Saturday 20 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
 
. النباتات الطبية صيدلية الطبيعة  
كانون الثاني - شباط/ يناير-فبراير 2012 / عدد 166-167
هناك نباتات تنقذ الناس من الموت، والسؤال الآن هو: من ينقذ هذه النباتات من الاستغلال المفرط وخسارة الموائل وتهديدات أخرى تعرضها للانقراض؟
في كل سنة يتم الاتجار عالمياً بنحو نصف مليون طن من النباتات الطبية والعطرية المجففة، كما يتم الاتجار بكمية غير معروفة وإنما كبيرة في الأسواق المحلية. يُـحصد أكثر من 50 في المئة من هذه النباتات من البرية، ويزداد الطلب عليها في أنحاء العالم. وبسبب تحويل استخدامات الأراضي وتدهور الموائل في كثير من المناطق، بات نحو ربع هذه الأنواع النباتية مهدداً بالانقراض.
نشرت شبكة مراقبة الاتجار بالحياة الفطرية (TRAFFIC) نتائج دراسة ميدانية أجرتها حول الطب التقليدي في كمبوديا وفيتنام، بهدف تحسين فهم استعمال الموارد الطبيعية وتنظيم شبكات الطب التقليدي لتعزيز الحماية والاستدامة. وتبين أن نطاق اللجوء الى الطب التقليدي كبير في البلدين، وأن النباتات والحيوانات تؤدي دوراً حيوياً فيه. ففي كمبوديا، يتم حالياً استعمال أكثر من 800 نوع من النباتات (نحو 35 في المئة من الأنواع المتوطنة في البلاد) في طب الخمير التقليدي، بينما يستعمل في فيتنام أكثر من 3900 نوع نباتي و400 نوع حيواني في العلاجات التقليدية.
وهناك 80 نوعاً نباتياً تستعمل في الطب التقليدي هي ذات أولوية عالية من حيث الحماية الوطنية في كمبوديا، فيما كثير من الحيوانات البرية التي تتعرض للبيع في فيتنام بشكل مكشوف، ومنها الدببة وأفراس النهر والفيلة والنمور، مهددة بالانقراض وتحميها قوانين دولية. وهناك حالياً 71 نوعاً من الحيوانات التي يتم الاتجار بها واستعمالها لأغراض طبية في فيتنام هي مهددة بالانقراض عالمياً ومدرجة على القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة.
وقد أوصت الدراسة باجراء مزيد من الأبحاث ورفع الوعي الجماهيري، وحثت على اتخاذ مزيد من الاجراءات لتحسين عمليات جمع المعلومات وتقاسمها بين الوكالات والمؤسسات والمنظمات المتعددة الضالعة في حصاد النباتات والحيوانات والاتجار بها واستعمالها في الطب التقليدي.
في محاولة لمواجهة هذا الواقع، أطلق الصندوق العالمي لحماية الطبيعة (WWF) والاتحـاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN) وشبكـة مراقبة الاتجار بالحيـاة الفطرية (TRAFFIC) والوكالة الاتحادية الألمانية لحماية الطبيعة (BfN) وشركاؤها «مبادرة إنقاذ النباتات التي تنقذ الأرواح وموارد الرزق». تقول سـوزان هونيف رئيسة بـرامج النباتات الطبية لدى TRAFFIC إن «نحو 15,000 نوع نباتي، من أصل ما يقدر بين 50,000 و70,000 نوع تستعمل في صنع الأدوية ومستحضرات التجميل والمكمِّـلات الغذائية، هي مهددة».
 
نباتات تقليدية، أناس تقليديون
في كثير من البلدان النامية، توفر النباتات التي تجمع من البرية الأدوية الفعالة الوحيدة لغالبية سكان الأرياف، لأن الأدوية الأخرى هي إما غير متاحة وإما لا قدرة للريفيين على شرائها. وحتى في البلدان الغنية، يتنبه أشخاص كثيرون الى فوائد الأدوية الطبيعية.
وتشكل إضافة الطلب الاستهلاكي الى الطلب التقليدي على النباتات الفطرية عاملاً رئيسياً لاستغلالها وحصادها بشكل غير مشروع. وقد بدأت المجموعات الأربع المذكورة العمل عام 2004 وفق «معيار دولي لجمع النباتات الطبية والعطرية من البرية بطريقة مستدامة» (ISSC – MAP).
