون على الموارد الطبيعية للمناطق المحتلة، وفرضت قيود حالت دون الاستفادة منها. وقد صيغت سياسات السلطات المحتلة بالشكل الذي يخدم الاحتلال من دون أي مراعاة لقوانين البيئة وسلامتها.
لعب الاحتلال دوراً مهماً في تغيير الملامح البيئية للضفة الغربية وقطاع غزة وأدى الى تشعب المشاكل الموجودة أصلاً. فمصادرة الأراضي لبناء المستوطنات والسيطرة على الموارد المائية والاستغلال الجائر للموارد الطبيعية كلها ساعدت في تفاقم الأزمة البيئية. ثم أن انهماك الإنسان الفلسطيني في تحرير أرضه وسعيه من أجل الحصول على لقمة عيشه قللا من اهتمامه بالبيئة.
 
إعداد: د. جاد اسحق ود. فيوليت قمصيه (معهد الأبحاث التطبيقية في القدس(
فلسطين حالة فريدة في العالم، ففيها ينفذ مخططان متناقضان لاستغلال الموارد الطبيعية لخدمة تجمعين سكانيين، أحدهما أصيل و صاحب أرض والثاني دخيل يملك القوة والإمكانات. وهكذا فانها نموذج للعلاقة العضوية بين النزاعات السياسية والتدهور البيئي. فمصادرة الاراضي الفلسطينية أدت إلى تناقص المساحات الزراعية وضعف الإنتاج الزراعي و الهجرة من الأرياف، مما أوجد مشاكل اقتصادية واجتماعية. كما أن استنزاف الموارد المائية الفلسطينية من قبل سلطات الاحتلال زاد المشاكل الصحية والاجتماعية والاقتصادية. وأضعف غياب التكامل الجغرافي  قدرة السلطة الوطنية الفلسطينية على خلق المناخ المناسب لاستقطاب الاستثمار، مما انعكس سلباً على الأوضاع الاقتصادية وفرص إحداث تنمية مستدامة.
هناك عدة مؤشرات تستخدم عادة لتقييم الواقع البيئي، منها جودة المياه والهواء والتلوث والنفايات والتغير المناخي والتصحر والتنوع الحيوي وتدهور الاراضي. ولكن من الصعب حالياً استخدام هذه المؤشرات لتقييم وضع البيئة في فلسطين، بسبب الأوضاع السياسية وغياب السيطرة الفلسطينية على الموارد الطبيعية.
لمحة طبيعية
تبلغ مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة نحو 6210كيلومترات مربعة تشكل ما يقارب 20في المئة من فلسطين التاريخية. ويقع قطاع غزة على الساحل الشرقي للبحر المتوسط قرب صحراء سيناء، بمساحة 365كيلومتراً مربعاً. وهو محاط بإسرائيل من الشمال والشرق ومصر من الجنوب والبحر المتوسط من الغرب. أما الضفة الغربية فمساحتها 5845كيلومتراً مربعاً، وهي محاطة بإسرائيل من جميع الجهات، ما عدا الجهة الشرقية حيث يحدها نهر الأردن.
وعلى رغم المساحة الصغيرة التي تشغلها الضفة الغربية وقطاع غزة، ففيهما مظاهر تضاريسية مختلفة ومتفاوتة، من جبال وهضاب وسهول وبحيرات ومناطق ساحلية، اضافة الى مناطق منخفضة عن مستوى سطح البحر. فغور الأردن والبحر الميت، بما يحويانه من مميزات جغرافية وحياتية، يعدان أكثر المناطق انخفاضاً في العالم.
يمكن تقسيم الضفة الغربية إلى أربع مناطق رئيسية هي: وادي الاردن والمنحدرات الشرقية والمرتفعات الوسطى والمناطق شبه الساحلية.
يشكل وادي الأردن الحدود الشرقية للضفة الغربية من الشمال إلى الجنوب ويفصلها عن الأردن. وهو محصور بين نهر الأردن والمنحدرات الشرقية، ويراوح ارتفاعه بين 375متراً تحت سطح البحر و200متر فوق سطح البحر. ويمثل البحر الميت أعظم منخفض قاري في العالم، ويبلغ طوله 80كيلومتراً من الشمال إلى الجنوب. أما في الضفة الغربية، فيبلغ امتداد البحر الميت 32كيلومتراً ومساحته هناك حوالى 177كيلومتراً مربعاً وعمق مياهه بين 395و401متر. وتصل شدة ملوحة مياهه السطحية الى 290غراماً في الليتر، وهي أعلى درجة ملوحة بحرية في العالم. ومصدر مياه البحر الميت نهر الأردن، وجزء صغير منها يأتي من السيول الصغيرة التي تشكلها فيضانات الشتاء في الجانب الغربي، اضافة إلى المياه التي تأتي عبر وادي الموجب ووادي الزرقاء معين في الشرق.
وتمتد المنحدرات الشرقية بمحاذاة وادي الأردن، ويراوح ارتفاعها بين 200800متر فوق سطح البحر. وهي تتميز بشدة انحدارها وكثرة وديانها مثل وادي الباذان في نابلس ووادي المكوك في القدس.
وتشمل المرتفعات الوسطى سلسلة الجبال الممتدة من شمال الضفة الغربية الى جنوبها بالإضافة إلى المنحدرات الغربية. ويراوح ارتفاعها من 400متر إلى 1020متراً فوق سطح البحر، حيث أعلى نقطة في حلحول إلى شمال مدينة الخليل. ومعظم أنظمة تصريف المياه والوديان في الضفة الغربية تبدأ من سفوح الجبال وتمتد شرقاً أو غرباً.
