Tuesday 16 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
 
مقالات
 
المعالجة اللاهوائية للنفايات العضوية  
أيلول (سبتمبر) 2002 / عدد 54
 تطبيق تكنولوجيات المعالجة اللاهوائية يتقدم بسرعة في بلدان أوروبية مثل ألمانيا، وفي بلدان نامية كبرى مثل البرازيل والهند والصين وتايلاند والمكسيك. وهذه التكنولوجيات تحوّل النفايات العضوية التي تنتجها المنازل والصناعات والمزارع الى أسمدة ومياه ري، وفي الوقت نفسه تنتج غازاً حيوياً (بيوغاز) كمصدر طاقة متجددة، يُحرق بشكل مباشر لأغراض التدفئة والتبريد وإما يُحول الى طاقة حرارية وكهرباء.
في أيار (مايو) الماضي نظم مركز الشرق الأوسط للتكنولوجيا الملائمة ومجلة "البيئة والتنمية" بالاشتراك مع معهد غوته في بيروت عدداً من الندوات والجولات الميدانية حول معالجة النفايات الصلبة والحمأة (الوحول الناجمة عن معالجة مياه الصرف) والمياه المبتذلة في لبنان، وخصوصاً من خلال تطبيق تكنولوجيا المعالجة اللاهوائية. ولهذا الغرض استقدم اختصاصي الغاز الحيوي (البيوغاز) هارتليب اويلر من ألمانيا، الذي قامت شركته "TBW GmbH"، ومقرها في فرنكفورت، ببناء محطات للمعالجة اللاهوائية منذ أكثر من 20 عاماً في عدة دول، لمعالجة النفايات البلدية الصلبة والمياه المبتذلة والنفايات الصناعية والزراعية. ويرأس أويلر أيضاً مجموعة العمل "ANS" التي تعنى بالمعالجة اللاهوائية، وهي أكبر مؤسسة في ألمانيا تتولى الترويج لاعادة تدوير النفايات واعادة استعمالها محلياً وعالمياً.
شملت الجولات الميدانية مكبات للنفايات الصلبة ومحطات لمعالجة المياه المبتذلة ومسالخ ومزارع لتربية المواشي والدواجن. وكان انطباع أويلر أن هناك امكانية كبيرة لاستخدام تكنولوجيا المعالجة الهوائية في لبنان بكلفة منخفضة. وقد حاورته "البيئة والتنمية" حول هذه التكنولوجيا وجدوى اعتمادها في المنطقة العربية، وهنا مقتطفات من الحوار.
"البيئة والتنمية": ما هي المجالات الرئيسية لاستخدام تكنولوجيات المعالجة اللاهوائية في ألمانيا؟
هارتليب أويلر: تستخدم التكنولوجيات اللاهوائية، أو تكنولوجيات الغاز الحيوي، منذ نحو 40 عاماً في أوروبا لمعالجة حمأة النفايات البلدية على نطاق واسع. وبالنسبة الى النفايات السائلة الصناعية، تستخدم هذه التكنولوجيا في معظم الصناعات الزراعية مثل المسالخ ومعامل مشتقات الألبان والعصائر والمعلبات، وفي المستشفيات والمدارس والسجون، وفي معامل تصنيع اللحوم والدهنيات والنشويات، وحتى في صناعة المستحضرات الصيدلانية والمواد الكيميائية، وكذلك في المباني السكنية المتعددة الطبقات. وفي السنوات العشر الأخيرة تزايد استخدام هذه التكنولوجيات لمعالجة النفايات الصلبة بدلاً من طمرها أو حرقها أو تسبيخها. وجميع المدن الكبرى في ألمانيا، مثل برلين وفرنكفورت وكولون وميونيخ وغيرها، أصبحت لديها الآن محطات لمعالجة نفاياتها الصلبة لاهوائياً. ويشهد قطاع تربية المواشي في ألمانيا أكبر رواج لهذه التكنولوجيا، فمزارع الأبقار والأغنام والدواجن المتوسطة والكبيرة تعتمدها على نطاق واسع لانتاج أسمدة جيدة النوعية وغاز حيوي تستخدمه أساساً لانتاج حاجتها من الكهرباء، وأحياناً بيع الفائض الى الشبكة العامة. وكثيراً ما تعالج هذه المزارع نفايات صناعية أيضاً لزيادة إنتاجها.
