Thursday 18 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
 
مقالات
 
غنوة شماس قيادة نحو الخطر  
شباط (فبراير) 2006 / عدد 95
 التفاتة الى سائقي التاكسي لتنبيههم الى الملوثات المتربصة بهم وإرشادهم الى سبل بسيطة تخفف من تعرضهم لها، وطرح حلول برسم المسؤولين و''من يهمه الأمر''
 
كم مرّة تذمّرنا من طريقة قيادتهم ومن الدخان المتصاعد من عوادم سياراتهم؟ ولكن هل تأمّلنا مرة واحدة الأخطار التي يتعرّضون لها أثناء مزاولتهم عملهم اليومي؟ لقد ثبت أن سائقي سيارات الأجرة يواجهون خطر الموت نفسه الذي يهدد العاملين في مناجم الفحم.
فعلاً، يتعرض سائقو سيارات الأجرة لأخطار عديدة ومتنوعة تؤثر في صحتهم ونوعية حياتهم. وقد اهتم الكثير من الباحثين بدراسة هذا الموضوع، خصوصاً في أوروبا الغربية وأميركا الشمالية، حيث هذه المهنة منظمة أكثر مما هي في البلدان النامية، وحيث يكون السائق محمياً أكثر بسبب جهوزية سيارته وتثقيفه مهنياً والأنظمة المتقدمة بخصوص السير والطرقات.
أخطار تلوث الهواء
يتعرض سائقو سيارات الأجرة لمزيج من ملوثات الهواء التي يتغير مستوى كل منها مع تغير الأحوال الجوية ومع اختلاف كثافة السير على الطرقات بين المناطق وبين فترات النهار. فمستوى الملوثات داخل السيارة ينخفض كلما ازدادت سرعة الرياح مثلاً، ويرتفع عندما تتباطأ سرعة السيارات المجاورة وتزداد كثافتها وتقترب المسافات بينها.
أهم ملوثات الهواء التي يتعرّض لها سائقو سيارات الأجرة بكثافة هي أول أوكسيد الكربون، والجزيئات الدقيقة المعلقة، واوكسيدات النيتروجين، والمركبات العضوية الطيّارة (VOC)، وهي تنبعث من عوادم السيارات. لقد برهنت الدراسات أن الأشخاص يكونون معرّضين لهذه الملوثات داخل سياراتهم أكثر بمرتين الى ثماني مرات من الأشخاص في محيط الطرقات، ذلك لأن السائقين والركاب هم أقرب من سواهم الى العوادم.
يدخل أول اوكسيد الكربون الى مجرىالدم ويحول دون وصول الأوكسيجين الى كامل الجسم. لذلك فإن مستوى منخفضاً من هذا الملوث يسبب الدوار وآلام الرأس والتعب، أما التعرض لكميات مرتفعة فقد يكون مميتاً. وتخفف الجزئيات الدقيقة من وضوح الرؤية عند السائقين، وتتسبب في اتساخ ثيابهم وسياراتهم. لكن الأخطر من هذا أنها تعشش في نسيج الرئتين وتزيد الأمراض التنفسية.
أما أوكسيدات النيتروجين فتتفاعل في الهواء مع المركبات العضوية الطيارة، ويصعب هذا المزيج عملية التنفس، خصوصاً عند الذين يعانون من الربو. كما يتفاعل هذان الملوثان في وجود الحرارة وأشعة الشمس لتوليد الأوزون الأرضي، الذي يهيج الجهاز التنفسي والعينين ويسبب أوجاع الصدر والسعال الدائم ويجعل الرئتين أكثر عرضة للالتهاب.
وعلى رغم الجهود المبذولة عالمياً لابتكار واستعمال أجهزة تخفف من الملوثات الناتجة عن السيارات، مثل المحوّل الحفاز (catalytic converter)، فإن هذه الملوثات لا تزال تنبعث بملايين الأطنان نظراً لازدياد عدد السيارات والشاحنات في العالم وازدياد المسافات التي تقطعها.
ويلعب عمر السيارة أيضاً دوراً مهماً في ازدياد مستوى الملوثات المنبعثة منها. فكلما طال عمرها ازدادت مساهمتها في تلوث الهواء. وقد وجدت وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة أن 55 في المئة من السيارات التي تجاوز عمرها 7 سنوات هي ملوِّثة من الدرجة الأولى.