وتقع المناطق شبه الساحلية في الشمال الغربي للضفة الغربية وتشمل أجزاء من محافظتي جنين وطولكرم. وهي تتميز بسهولها الواسعة التي تتركز فيها زراعة الخضر والمحاصيل الحقلية.
أما قطاع غزة فتتمثل تضاريسه بالسهل الساحلي وتلال الكركار والأودية. ويتجه السهل الساحلي من الشمال الشرقي الى الجنوب الغربي، ويقطع مجموعة من الأنهار. أما تلال الكركار، فمنها تلال مدينة غزة والتلال الشاطئية وتلال المنطار. وتفصل هذه التلال مجموعة من المنخفضات الممتلئة برسوبيات نهرية آتية من التلال المحيطة. ويراوح ارتفاع التلال بين 20و90متراً. وهناك مجموعة من الأودية التي تقطع السهل الساحلي، من أهمها: وادي غزة الذي يخترق التلال الكركارية المتوازية على شكل واد ضيق، ووادي الحليب، ووادي السلقة.
ويسود فلسطين مناخ البحر المتوسط، فتمتاز بصيف جاف معتدل وشتاء ماطر بارد. ويراوح متوسط درجات الحرارة في فصل الصيف بين 21,7و23,7درجة مئوية في الضفة الغربية، ويبلغ 24,8درجة في قطاع غزة. أما في الشتاء فيراوح بين 8درجات و14,2درجة في الضفة الغربية، ويصل في قطاع غزة الى 14درجة. ويراوح المعدل السنوي للأمطار في الضفة الغربية بين 500و600مليمتر، ويسقط سنويا نحو 400مليمتر على قطاع غزة.
كيف تستخدم الأرض؟
يختلف استخدام الأرض في الضفة الغربية وقطاع غزة عنه في جميع مناطق العالم، بحيث ظهرت اصطلاحات جديدة مثل "القواعد العسكرية" و"المناطق المغلقة" و"الطرق الالتفافية". فخلال سنوات الاحتلال صودرت الاراضي لإقامة المستعمرات، وتم إغلاق مساحات واسعة، وأقيمت قواعد عسكرية وشيدت طرق التفافية بحجة ضبط الأمن.
وما زالت هذه الممارسات مستمرة.  وتشغل القواعد العسكرية والمناطق المغلقة والمستعمرات ما يقارب 21في المئة من إجمالي مساحة الضفة الغربية، بينما تحتل القرى والمدن الفلسطينية 3,7في المئة فقط. وهذا يفرض معوقات وقيوداً على آفاق التخطيط التنموي الشامل للمناطق الفلسطينية.
ووفق اتفاق أوسلو ومذكرة «واي»، تم تقسيم الاراضي إلى مناطق «أ» و«ب» و«ج» بحيث  تكون السيادة الفلسطينية كاملة في مناطق «أ» التي تضم المدن الرئيسية، في حين تستوجب عمليات التخطيط في مناطق «ب» التي تشمل القرى الفلسطينية موافقة الجانب الإسرائيلي. أما موضوع السيادة على مناطق «ج» والحدود فقد تم تأجيله الى المفاوضات الحل الدائم. وتبلغ نسبة الاراضي الخاضعة للسيادة الفلسطينية في الضفة الغربية، بعد تطبيق المرحلة الأولى من اتفاقية «واي»، ما يقارب 10في المئة من مجمل مساحة الضفة الغربية، بينما تصل نسبة مناطق «ب» إلى 19في المئة. ومن المفروض أن تصل نسبة مناطق «أ» و«ب» بعد تطبيق جميع المراحل المتفق عليها إلى 18,2و21,8في المئة من مساحة الضفة الغربية.
وقد كثفت إسرائيل نشاطها الإستيطاني بعد توقيع اتفاقات السلام مع الفلسطينيين، في محاولة لخلق أمر واقع قبل مفاوضات الحل النهائي. فمنذ توقيع اتفاق أوسلو، صادرت أكثر من 400ألف دونم (400كيلومتر مربع) من أراضي الضفة الغربية لانشاء المستوطنات وشق الطرق الالتفافية، واقتلعت آلاف الأشجار المثمرة، وهدمت مئات المنازل الفلسطينية بحجة عدم الترخيص.
وشكل انعدام التواصل الجغرافي بين مناطق السلطة الفلسطينية عائقاً أساسياً في سبيل تحقيق التنمية المستدامة. فتقسيم الأرض إلى مناطق «أ» و«ب» و«ج» ذات سلطات مختلفة أدى إلى تقسيم التجمعات السكانية الفلسطينية. فتعذر إنشاء بنية تحتية فعالة، مثل شبكات الكهرباء ومياه الشرب والمجاري، أو وضع سياسة وطنية لتطوير مصادر الدخل القومي.
وفي قطاع غزة، يستغل 38,5في المئة من الاراضي لأغراض الزراعة، و22في المئة للبناء، و25,5في المئة لاستخدامات أخرى. وهناك 14في المئة من الاراضي غير مستغلة وتتركز في الحدود الشمالية والجنوبية من القطاع، وهي تتألف من الكثبان الرملية الساحلية.
وما زالت إسرائيل تسيطر على حوالى 22في المئة من أراضي قطاع غزة، إضافة الى سيطرتها على الموارد المائية وعلى مساحة كبيرة من شاطئ البحر حيث يمنع الفلسطينيون من إقامة مشاريع تنموية.