ما عدد محطات البيوغاز التي بنيتموها حتى الآن وكم تبلغ أحجامها؟
نفذت شركتنا أكثر من 160 مشروعاً للمعالجة اللاهوائية في 22 بلداً، أو أكثر، في أوروبا وأميركا الجنوبية ومنطقة الكاريبي والشرق الأقصى ومناطق أخرى. وفي ألمانيا وحدها نفذنا 45 مشروعاً تراوح أحجام الهاضمات اللاهوائية فيها بين 100 و6000 متر مكعب. وفي المزارع الكبرى، التي تحوي أكثر من 1000 بقرة، تم بناء هاضمات تراوح أحجامها بين 500 و1500 متر مكعب. ولمعالجة النفايات البلدية الصلبة، بنينا هاضمات يمكنها معالجة كميات تصل الى 50 ألف طن من هذه النفايات في السنة. ونخطط الآن لبناء محطتي معالجة في مدينتين يزيد عدد سكان كل منهما على مليون نسمة، واحدة في البرازيل وأخرى في تايلاند.
هل تعتقد ان تكنولوجيا المعالجة اللاهوائية تناسب لبنان والبلدان العربية؟
تكنولوجيا المعالجة اللاهوائية، التي تعتمد على البكتيريا لتفكيك النفايات، تحتاج الى مناخ دافئ. وفي ألمانيا يتم انتاج هذا المناخ الدافئ اصطناعياً بواسطة نظم معقدة للعزل والتدفئة، مما يستهلك نحو 30 في المئة من الطاقة المنتجة ويزيد كلفة محطات المعالجة. وهذا غير ضروري في لبنان والبلدان العربية الأخرى حيث يتوافر المناخ الدافئ بشكل طبيعي. ومن خلال التكنولوجيا اللاهوائية يمكننا اعادة تدوير مياه المعالجة لاستخدامها في ري المزروعات. ونظراً لشح المياه العذبة في البلدان العربية وارتفاع كلفتها، فان استخدام هذه التكنولوجيا في المنطقة مجدٍ اقتصادياً أكثر مما هو حتى في ألمانيا. كما ان ارتفاع سعر الكهرباء، في لبنان مثلاً حيث يكلف الكيلوواط الساعي 10 سنتات، يجعلها أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية. صحيح أن هذه التكنولوجيا حديثة في المنطقة وتحتاج الى وقت لادخالها وتدريب العمال على تشغيلها، مما سيرفع الكلفة في البداية. لكن، من حيث المبدأ، يعتبر لبنان والبلدان العربية الأخرى أكثر ملاءمة لها من البلدان الأوروبية.
ما الحسنات الرئيسية لتكنولوجيا المعالجة اللاهوائية؟
تتلخص الحسنات الرئيسية لهذه التكنولوجيا على النحو الآتي:
- تنتج مياهاً معالجة يمكن استعمالها مباشرة في ري المزروعات.
- السماد العضوي الناتج لا يقل قيمة عن السباخ (الكومبوست) ويحتوي على مغذيات تخصب المزروعات، لذلك يمكن استخدامه لزيادة الانتاج الزراعي والغابي. واستخدام هذا السماد يحسن مذاق المحاصيل ويتيح تخزينها مدة أطول ويجعلها أقل عرضة للحشرات والأمراض.
- بخلاف عمليات المعالجة الهوائية، لا حاجة الى مصدر طاقة خارجي للتشغيل. فهذه التكنولوجيا تنتج مصدر طاقة موثوقاً يشغل محطة المعالجة والعمليات الأخرى، وينير أماكن السكن، وفي الغالب يؤفر فائضاً يباع الى شبكة الكهرباء العامة.