أخطار القيادة على الجسم
من أهم المشاكل الناجمة عن القيادة المكثفة آلام في العنق والكتفين والظهر، ودورة دموية بطيئة في الرجلين مع تشنجات، وإصابات  في الظهر عند رفع الأغراض الثقيلة فوراً بعد القيادة، واحتمال الاصابة بـ''ديسك'' في العمود الفقري على المدى الطويل.
تنشأ آلام الظهر والعنق المزمنة الناجمة عن القيادة من عاملين أساسيين، هما الجلوس لفترات طويلة وارتجاجات كامل الجسم. عندما نجلس، يزداد الضغط على فقرات الظهر، التي تكون في هذه الوضعية أقل جهوزية لتحمل ارتجاجات السيارة. واذا كان المقعد غير مسوى بالطريقة الصحيحة، فقد تنشأ نقاط ضغط في الجهة الخلفية من الرجلين، وقد يتعب العضل في أسفل الظهر. كما أن ابقاء الرأس دوماً ثابتاً، خصوصاً بوجود ارتجاجات، يتعب عضل العنق وأعلى الظهر. والدوس لفترات طويلة على دواستي الوقود والكابح يسبب تصلباً في الرجلين وفي أسفل الظهر.
وتولّد المطبّات والحفر في الطرقات ارتجاجات على طول العمود الفقري، تكون عادة منخفضة السرعة (أقل من 100 هرتز). وتزيد عادات الجلوس السيئة أثر الارتجاجات على العنق والكتفين وأسفل الظهر.
وتسبب ارتجاجات المحرك تصدعات دقيقة في العمود الفقري وبروزاً لأقراص الفقرات (ديسك) وأذى للأعصاب، فضلاً عن أوجاع في أسفل الظهر وتقلص العضلات. الارتجاجات البطيئة تسبب النعاس، والارتجاجات السريعة تغشي النظر بمفعول حركة الصورة على الشبكية.
من جهة أخرى، يؤدي تعرض السائق للضجيج على الطرقات الى تدهور حاسة السمع، ويساهم مع مشاكل نفسية أخرى في ازدياد حالة التوتر. وتضر الضجة بجهاز القلب والشرايين، والجهازين العصبي والهضمي، وتضعف فعالية السائق.
تتعدد أسباب التوتر لدى سائقي سيارات الأجرة. يكفي أن نقود سيارتنا الى عملنا والى منزلنا لفترات قصيرة حتى نشعر بالتوتر ونشكر ربنا على اجتنابنا عشرات الحوادث. فما بالك بمهنة تتطلب وجوداً دائماً في السيارة وعلى الطرقات؟ يتوتر السائقون من أمور عديدة، مثل كثافة السير والازدحام، وازعاج بعض الركاب، وتعطّل السيارة، والحوادث، والقيادة غير المسؤولة للسائقين الآخرين. وتزيد المشاكل الاقتصادية وضغوط المعيشة من هذا التوتر، خصوصاً بوجود منافسة من الحافلات العامة ذات الأجر المنخفض. فيجد سائقو التاكسي أنفسهم في بعض الأحيان يعودون الى المنزل مساء، أو ليلاً، متعبين، متوترين، وأحياناً بأجر يكاد لا يسدد ثمن الوقود لليوم التالي.
يولد التوتر شعوراً بالاحباط والاجهاد العصبي مما يؤدي الى علل جسدية، كالصداع الحاد وعسر الهضم والقرحة وارتفاع ضغط الدم واضطرابات القلب. ويحاول السائقون التخفيف من توترهم باللجوء الى التدخين، لكن ذلك يعرضهم لمشاكل صحية اضافية هم بغنى عنها.
حلول لتجنب مخاطر القيادة
ثمة حلول شمولية وحلول تخفيفية للمخاطر التي يتعرّض لها سائقو سيارات الأجرة. يكمن بعضها في يد السائق نفسه، وبعضها في يد السلطات المعنية.
حلول في اليد:
- يستحسن أن يكون ظهر المقعد بزاوية 110 درجات مع الساقين لتخفيف الضغط على الفقرات واراحة عضلات الظهر.