مشاكل مائية
تعاني المناطق الفلسطينية عموماً من شح في المياه العذبة. والسبب الرئيسي سيطرة إسرائيل على مصادر المياه وليس قلة المصادر. وتتوافر المياه العذبة من موردين أساسيين هما المياه السطحية المتمثلة في نهر الأردن و المياه الجوفية. ومنذ الاحتلال أصبحت المياه الجوفية هي المصدر الأساسي الوحيد للمياه، في ظل السيطرة الإسرائيلية الكاملة على مياه نهر الأردن وحرمان الفلسطينيين حقهم الطبيعي في استغلاله.
يتألف القسم الأعلى من نهر الأردن من اتحاد روافده الثلاثة بانياس وبلودان والحاصباني، ليدخل إلى بحيرة الحولة ثم يخرج منها ليصب في بحيرة طبرية، وبعد أن يخرج منها يرفده نهر اليرموك على بعد بضعة كيلومترات إلى الجنوب، ثم يتابع النهر جريانه جنوباً إلى أن يصب في البحر الميت. وكان المزارعون الفلسطينيون يستفيدون من مياه النهر قبل احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967. ولكن بعد الاحتلال فرضت إسرائيل قيوداً على استخدام المياه، وأعلنت الاراضي المحاذية للنهر مناطق عسكرية مغلقة.
وهناك ثلاثة أحواض جوفية رئيسية في الضفة الغربية، هي الحوض الغربي أو العوجا، والحوض الشمالي الشرقي، والحوض الشرقي.
وفي قطاع غزة، تتوافر المياه الجوفية في الخزان الساحلي الذي يتكون من الحجارة الرملية. وتقدر كمية المياه المتجددة في هذا الخزان بما بين 30و90مليون متر مكعب، في حين يتم استخراج أكثر من 120مليون متر مكعب. وهذا أدى إلى استنزاف الحوض المائي وتسرب مياه البحر المالحة وتدهور نوعية المياه.
تقدر كمية المياه التي يستهلكها السكان الفلسطينيون حالياً في الضفة الغربية بنحو 20في المئة من الكميات المتجددة سنوياً. وتستنزف إسرائيل ما يزيد على 80في المئة من الموارد المائية الفلسطينية، وهذا يشكل نحو ثلث استهلاكها. وتم تقنين كميات المياه المتوافرة للفلسطينيين، بحيث يراوح معدل استهلاك الفرد للأغراض المنزلية ما بين 25و35متراً مكعباً في السنة في الضفة الغربية، وبين 23و38متراً مكعباً في قطاع غزة، بينما يقدر الاستهلاك المنزلي الفردي السنوي في إسرائيل بحوالى 100متر مكعب. أما في الأردن فيقدر بحوالى 50متراً مكعباً. وهذا يعني أن كمية المياه المتوافرة للفلسطينيين للاستخدام المنزلي هي أقل بكثير من الاحتياجات الحقيقية. وتتعرض التجمعات السكانية الفلسطينية في فصل الصيف لانقطاعات متواصلة في امدادات المياه، مما يؤدي إلى تردي الأوضاع الصحية.
وبموجب اتفاق أوسلو، زيدت كميات مياه الشرب المخصصة للفلسطينيين 28,6مليون متر مكعب، غير أن إسرائيل لم تفِ بالتزاماتها ولم تزود الفلسطينيين سوى سبعة ملايين متر مكعب. وهذه الزيادة لن تسد الطلب ولن تلبي الاحتياجات المتزايدة لمواجهة النمو السكاني ومتطلبات القطاعين الصناعي والسياحي. أما في القطاع الزراعي، فيبلغ مجمل استهلاك المياه حوالى 89مليون متر مكعب في الضفة الغربية و70مليوناً في قطاع غزة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض نسبة الاراضي المروية إلى 11في المئة مقارنة بنسبة 49,2في المئة في إسرائيل.
البنية التحتية وتلوث من المستوطنات
يعتبر توافر بنية تحتية سليمة من أهم عناصر التطور الاقتصادي والبشري. ولقد تعرضت البنية التحتية الفلسطينية عبر سنوات الاحتلال لتدهور مطرد نتيجة الإهمال وعدم توفير الموازنات الضرورية للبلديات والمجالس القروية وتركيز اهتمام الإدارة المدنية على شق الطرق لخدمة المستوطنات. وقد تبنت السلطة الوطنية الفلسطينية برنامجاً طموحاً لتأهيل البنية التحتية، من خلال المجلس الاقتصادي للتنمية والاعمار والوزارات والسلطات ذات العلاقة. غير أن إصلاح التدهور الذي أحدثه الاحتلال سيحتاج إلى فترة طويلة.
تمد شبكات مياه الشرب نحو 80في المئة من المنازل في الضفة الغربية. أما في قطاع غزة فتغطي شبكات المياه 100في المئة من المنازل في المدن و98في المئة في المناطق القروية و97في المئة في المخيمات. غير أن معظم شبكات المياه الحالية قديمة وفي وضع رديء، ويبلغ الفاقد في معظمها ما بين 45و50في المئة.
وتغطي شبكات تجميع المياه العادمة نحو 25في المئة من مجموع منازل الضفة الغربية، اذ تقتصر على 50 - 60في المئة من المدن الرئيسية. أما في بقية التجمعات السكانية فيتم التخلص من المياه العادمة إما عن طريق الحفر الامتصاصية وأما بواسطة القنوات المفتوحة، مما يهدد بتلوث المياه الجوفية.