- لا وجود لمشاكل انبعاث روائح كريهة وانتشار حشرات وجرذان.
- التقليل غالباً من كلفة الاستثمار وخصوصاً كلفة التشغيل.
- التقليل من المساحات اللازمة لطمر النفايات الصلبة مما يخفض النفقات، لأن معظم الجزء الضار من هذه النفايات (60% من المجموع) هو مواد عضوية يتم تحويلها عن المطامر من خلال المعالجة اللاهوائية. لذلك يمكن اجتناب ارتشاح السوائل السامة والانبعاثات الغازية من المطامر.
- انخفاض كبير في الانبعاثات الغازية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، ليس فقط بالاستغناء عن الوقود الاحفوري ولكن بنوع خاص من خلال اجتناب انبعاثات الميثان التي هي أشد ضرراً من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بـ52 ضعفاً.
- بالنسبة الى معالجة النفايات السائلة، فان كمية الحمأة المنتجة تقل كثيراً عن الكمية التي تنتجها المعالجة المنشَّطة التي تعتمد على التهوئة الآلية وتستخدم غالباً في البلدان الباردة، وكثيراً ما تنقل الى البلدان العربية حيث درجات حرارة النفايات السائلة أعلى بكثير. كما أن محطات معالجة النفايات السائلة لاهوائياً تحتاج الى عدد أقل من المعدات والماكينات. واذا ما قورنت هذه التكنولوجيا بنظم المعالجة بواسطة برك التجميع الهوائية التي تطلق انبعاثات مرتفعة من غاز الميثان والروائح الكريهة، أمكن توفير مساحات كبيرة من الأراضي التي يستفاد منها في استعمالات أخرى.
- باختصار، يمكن اعادة استعمال الماء والمادة العضوية الناتجين عن المعالجة اللاهوائية، واللذين يشكلان المكون الرئيسي لكل النفايات، وتجميع المحتوى الطاقوي الذي يفقد عادة في شكل حرارة تنطلق في الجو. من هنا فانها، عن حق، تكنولوجيا لاعادة التدوير والانتاج الأنظف.
أين، في اعتقادك، يجدر تطبيق هذه التكنولوجيا في لبنان والبلدان العربية؟
بما ان لبنان والبلدان العربية تقع في المنطقة المناخية الدافئة، فان تكنولوجيا المعالجة اللاهوائية يجب تطبيقها بشكل رئيسي في المجالات الثلاثة الآتية: أولاً، في معظم محطات معالجة النفايات السائلة البلدية والصناعية، حيث يمكن توفير كثير من النفقات الاستثمارية والتشغيلية، وفي الوقت ذاته تستعاد بعض المنتجات الجانبية القيمة. واذا ما اقترن نظام المعالجة اللاهوائية بنظام معالجة هوائية لاحقة، يمكن الوفاء بجميع المقاييس المطبقة في البلدان المتقدمة بنفقات أقل. ثانياً، يجدر تطبيق هذه التكنولوجيا في مزارع الماشية المتوسطة والكبيرة، ولمعالجة مخلفات المحاصيل، وخصوصاً في مزارع الأبقار والدواجن والمسالخ وأماكن أخرى تنتج كميات من النفايات الصلبة أو السائلة. ويمكن استخدام الماء والسماد الناتجين عن هذه المعالجة في ري المزروعات وإخصابها، كما يمكن استخدام الطاقة المتولدة في المزرعة ذاتها أو بيعها الى الجيران أو الشبكة العامة. ثالثاً، هذه التكنولوجيا هي أكثر ملاءمة على المدى الطويل بالنسبة للنفايات البلدية والصناعية الصلبة، التي تتكون في غالبيتها من مواد عضوية والتخلص منها بسبب مشكلة للمطامر. لذلك يمكن خفض النفقات والملوثات اذا تم فرز المواد العضوية ومعالجتها لاهوائياً.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.