- يُفترض أن يكون السائق قادراً على دوس دواستي الوقود والكابح من دون حاجة الى تحريك أسفل ظهره الى الأمام بعيداً عن المقعد.
- ينصح بوضع منشفة ملفوفة عند أسفل الظهر وتركيب مسند لليدين.
- تغيير الوضعية عند القيادة قدر الامكان. على سبيل المثال، ينصح بتقديم ظهر المقعد وترجيعه بدرجات صغيرة كل 20 الى 30 دقيقة، لتغيير اتجاه الارتجاجات على الجسم.
- معاينة ماصّ الصدمات (أمورتيسور) ووضع وسادة على المقعد لامتصاص الارتجاجات.
- تؤخذ فترات استراحة، على الأقل خمس دقائق كل ساعة، بحيث يستطيع السائق أن يمشي أو يتمدد قليلاً.
- تخفيف الوزن الزائد للحؤول دون تعرض الجسم لوجع الظهر. وعلى السائق الاستفادة من فترات الاستراحة وأيام العطلات للقيام بنشاطات رياضية. كما يجدر الانتباه الى نوعية الطعام والتركيز على تناول الخضار والفاكهة والألياف، رغم صعوبة هذا الأمر بسبب التنقل الدائم.
- تجنب رفع الأغراض الثقيلة مباشرة بعد القيادة، لأن العضلات تكون متعبة. ويجدر بالسائق التمدد لدقيقة أو اثنتين قبل رفع أي غرض ثقيل.
- التخفيف من سرعة القيادة للتخفيف من الارتجاجات.
- لتجنب مخاطر التوتر: على السائق وضع أهداف وتوقعات عملية لاجرته ولحركة الزبائن، واتباع أنظمة السير التي صممت لحماية السائق والمشاة، وتنظيم وقته بحيث يتسنى له مجال للاستراحة وللاجتماع مع العائلة وتناول الطعام الصحي والقيام بالتمارين الرياضية، وعليه أيضاً الاقلاع عن التدخين.
حلول خارج سيطرة السائق:
- تنظيم مهنة سائقي سيارات الأجرة للتخفيف من المنافسة ومشاعر القلق والتوتر. يمكن، مثلاً، أن ''يتسلم'' السائق منطقة معينة، وينتقل الى أخرى أقل تلوثاً لبعض الوقت فيريح جهازه التنفسي والعصبي، ومن ثم يعود الى منطقة أكثر ازدحاماً.
- يشمل تنظيم هذه المهنة أيضاً دراسة دوام العمل ومدى اشتماله على فترات استراحة وتناول طعام صحي وحصول السائق على التعويضات والحقوق اللازمة.
- تجهيز سيارات الأجرة بمقاعد سليمة وجهاز تهوئة يعيد تدوير الهواء وينقيه من الملوثات.
- صيانة الطرقات وتسهيل السير في المناطق المزدحمة.
- من الارشادات العالمية وضع سدادات للأذنين عند تخطي مستوى الضجيج 85 ديسيبل. وقد تبين من دراسة أجريت في الهند أن السائقين يتعرضون لضجيج يتراوح بين 89 و106 ديسيبل. كما يأتي حل هذه المشكلة عبر التصميم الدقيق لسيارات الأجرة، ومعالجة مشاكل السير، وتوفير سبل الحماية من مخاطر الضجيج.
يجدر بجميع السائقين أن يتعرفوا الى الأخطار التي تترصدهم وأن يدركوا سبل المعالجة الموجودة في متناولهم. كما يجدر لفت نظر المسؤولين ليعملوا على التخفيف من الأخطار التي يتعرض لها سائقو سيارات الأجرة. فقد تكون هذه بداية لحملة توعية ووقاية تنسحب على جميع المهن من أجل السلامة العامة.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
عماد سعد (أبو ظبي) النقل المستدام في الدول النامية
وجدي رياض (القاهرة) سيارات مصر تتحول الى الغاز الطبيعي
البيئة والتنمية النقل المستدام وتحديات المستقبل
عماد فرحات ورافينا زيناتي جديد السيارات الخضراء
بيروت ـ "البيئة والتنمية" الوقود النظيف ووسائل النقل البري
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.