وتتوافر وحدات لمعالجة المياه العادمة في طولكرم وجنين ورام الله والخليل، غير أن بعضها لا يعمل تماماً والبعض الآخر ذو كفاءة منخفضة لا تزيد على 20في المئة. وتنساب المياه العادمة من التجمعات السكانية في الوديان من دون معالجة، مما يؤدي إلى تلوث التربة وتدهور الموارد الطبيعية وخاصة المياه الجوفية، علماً أن ظاهرة ري الخضر من المياه العادمة المنسابة في الوديان منتشرة في الضفة الغربية مما يشكل تهديداً للصحة العامة.
أما في قطاع غزة، فتخدم الشبكات الحالية ما يقارب 65في المئة من السكان، في حين تستخدم الحفر الامتصاصية والقنوات المفتوحة لبقية المساكن. وهناك ثلاث محطات لمعالجة المياه العادمة ذات كفاءة منخفضة في غزة وجباليا ورفح.
والوضع الحالي للمياه العادمة يشكل خطراً على المياه الجوفية، ويرفع تركيز النيترات فيها عن المستوى المسموح به عالمياً وهو 45جزيئاً في المليون، وخاصة في قطاع غزة بسبب قرب مستوى المياه الجوفية من سطح الأرض. وترتفع نسبة النيترات إلى ما يقارب 053جزيئاً في المليون في بعض المناطق، بينما يصل مستوى الملوحة في المياه إلى 1500جزيء في المليون.
وما يزيد من حدة المشكلة تصريف المستعمرات الإسرائيلية للمياه العادمة في الاراضي المجاورة، مما لوث مساحات واسعة من الاراضي الزراعية الفلسطينية. ففي الضفة الغربية، غالبا ما يتم تجميع المياه العادمة في المستوطنات من خلال شبكة للمجاري تنتهي وتتدفق على أراض زراعية للمواطنين الفلسطينيين، مع ما يصاحبها من تلويث وأمراض وروائح كريهة.
الطـرق الالتفافية تخدم المستوطنات وتعوق التنمية والعمران
منذ احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة تعمدت اهمال الطرق، واقتصرت الأشغال على عمليات ترميم بسيطة للطرق بين المدن والقرى الفلسطينية. ومعظم الطرق الرئيسية والفرعية التي تخدم المناطق الفلسطينية هي بحالة سيئة وتفتقر إلى التصميم الجيد والتعبيد والإنارة والخدمات الصحية اللازمة. ومنذ تسلم السلطة الفلسطينية زمام الأمور في بعض المناطق، قامت بشق وتعبيد الكثير من الطرق الرئيسية التي تربط بين المناطق السكنية، بالإضافة إلى الطرق الفرعية داخل المدن والقرى.
في الوقت ذاته، بنت إسرائيل شبكة من الطرق الالتفافية لخدمة أغراض الاستيطان. وتربط هذه الطرق بين مستوطنات الضفة الغربية من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، لكنها حكر على المستوطنين، ولا يسمح للفلسطينيين الا باستخدام بعضها.
وتخطط الحكومة الإسرائيلية لشق طرق التفافية جديدة على أراضي الفلسطينيين الزراعية في الضفة الغربية، وذلك قبل اتفاقات الحل النهائي، بحيث تسيطر على أكبر مساحة من الأرض. و مع إنجاز المشروع الإسرائيلي للطرق الالتفافية، تكون إسرائيل حققت أحد الأهداف الرئيسية من هذه الطرق، وهو تقطيع أوصال الضفة الغربية وتحويلها إلى كنتونات وإعادة رسم حدودها والتأثير على المخططات الهيكلية للقرى والمدن الواقعة ضمن مخطط الطرق الالتفافية، مما يحول دون تنميتها سكانياً وعمرانياً. وأوضح مثال على ذلك  إحاطة مدن محافظة بيت لحم الثلاث بالمستوطنات والطرق الالتفافية مما يمنع تطورها وامتدادها العمراني. فمن الجنوب تحاوط بيت لحم مجموعة مستوطنات غوش عصيون، وفي الغرب مستوطنة هار جيلو ومستوطنة بيتار عليت وطريق التفافية، وفي الشرق مستوطنة تقوع وطريق التفافية، وفي الشمال الموقع المقترح لمستوطنة أبو غنيم.
مطامر مفتوحة
إن إنتاج النفايات الصلبة في مجتمع ما هو انعكاس واضح لمعدلات الاستهلاك. ويراوح انتاج الفرد الفلسطيني من النفايات الصلبة بين 0,7و1,0كيلوغرام يومياً، بينما يبلغ المعدل في إسرائيل 1,6كيلوغرام وفي الولايات المتحدة 2,5كيلوغرام. وبلغت كمية النفايات الصلبة المنزلية الناتجة عام 1997في الضفة الغربية نحو 620ألف طن وفي قطاع غزة نحو 320ألف طن. وتحتوي النفايات الصلبة المنزلية في فلسطين على نسبة عالية من المواد العضوية تراوح بين 65و75في المئة، مما يجعل استغلالها مجدياً في صنع السماد العضوي.
