خاص "البيئة والتنمية"
يعتبر قطاع الطيران مساهماً مهماً في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، فهو مسؤول عالمياً عن 2 في المئة من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون الناتجة عن النشاط البشري، وهذا يمثل 12 في المئة من مساهمة مجمل وسائط النقل في الاحتباس الحراري. وعلى الرغم من التحسينات المرتقبة في الكفاءة، فإنه من المتوقع أن تنمو انبعاثات الطيران العالمي بنسبة 70 في المئة بحلول 2020 مقارنة بمستويات 2005.
في أبوظبي، يجري حالياً تطوير مشروع تجريبي للحصول على الوقود الحيوي باستخدام مياه البحر وضوء الشمس فقط. نجاح هذا المشروع لا يعني الحصول على طاقة نظيفة للطائرات فحسب وإنما إنتاج الغذاء أيضاً. فكيف يمكن لهذا المشروع أن يحل واحدة من كبرى المشاكل البيئية؟
يقوم مشروع "استزراع مياه البحر" على استخدام النباتات التي تتحمل الملوحة مثل أشجار المانغروف (القرم) والساليكورنيا الغنية بالزيت، فضلاً عن تربية الأحياء المائية التي تُستهلك كمأكولات بحرية مثل الجمبري والأسماك.
المشروع يجري تطويره من خلال اتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة في أبوظبي، وهو تجمّع يضم شركة الاتحاد للطيران ومعهد "مصدر" للعلوم والتكنولوجيا، إضافةً إلى شركات بوينغ وجنرال إلكتريك ويو أو بي هانيويل. وتوفر هذه الشركات التمويل المطلوب للمشروع، والسوق الاستهلاكية الواعدة في حال نجاحه.
يضم المشروع منشأة بحثية تستفيد من مياه البحر لتربية الأسماك والروبيان لاستخدامها كغذاء، ثم يتم تصريف المياه المليئة بالمغذيات والمخلفات العضوية في أحواض من أجل تخصيب نباتات الساليكورنيا التي يمكن استخلاص زيوتها والاستفادة منها في إنتاج الوقود الحيوي الخاص بقطاع الطيران. يمكن لهذه النباتات أن تعيش في مناطق قاحلة وظروف صحراوية قاسية وهي لا تتطلب المياه العذبة أو الأراضي الصالحة للزراعة كي تنمو.
وفي المرحلة الأخيرة من المنظومة، يتم تحويل تلك المياه، قبل إعادتها إلى البحر، إلى غابات أشجار المانغروف التي تعمل بدورها كمصفاة نهائية للعناصر الغذائية المتبقية، وكمصرف للكربون نظراً لاتساع جذورها. ويستفاد من أشجار المانغروف في الحصول على الوقود الحيوي أيضاً.
المشروع يحقق نجاحاً ملحوظاً، وسيتوسع من هكتارين حالياً إلى 200 هكتار في غضون ثلاث سنوات، تشمل 140 هكتاراً لزراعة الساليكورنيا و30 هكتاراً للاستزراع السمكي و20 هكتاراً لمزرعة المانغروف. ويتكامل أثر المشروع من خلال استخدام الألواح الكهروضوئية لتأمين الطاقة اللازمة لاسيما مستلزمات تشغيل المضخات. وبالتالي يعتبر عملاً متكاملاً لإنتاج الغذاء واستخلاص الوقود الحيوي للطائرات وتوليد الطاقة النظيفة في أرض لا تصلح للزراعة وباستخدام مياه البحر المالحة.