يقول أوي شيبمان رئيس قسم حماية النباتات في BfN  إن «هذا المعيار الذي نشر في أوائل 2007 يوفر الآن للشركات والحكومات ومديري الموارد والجهات المعنية الأخرى في قطاع النباتات الطبية والعطرية أداة إرشادية محددة لتطوير نظم ادارة الاستعمال المستدام لهذه النباتات التي تجمع من البرية».
محور هذا المعيار الدولي هو الحقوق العرفية للمجتمعات المحلية والشعوب الفطرية، وإبرام اتفاقيات لتقاسم الفوائد المتعلقة بالموارد الجينية والمسؤولية الادارية، يعززها التقيد بمفاهيم مثل الموافقة المبلغ عنها مسبقاً والشروط المتفق عليها بالتراضي.
ومبادرة «انقاذ النباتات التي تنقذ الأرواح وموارد الرزق»، التي تدعمها وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الاتحادية الألمانية، بدأت تنفيذ المعيار الدولي في مشاريع حول العالم، يجري تنفيذها في البرازيل والنيبال وليسوتو والهند وكمبوديا والبوسنة والهرسك والصين وأوكرانيا.
ففي منطقة الأمازون الاستوائية، تقوم مجموعة من النساء بإجراء بحوث حول أنواع نباتية طبية وعطرية متوطنة وحصادها بطريقة مستدامة. وهن يعتمدن المعيار العالمي في مشروعهن، ويتفحصن صلات وصل محتملة بمعايير أخرى في المنطقة. ان تحسين موارد الرزق يخلق حوافز لدى السكان لصون الموائل، والبرازيل بلد ناشئ لديه طلب محلي متزايد على منتجات تعتمد على النباتات وتنشأ من انتاج صديق للبيئة وحصاد مستدام.
والنيبال، بتنوع نظمها الايكولوجية الرائعة، من منخفضات تيراي جنوباً الى أعلى قمم العالم شمالاً، هي ملاذ لتنوع نباتي مذهل، حيث يستعمل أكثر من 1500 نوع نباتي لأغراض طبية. ويتم إعداد هيكليات لادارة الغابات في المجتمعات المحلية، ما يعتبر نقطة بداية جيدة لتنفيذ المعيار العالمي.
وفي ليسوتو وأقاليم جنوب أفريقيا المجاورة، تركز المبادرة على نبتة الغرنوقي (Pelargonium sidoides) التي تحظى بتقدير كبير نظراً لمقوماتها الشافية، ليس في المنطقة فقط بل في الخارج أيضاً. ففي ألمانيا مثلاً، تعتبر مستحضرات محتوية على مستخلصات الغرنوقي من الأدوية الأكثر مبيعاً لمكافحة نزلات البرد والالتهابات الشتوية الأخرى. وهناك حاجة ملحة لتطوير نظم ادارية تشمل جميع الجهات المؤثرة لضمان بقاء هذا النوع في المدى البعيد.
والهند من أكثر بلدان العالم انتاجاً واستهلاكاً للنباتات الطبية والعطرية البرية. وفي مناطق نائية، يوفر جمع هذه النباتات جزءاً كبيراً من مداخيل العائلات ويؤدي دوراً هاماً في الرعاية الصحية. والهند متقدمة جداً في مجال إعداد هيكليات إدارية تعتمد على المجتمعات المحلية لاستغلال الموارد الطبيعية. وهناك دعم سياسي قوي لتطبيق المعيار العالمي كأداة لجعل ممارسات الجمع والقطاف مستدامة. ويتم تنفيذ المشروع في ولايتي أوتاراخاند في جبال هملايا الغربية وكارناتاكا في جبال غات الغربية.