وتوفر البلديات والمجالس القروية خدمة تجميع النفايات للتجمعات السكانية الفلسطينية، في حين تقوم وكالة الغوث بهذه الخدمة للاجئين الفلسطينيين في مخيمات الضفة والقطاع. وتتوافر خدمة تجميع النفايات لنحو 70في المئة من سكان الضفة و99,4في المئة من مجموع سكان غزة. أما من لا تصلهم هذه الخدمة فيقومون بتجميع النفايات وحرقها في جوار المنازل.
وتتخلص البلديات والمجالس القروية من النفايات الصلبة في أماكن عامة مفتوحة متفق عليها، وأحياناً باستئجار قطعة أرض لمدة محددة. لكن هذه المكبات غير معزولة ولا مسيجة، بحيث يسهل العبث بها. وكثيراً ما تحدث حرائق مفاجئة داخل المكب مسببة تلوث الهواء. ولا تتوافر مواقع طمر صحية. وهذا يشكل خطراً على الصحة ويلوث الأحواض المائية والتربة من خلال العصارة الناتجة عن النفايات، فضلاً عن الروائح الكريهة وتشويه المناظر الطبيعية. وفي الضفة الغربية أكثر من 100موقع تستخدم كمكبات للنفايات، وفي قطاع غزة 19موقعاً. وتلقى هياكل السيارات والردميات في الأماكن المفتوحة من غير ضوابط.
نفايات صناعية وطبية
أدت القيود التي تفرضها إسرائيل على قيام صناعات محلية فلسطينية إلى كبح تطور القطاع الصناعي. وعلى رغم ذلك ظهرت بعض الصناعات الهامة مثل قص الحجر والصناعات الجلدية والنسيجية وبعض الصناعات المعدنية. وفي غياب المقاييس والقوانين خلال السنوات الماضية، ظهرت ممارسات خاطئة من أصحاب المصانع، يشكل استمرارها خطراً على الصحة والبيئة. ومن أهم تلك الممارسات عدم معالجة النفايات الصناعية الصلبة والسائلة بالطرق السليمة، والتخلص منها دون معالجة بابقائها قرب المصنع أو حرقها في الهواء الطلق أو خلطها بالنفايات المنزلية، مما يلوث المياه الجوفية والهواء والتربة بمواد خطرة وسامة.
ويعتبر استخراج الحجار لأغراض البناء من أهم الصناعات المحلية. وتنتشر المحاجر في معظم محافظات الضفة الغربية، خصوصاً بيت لحم والخليل ونابلس ورام الله. وهي تنتج كميات كبيرة من الغبار تلوث الهواء، وكثير منها لا يبعد الا أمتاراً قليلة عن المناطق السكنية. تضاف إلى ذلك المحاجر الإسرائيلية في أراضي الضفة الغربية، حيث تبلغ المساحة المصادرة لهذا الغرض أكثر من18,7كيلومتراً مربعاً. وتعتمد إسرائيل على الحجر المستخرج من المناطق الفلسطينية لسد احتياجاتها، بعد أن صدر قانون في إسرائيل يمنع إنشاء محاجر جديدة بسبب تأثيرها السلبي على البيئة.
وتعتبر صناعة قص الحجر من الصناعات الحيوية في فلسطين. ومعروف أن مناشير الحجر تستهلك كميات كبيرة من المياه، التي غالباً ما تتحول إلى مياه عادمة تجمع وتلقى في المكبات والمناطق الزراعية مسببة أضراراً بالغة للتربة والنباتات، فضلاً عن البقايا الصلبة التي تلقى على جوانب الطرق والاراضي الزراعية.
والزيتون واحد من المحاصيل الرئيسية في الضفة الغربية، حيث يعصر سنوياً نحو 90في المئة من المحصول لإنتاج الزيت. وفيها نحو 278معصرة زيتون. وتنتج من عملية العصر مخلفات سائلة تحتوي على نحو 42ألف جزيء في المليون من المواد العضوية و65ألف جزيء في المليون من المواد العالقة. ويتم التخلص من هذه المخلفات دون معالجة بإلقائها قرب المعاصر أو في حفر امتصاصية.
وثمة مخلفات تحتوي على مواد سامة، مثل الكروم والزنك والنحاس والرصاص، تنتج في الضفة الغربية من مصانع الطلاء الكهروكيميائي ودباغة الجلود وصباغة الأقمشة. وكما في بقية الصناعات، يتم التخلص من هذه المخلفات في الحفر الامتصاصية وشبكات المجاري مع المياه العادمة المنزلية، التي غالباً ما تنتهي في الأودية أو في الأماكن المفتوحة ملوثة التربة والمياه الجوفية.
وهناك الكثير من الصناعات الملوثة للهواء، مثل صناعة الفخار وأفران الخبز التي غالباً ما يستخدم أصحابها زيت السيارات المستعمل أو إطارات السيارات كوقود. وتتوجه السلطة الفلسطينية نحو اعتماد المحاسبة البيئية والمعالجة في المصدر ووضع المقاييس والمعايير للحد من التلوث.
وتلوث إسرائيل البيئة الفلسطينية غير آبهة بالعواقب. فهي تقيم مناطق صناعية إسرائيلية داخل حدود الضفة الغربية وتنقل الصناعات الملوثة إليها. وقد صادرت أكثر من 3000دونم (ثلاثة كيلومترات مربعة) لإقامة سبع مناطق صناعية اسرائيلية على أراضي الضفة الغربية. وعلى رغم محدودية المعلومات المتوافرة للفلسطينيين عن النشاطات الصناعية داخل تلك المناطق، بسبب التعتيم على نوعية الصناعات وكميات الإنتاج والمخلفات، فإن التقديرات تشير الى وجود ما يزيد على 200مصنع إسرائيلي داخل هذه المناطق الصناعية، معظمها من الصناعات الملوثة مثل دباغة الجلود وطلي المعادن وصباغة النسيج وصنع البطاريات والمبيدات والصناعات البلاستيكية.
