Thursday 18 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
 
مقالات
 
عزة عبدالمجيد - عمّان قرية أيام زمان  
آذار-نيسان/ مارس-أبريل 2015 / عدد 204
 أبناء قرية المعطن المهجورة يعودون لإحيائها بعد النزوح عنها بسبب الجفاف والتلوث
أمور كثيرة ممزوجة بالذكريات والحنين إلى الأرض تدفع بأبناء قرية المعطن الأردنية لإحيائها. قد يكون عشق المكان وذاكرة الحياة فيه وراء بعثها تراباً وبيوتاً، مع آمال واسعة بالحفاظ على تراثها. لكن القرية لا تزال شامخة بموقعها وبألق الطبيعة وتنوعها وما صنعته يد الإنسان فيها على مر العصور.
تقع القرية، الرابضة على هضبة تطل على واد سحيق وغابات طبيعية، في محافظة الطفيلة في الجنوب الأردني. وهي من القرى التي أنشئت في نهاية العصر العثماني على أنقاض حضارات تعاقبت على المكان، من العصر الأدومي فالأنباط والعصر العربي الإسلامي وخاصة المملوكي ثم العثماني. ويتميز الموقع بمتاخمته لعاصمة الأدوميين في بصيرا، وقصر رمسيس الذي تهدمت معظم أجزائه وقد خلفه الفراعنة في حملاتهم دعماً للأدوميين.
وما يمنح المنطقة طابعاً مميزاً وادي الهيج الذي تطل القرية عليه، إذ يشكل مقطعاً صخرياً عمودياً شديد الانحدار، مع تركيبة رملية، إلى جانب كونه كثير الكهوف.
 نزوح السكان
شهدت قرية المعطن عبر تاريخها نشاطاً تجارياً وزراعياً كبيراً، بسبب توافر عنصر الأمن ومصادر المياه. وقد أدى التنوع المناخي إلى إثراء طبيعتها. فإلى جانب الأشجار الحرجية كاللزاب والوعر والبطم والخروب والتين واللوز، هناك أصناف من الشجيرات كالرتم والعلندة والعليق والحلفا، والأعشاب كالشيح والزعتر والبابونج. ويزخر محيطها بالعديد من الحيوانات البرية كالضباع والذئاب والثعالب وابن آوى، والطيور المهاجرة والمقيمة مثل الشنار والحجل واليمام، والطيور الحوامة كالنسور والعقبان والصقور.
لكن المنطقة تعرضت منذ منتصف القرن الماضي لتغير وصفه حسين محمد الشباطات، أحد أبنائها الناشطين في مجال تطويرها، بأنه «كارثي بفعل الإنسان والطبيعة». لكن حديثه عن تلك الأوضاع الكارثية يترافق مع حماسة كبيرة لإحياء القرية كمنتجع بيئي يساهم أبناؤها في ترميم بيوته.
يقول الشباطات إن التحول الكبير الذي طرأ على حياة القرية وسكانها جاء نتيجة لجفاف ينابيعها التي لم يبق منها سوى اثنين، بالإضافة إلى تغير المناخ وانحباس الأمطار، ثم أثر الزلزال الذي تعرض له الأردن في مطلع التسعينات فغارت مياه الينابيع في جوف الأرض. ويضيف أن مصنع إسمنت جنوب البلاد، لا يبعد أكثر من ثمانية كيلومترات، شكل كارثة بيئية للمنطقة بما أثاره من غبار أضر بالغطاء النباتي. وأدت التفجيرات في مقلع الحجارة للحصول على حجر الجير إلى إحداث «زلازل» اصطناعية ساهمت في ضياع مياه الينابيع. وتلاشت الزراعة ويبست الأشجار، وخاصة الزيتون الذي يعتبر ثروة وطنية، وانتهى بها المطاف وقوداً في مدافئ البيوت.
في نهاية السبعينات، أصبحت القرية مهجورة تماماً بعدما انتقل معظم سكانها إلى مدينة عين البيضاء المجاورة.