في كمبوديا، ما زال قطاع جمع النباتات الطبية والعطرية غير متطور، ولا يعرف إلا القليل عن هيكلياته ومستويات الجمع والتجارة. لكن من المعروف أن تجاراً من الهند وسعوا نشاطهم مؤخراً الى كمبوديا، ما زاد الضغط على الموارد الطبيعية فيها. وهناك اهتمام سياسي بتنفيذ المعيار العالمي، لكن هذا يتطلب مزيداً من الأبحاث في العمق حول قطاع جمع النباتات الطبية والعطرية وهيكليات التجارة. وسوف يباشر تنفيذ المعيار العالمي في منطقة مختارة لاقامة مشروع نموذجي.
 
حصاد مستدام
تعتبر منطقة جنوب شرق أوروبا المصدر الأوروبي الرئيسي لجمع النباتات الطبية والعطرية من البرية. وتحظى البوسنة والهرسك باهتمام خاص لأنها ما زالت في مرحلة إعادة البناء بعد انتهاء الحرب الأهلية عام 1995. وتركز الهيكليات الخاصة التي أقيمت مؤخراً على تجارة النباتات الطبية والعطرية وإطار قانوني حديث يوفر أوضاعاً مؤاتية، لترويج الحصاد المستدام لهذه النباتات واستعمالها في البلاد. ومن خلال تعاون وثيق مع السلطات المسؤولة عن الموارد والصناعة، يلحظ المشروع إحداث نموذج يمكن تكراره في أماكن أخرى من المنطقة.
يقول فرانك فاس ـ ميتز رئيس قسم البيئة والاستعمال المستدام للموارد الطبيعية في وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الاتحادية الألمانية: «يسعدنا أن نرى المعيار العالمي يتكيف مع البيئة المحلية ويستعمل على الأرض. لقد أبدت حكومات ومجتمعات وإدارات تحريج وشركات عدة اهتماماً بدعم المعيار العالمي وتعزيز فهمه في بلدانها». وأضاف أن هذا سوف يساعد في تطوير القدرات ونقل التكنولوجيا وتعزيز برامج الدعم المالي لمساعدة البلدان النامية في تنفيذ اتفاقية التنوع البيولوجي.
وترحب TRAFFIC بانضمام الحكومات والشركات الملتزمة والمنظمات غير الحكومية الى المبادرة والعمل لضمان حصاد المنتجات من النباتات البرية بما يتماشى مع المعيار العالمي.
 
cadre
زراعة النباتات الطبية تعزز الأمن الغذائي
بينت دراسات عديدة أن الفقر المطلق الذي تعانيه مجتمعات تعيش في المناطق الجافة وشبه الجافة يمكن تخفيفه من خلال زراعة النباتات الطبية الى جانب المحاصيل الغذائية. وهذا يشبه إصابة عصفورين بحجر واحد. ذلك أنه، إضافة الى زراعة المحاصيل الغذائية التقليدية التي تتناسب مع الأحوال المناخية السائدة في هذه المناطق، يستطيع السكان زراعة نباتات طبية تكسبهم عملة نقدية تمكنهم من تسديد الأقساط المدرسية وشراء الأدوية والسلع الأخرى التي يحتاجون اليها في ظل اقتصاد قائم على العملة النقدية. فالمحاصيل الغذائية توفر لهم الأمن الغذائي، فيما تؤمن المحاصيل الطبية مصدراً لدخل نقدي يلبي حاجتهم اليومية.
وفيما يستكشف الباحثون قدرة النباتات الطبية على منح ثروات لملايين الناس الذين يعيشون في المناطق الجافة وشبه الجافة، تدعو منظمات مدافعة عن التنوع البيولوجي حكومات البلدان النامية الى وضع سياسات تحمي من الاستغلال الذي تمارسه البلدان المتقدمة. وقد وجدت دراسة أجراها معهد إدموندز في الولايات المتحدة والمركز الأفريقي للأمن الحيوي في جنوب أفريقيا أن النباتات الطبية التي أخرجتها شركات صنع الأدوية المتعددة الجنسيات من أفريقيا جنت لها بلايين الدولارات، فيما لم تحصل أفريقيا على شيء. الدراسة بعنوان «الى خارج أفريقيا: أسرار تقاسم المنافع» وهي تكشف كيف أن الشمال يسطو على التنوع البيولوجي للجنوب، وتوصي الحكومات بأن تستيقظ وتحمي التنوع البيولوجي في بلدانها.
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.