وكثيراً ما تتخلص اسرائيل من نفاياتها الخطرة في المناطق الفلسطينية بدفنها سراً في الأرض. ففي أيار (مايو) 1998اكتشف مسؤولون فلسطينيون نحو 50برميلا من المواد السامة مدفونة بالقرب من طولكرم وعزون.
أما النفايات الطبية، وهي من أخطر الملوثات البيئية، فيتم التخلص منها في الضفة الغربية وقطاع غزة إما حرقاً في الهواء الطلق، مما يلوث الهواء بالعناصر الثقيلة كالزئبق والرصاص، واما بجمعها مع مخلفات المنازل لتنتهي في المكبات العامة. وحديثا تم تزويد المناطق الفلسطينية بمحرقتين، الأولى في منطقة أريحا حيث تخدم المستشفى والعيادات الخاصة والعامة، والثانية في منطقة نابلس. لكن هاتين المحرقتين تفتقران الى منقي هواء، ويعاني سكان المناطق المجاورة من تلوث الهواء.
التنـوع الحيـوي
يبلغ عدد أنواع النباتات البرية في فلسطين نحو 2384، بينها اكثر من 140صنفاً مستوطناً غير موجود في أي منطقة أخرى من العالم. وهناك 95نوعاً من الثدييات و6أنواع من البرمائيات و93نوعاً من الزواحف و470نوعاً من الطيور. وتشهد فلسطين هجرة كثيفة للطيور، اذ تمر في سمائها سنوياً ملايين الطيور المهاجرة بين الشمال والجنوب.
وقد تعرضت فلسطين عبر التاريخ لسلسلة من الممارسات التي أفقدتها الكثير من موارد الحياة البرية. وهناك أربعة أسباب رئيسية لهذا الاستنزاف: أولاً، الآليات، خاصة الثقيلة منها التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي والتي تدمر الغطاء النباتي وتسبب تدهور التربة. ثانياً، قطع أشجار الغابات نتيجة الزحف العمراني على المناطق الخضراء، خصوصاً لإنشاء المستعمرات الإسرائيلية. وتستخدم إسرائيل عبارتي "المحميات الطبيعية" و"المناطق الخضراء" لمصادرة الاراضي بهدف استغلالها في المستقبل لأغراض الإستيطان. وأوضح مثال على هذا مستوطنة هار حوما التي تقام على جبل أبوغنيم الذي أعلنته السلطات الإسرائيلية سابقاً "منطقة خضراء". ثالثاً، الرعي الجائر الذي ترتب على سياسة إغلاق المناطق أمام الفلسطينيين، مما قلص مساحات الاراضي المتاحة للرعي وساعد في انقراض كثير من النباتات وتفاقم ظاهرة التصحر. رابعاً، استنزاف الموارد المائية مما يهدد بتلوث الأحواض الجوفية، اضافة الى نقص المياه اللازمة لتطوير الزراعة مما ساهم في ازدياد التصحر.
المبيدات الزراعية
لقد أحدثت المبيدات ثورة في عالم الزراعة، اذ ساعدت على زيادة الإنتاج بدرجة كبيرة. وأدى ذلك الى استخدام المبيدات بشكل مكثف، مع ما تحويه من مواد خطرة على البيئة والصحة العامة.  وفي فلسطين، يستخدم حالياً نحو 123نوعاً من المبيدات، منها 14نوعاً منع استخدامها عالمياً بتوصيات من منظمة الصحة العالمية و7أنواع أخرى تعتبر من »مجموعة الاثني عشر القذرة«. ويقدر ما تستهلكه الضفة الغربية من المبيدات بنحو 502طن سنوياً، منها 200طن من ميثيل البرومايد الذي يستخدم في تعقيم التربة في الزراعة المروية وله آثار سلبية على طبقة الأوزون.
ويتركز استخدام المبيدات في المحافظات الشمالية والأغوار.
أما في قطاع غزة فيبلغ مجموع المبيدات المستهلكة 282طناً في السنة منها 182طناً من ميثيل البرومايد. والمبيدات المستخدمة في فلسطين يتم الحصول عليها بواسطة إسرائيل، وبالتالي فإن المزارع الفلسطيني يفتقر الى المعلومات الكاملة عن تلك المبيدات من حيث الكميات والأساليب المناسبة لاستخدامها وطرق التخزين والتخلص من العبوات وتدابير السلامة عند الاستخدام، وذلك بسبب كتابة التعليمات باللغة العبرية التي لا يتقنها معظم المزارعين. يضاف الى ذلك غياب الإرشاد الزراعي. وقد تحسن هذا الوضع منذ تسلمت السلطة الفلسطينية الضفة الغربية وقطاع غزة. فمنع المزارعون من استخدام بعض المبيدات، وأصبحت العبوات تحتوي على إرشادات باللغة العربية، وبات الإرشاد الزراعي يقدم بواسطة المهندسين الزراعيين العاملين في وزارة الزراعة الفلسطينية.