بيوت عتيقة صديقة للبيئة
تحولت بيوت القرية المبنية بالحجارة والطين أطلالاً عبر السنوات الماضية. إلا أن جدران الكثير منها، التي تتراوح سماكتها بين 70 سنتيمتراً ومتر، بقيت صامدة تعطف على ذكريات أصحابها. كان سقف البيت مغطى بأخشاب اللزاب المقاومة للتسوس، يُربط بعضها ببعض بحبال من الشعر والصوف، ثم يوضع غطاء آخر من شجيرات البلان، لتأتي بعد ذلك الطبقة الأخيرة من الطين الأصفر والصلصال الممزوج بالتبن، بسماكة لا تقل عن خمسة سنتيمترات، وهو ما يعمل على تماسك الطين وعدم تشققه. إلا أن السقوف كانت تحتاج إلى صيانة كل عامين على الأقل. أما الأبواب فكانت تصنع أيضاً من خشب اللزاب.
وكان أهالي القرية يشعلون الحطب داخل البيوت، فيشكل الدخان المتصاعد طبقة شبه عازلة على خشب السقف وأعواد القصب المستخدمة أسفل طبقة الطين، فيزيد من عمرها. ويقول الشباطات إن طبيعة هذه البيوت «هي بالتأكيد صديقة للبيئة، فهي دافئة شتاء وباردة صيفاً، بسبب أسلوب العزل والمواد المستخدمة في البناء».
ربما كان ذلك هو ما دفع فريقاً من المعهد البريطاني للآثار لاختيار القرية نموذجاً لدراسة المواد المستخدمة في بنائها وتطورها العمراني منذ العصر الحجري حتى العصر العثماني.
 المشاركة لإعادة التأهيل
بدأت جمعية البقيع السياحية التعاونية، التي تشكلت عام 2007 من بعض أبناء القرية برئاسة الشباطات، ترميم بعض البيوت القديمة في المرحلة الأولى من مشروع إعادة تأهيل المنطقة، الذي ينفذ بالتعاون مع وزارة السياحة الأردنية وبعض المؤسسات الدولية.
واتجهت الجمعية أيضاً إلى بناء بيوت مماثلة للزوار باستخدام مواد محلية وإعادة استخدام حجارة البناء القديمة. ولدى انطلاق العمل، جرى توفير البنية التحتية من طريق وكهرباء وماء، وإعداد مركز للزوار مزود بالخدمات. وأقيمت بيوت الشَّعر التقليدية، كما أنشئ برج مشاهدة بارتفاع تسعة أمتار يتيح للزوار الاستمتاع بطبيعة المنطقة.
تضمنت المرحلة الأولى أيضاً إنشاء نـزل المعطن البيئي لخدمة الراغبين في التخييم. وتهدف جمعية البقيع من خلال إحياء القرية إلى دعم سياحة البيئة والمغامرة والمسارات ومشاهدة الطيور، مع التركيز على سياحة البرامج لإطلاع السائح على أنماط الحياة المختلفة التي كانت سائدة في المكان.
لكن السؤال المطروح هو: هل يمكن لسكان هذه القرية العودة إليها بعد استكمال المشروع؟ يقول الشباطات إن العمل الذي يتضمن مرحلة ثانية، يجري خلالها ترميم مزيد من البيوت، يعتمد على المشاركة المجتمعية لتأهيل العناصر اللازمة للعمل السياحي، إلى جانب عقد دورات للتدريب على حرف قديمة كغزل النسيج باستخدام النول وصناعة الفخار من الصلصال.
وسوف تقوم الجمعية بتسويق منتجات هذه المهن التقليدية والمنتجات الحيوانية والزراعية. وهذا، كما يقول الشباطات، «سينعكس على تحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي للأفراد والتخفيف من البطالة والفقر مما قد يسمح لهم بالعودة إلى الحياة في القرية».
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.