البيئة في ظل الاحتلال
التشريعات البيئية التي كانت سارية خلال فترة الاحتلال قديمة من الزمن العثماني والبريطاني والأردني، اضافة إلى مجموعة من الأوامر العسكرية الإسرائيلية التي وضعت لتخدم مصالح الاستيطان. ومع تسلم السلطة الفلسطينية مهماتها، تسلمت معها إرثاً مهلهلاً من القوانين والتشريعات لا يتناسب مع متطلبات التنمية الحديثة. وهي تسعى حالياً الى إعداد تشريعات بيئية قادرة على مواجهة التحديات الراهنة والمتوقعة، بما في ذلك نظام لتقييم الآثار البيئية للمشاريع المقترحة.
لم تحظَ البيئة الفلسطينية، بعناصرها الحية وغير الحية، بأي اهتمام من سلطات الاحتلال العسكري. بل العكس صحيح، اذ ان الاراضي والمياه الفلسطينية كانت الهدف الرئيسي لسياسات الاحتلال الرامية إلى اقتلاع الإنسان الفلسطيني ونزع عناصر الإنتاج الرئيسي منه ليصبح تابعا لعجلة الاقتصاد الإسرائيلي. واتضحت هذه السياسة في الشهور الأولى من الاحتلال، حين دمرت القوات الاسرائيلية 140مضخة ماء على نهر الأردن كان الفلسطينيون يستخدمونها لري مزروعاتهم، وأغلقت العديد من الآبار في منطقة الأغوار، ثم أغلقت 70ألف دونم من الاراضي الزراعية في الأغوار بذرائع أمنية. وبدأت بعد ذلك عمليات مصادرة الاراضي الفلسطينية لبناء المستعمرات الإسرائيلية. وكانت السياسات الاستيطانية تبدأ بتحويل القواعد العسكرية الى «مراكز ناحل» أو ما يدعى طلائع الشبيبة الإسرائيلية، التي يتم تحويلها تدريجياً إلى مستعمرات. وبذلك بدأ استعمار الضفة الغربية من الأغوار، ومنها بقية أنحاء الضفة الغربية.
وكانت سلطات الاحتلال، من خلال ضابط شؤون الصحة، تتولى الشؤون البيئية في الضفة والقطاع. وفي العام 1981تم إنشاء «الإدارة المدنية»، وتابعت دوائر الصحة موضوع التفتيش البيئي. أما «المحميات الطبيعية» فكان يديرها ضابط لشؤون المحميات بتنسيق مع جمعية المحافظة على الطبيعة في إسرائيل، في حين كلف ضابط الزراعة رعاية شؤون الأحراج. ومنذ بداية الاحتلال، فرضت اسرائيل نفوذها على جميع المصادر المائية في فلسطين. ومن خلال أوامر عسكرية، كلفت دائرة مياه الضفة الغربية مهمة توزيع المياه للأغراض المنزلية ومنح رخص الآبار الجوفية تحت إشراف ضابط شؤون المياه. وفي قطاع غزة، تولت هذه المهمة دائرة شؤون المياه التابعة لدوائر الزراعة تحت إشراف ضابط الشؤون الزراعية.
البيئة بعد الاحتلال
بعد توقيع اتفاقات السلام مع إسرائيل وانسحاب الجيش الإسرائيلي من أجزاء محددة من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وتسلم السلطة الوطنية الفلسطينية تلك المناطق، لم تحظَ البيئة كغيرها من أمور الدولة بوزارة أو سلطة منفصلة ترعى شؤونها، بل توزعت مسؤولياتها على عدة مؤسسات رسمية مما أدى إلى بعثرة الجهود. فقد تولت الإدارة العامة للتخطيط البيئي التابعة لوزارة التخطيط والتعاون الدولي معالجة الشؤون المختلفة، في حين كانت وزارة الصحة تتابع شؤون صحة البيئة. وأدارت سلطة المياه شؤون المياه والمياه العادمة، في حين اهتمت وزارة الزراعة بشؤون المحميات الطبيعية والأحراج. ومنذ سنة ونيف أعلن عن إنشاء سلطة البيئة الفلسطينية، الأمر الذي يساعد في توحيد جهود المحافظة على البيئة.
من الواضح أن هناك غياباً للوعي البيئي في فلسطين. ويعود ذلك إلى الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني حيث الصراع من أجل البقاء أقوى من الحفاظ على البيئة. كما أن فترة الاحتلال الطويلة أدت إلى فتور المواطنية البيئية والإحساس بالمسؤولية عن الموارد العامة. ولئن تزايدت في الفترة الأخيرة النشاطات والبرامج الهادفة إلى الارتقاء بالوعي البيئي بين شرائح المجتمع الفلسطيني، فما زال النزاع الفلسطيني الإسرائيلي يلقي بظلاله على جميع عناصر البيئة الحية وغير الحية، وعلى رأسها الإنسان.
 
كادر
البيئة في فلسطين المحتلة ووضع المناطق ذات الغالبية العربية
تعتبر اسرائيل بلداً صناعياً متطوراً وعالي الانتاج نسبياً، حيث مستويات المعيشة والناتج الوطني الاجمالي أعلى كثيراً من المعدل العالمي. لكن مشاكلها البيئية كبيرة ولا تقل خطورة عما هي في بقية بلدان حوض البحر المتوسط.
تبلغ مساحة اسرائيل حوالى 20ألف كيلومتر مربع، منها أكثر من 50في المئة أراض قاحلة وغير مأهولة، وتعيش غالبية سكانها ضمن شريط ضيق هو سهل ساحلي عرضه بين 2030كيلومتراً وطوله نحو 200كيلومتر.
وتقع في هذا الشريط أيضاً أكثرية المصانع الاسرائيلية التي تنتج أشياء مختلفة تراوح بين صناعات التكنولوجيا المتقدمة والمنتجات البلاستيكية والكيميائية والغذائية والاسمنتية والفولاذية والبترولية وغيرها، فضلاً عن مصافي النفط والموانئ ومحطات توليد الكهرباء.
ويقع داخل هذا الشريط أيضاً أكثر من نصف مصادر اسرائيل المائية في شكل أحواض جوفية. ونظراً الى طبيعة المنطقة الطوبوغرافية، اذ تحيط بها الهضاب، فهي تستقبل أيضاً مياه الصرف المنزلية والصناعية التي تتسرب أحياناً الى خارج الحدود.
ولم يبدأ الوعي الشعبي للمشاكل البيئية الخطيرة في اسرائيل والتصدي لها على الصعيد الرسمي الا في العقد الماضي. وعلى رغم انشاء وزارة للبيئة، فان الوضع ما زال بعيداً عن المقبول.
ان التزايد غير الاعتيادي في عدد السكان، الناتج أساساً من الهجرة اليهودية المكثفة واحتمالات استمرارها مستقبلاً، هو أيضاً عامل مهم يؤثر سلباً في الوضع البيئي. فقد ارتفع عدد سكان اسرائيل من نحو 875ألف نسمة عام 1948الى أكثر من ستة ملايين حالياً.
الا أن المرء يلاحظ بسهولة وجود كيانين مختلفين منفصلين: غالبية يهودية ذات ثقافة وطريقة عيش متأثرتين بالنمط الغربي، وأقلية عربية تعدادها نحو مليون نسمة ما زالت تحافظ على ثقافة شرق أوسطية وشبيهة بالمجتمعات شبه المدينية في العالم الثالث: نسبة مرتفعة للنمو السكاني الطبيعي، ونقص في الخدمات العامة، وغياب النشاط الصناعي، وأوضاع اقتصادية سيئة نسبياً بحيث يعتمد السكان على فرص العمل خارج قراهم.
من جهة أخرى، تم اسكان معظم المهاجرين اليهود في مستوطنات أو أحياء جديدة أنشئت وفق المعايير الهندسية الراقية وجهزت بكل ما يلزم من مرافق وخدمات حديثة، في حين اتبع التوسع السكني العربي نهجاً تنموياً طبيعياً تمحور حول قرى تاريخية قديمة ظلت حتى الآونة الأخيرة محرومة من الخدمات العامة. وأدى النمو السكاني السريع بين العرب، ومعدله نحو 5,3في المئة سنوياً، الى تفاقم متزايد للأوضاع البيئية ناتج من الاكتظاظ وتعاظم الضغط على شبكات الخدمات العامة. وقد شهدت السنوات الاخيرة تحسناً نتيجة تطور مشاريع الصرف الصحي وجمع النفايات، لكن الوضع ما زال سيئاً جداً في المناطق العربية. وفي ما يأتي بعض المشاكل البيئية في هذه المناطق:
- معظم القرى العربية ربطت بشبكة مياه للاستهلاك البيتي، الا أن هناك قرى صغيرة تمنع عنها الحكومة مياه الشبكة بحجة أنها قرى غير معترف بها تحجب عنها جميع الخدمات الحكومية. وقد تألفت لجنة من ممثلي 40قرية لمتابعة هذه المسألة.
- هناك قرى تفتقر الى شبكات الصرف الصحي وتعاني من تلوث مياه الشرب.
- أهم مشكلة تعاني منها المدن والقرى العربية هي الازدحام الشديد بسبب الصعوبات في توسيع مسطحات البناء. وأسفر عن ذلك ارتفاع هائل في أسعار الارض واختناق سكاني. معظم الشوارع قديم، وغير مؤهل لاستيعاب الاعداد الكبيرة من وسائل النقل. والحكومة تماطل كثيراً في توسيع المسطحات.
- تقوم مشاغل كثيرة داخل القرى والمدن، مثل معاصر الزيتون وحظائر البقر والغنم وغيرها، وهذه تشكل بؤراً بيئية داخل المناطق المزدحمة جداً والتي تكاد تخلو من الساحات العامة والحدائق. ويشكل "العكر" من معاصر الزيتون مشكلة غير محلولة، اذ لا يجوز تصريفه في مجاري الصرف الصحي، وهو يجري في شوارع قرى كثيرة. وهناك حاجة ماسة الى تصنيف الأراضي لاستيعاب المشاغل في مناطق محددة.
- وضعت السلطات الاسرائيلية خطة لنقل الكسارات بعيداً عن المدن اليهودية الى مناطق محاذية للقرى والمدن العربية.
- يستعمل المزارعون العرب الكثير من المبيدات الزراعية من دون أي مراقبة أو ارشاد.
- التوعية البيئية معدومة، ولا برامج مدروسة لفرز النفايات.
- تجمع النفايات من البيوت بشكل مقبول في معظم القرى الكبيرة، الا انها تنقل من هناك الى مزابل مكشوفة من دون أي متابعة.
- كثير من محطات معالجة مياه المجاري قريبة جداً من القرى، ومعظمها مستنقعات أكسدة تفتقر الى الشروط الصحية، وهي غير كافية لاستيعاب مياه المجاري المتزايدة. والمزارعون العرب، بشكل عام، لا يستعملون المياه المعالجة، فتجري بعد تطهيرها في الوديان.
فؤاد فرح
مهندس بيئي - الناص
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.