Thursday 25 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
عمان – باتر وردم وربى صقر الجمعيات البيئية: غياب التنسيق حجَّم الجهود الفردية  
نيسان (أبريل) 2002 / عدد 49
 حماية البيئة هي في طليعة اهتمامات الهيئات الأهلية في الاردن. وهناك نحو عشر جمعيات ناشطة في حقول بيئية "متخصصة"، كحماية الحياة البرية ومعالجة قضايا المياه ومكافحة التصحر وتنمية البادية وصون الموارد البحرية وتنمية دور المرأة في حماية البيئة. وقد نفذت هذه الجمعيات مشاريع كثيرة كان لبعضها أثر انمائي ملحوظ. لكن غياب التنسيق ضيع جهوداً فردية كثيرة كان يمكن أن تثمر أكثر لو تضافرت. وليست حالة الأردن فريدة من نوعها، اذ انها تعكس وضع العمل الأهلي البيئي في الدول العربية عامة.
تأسست أول منظمة غير حكومية معنية بحماية البيئة في الأردن عام 1966 وهي الجمعية الملكية لحماية الطبيعة. وفي مطلع التسعينات من القرن الماضي، بدأت ملامح تطور في الوعي البيئي المدني، وانتقال من مرحلة المركزية الحكومية إلى مرحلة إنشاء المنظمات غير الحكومية المختصة بحماية البيئة. وترافق ذلك بشكل مباشر مع التحول الديموقراطي في الأردن منذ 1989 الذي فسح المجال أمام نمو المنظمات الأهلية. ورافق ذلك توجه دولي نحو دعم المنظمات غير الحكومية، خصوصاً إثر مؤتمر قمة الأرض عام 1992، فنشأت عدة منظمات بيئية غير حكومية كانت أولاها الجمعية الأردنية لمكافحة تلوث البيئة التي تأسست عام 1987، واسمها الحالي جمعية البيئة الأردنية. وقد ساهمت هذه الجمعية بقوة في تنظيم مبادرات المجتمع المدني الأردني وجندتها في حملات التوعية البيئية، ونجحت في استقطاب تمويل كبير للمشاريع البيئية، وشكلت قوة ضغط الى حد ما وخاصة بين 1992 و1997 حين كانت تنفذ أهم برامج التوعية البيئية في الأردن.
لوحظ أن المنظمات البيئية الأهلية اجتذبت عدداً كبيراً ونوعية جيدة من الشباب للعمل والتطوع في صفوفها، مقارنة بغيرها من منظمات المجتمع المدني كالأحزاب والنقابات. وبالرغم من ذلك اكتفت هذه الجمعيات بدور نشر الوعي البيئي وتنسيق اللقاءات والندوات والمحاضرات وورش العمل، وتنفيذ بعض المشاريع الإنتاجية في الريف لخدمة المجتمع المحلي. لكنها لم تلعب يوماً دوراً سياسياً أو دور جماعة ضغط (لوبي) مثل معظم الجمعيات البيئية في العالم.
ولم يحدث أن وصل أداء المنظمات البيئية في الأردن إلى تنظيم مبادرات شعبية ومسيرات وعمليات ضغط سياسي وإعلامي متماسكة، بل اعتمدت على الحوار وتبادل الآراء مع الجهات الرسمية، مما كان يساهم أحياناً في تغيير التوجهات الحكومية أو الصناعية، وأحياناً أخرى لم يكن يتحقق نجاح.
جمعيات "متخصصة"
في الأردن حالياً نحو عشر جمعيات مهتمة بشكل رئيسي بحماية البيئة والتنمية المستدامة. وهي تتباين في مقدار نشاطاتها وتأثيرها وكوادرها وقدراتها المالية والتقنية. وتركز الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، التي كان يرأسها فخرياً الملك الحسين بن طلال، على حماية الحياة البرية وإنشاء المحميات الطبيعية. لكنها توسعت بشكل ملحوظ منذ 1994، وبدأت بتنفيذ مشاريع السياحة البيئية والتوعية والدمج بين حماية الطبيعة والتنمية الاقتصادية ـ الاجتماعية في المجتمعات المحلية والتدريب البيئي على المستوى الإقليمي. كما تمكنت من تنمية قدراتها المؤسسية وإخضاع كوادرها لدورات تدريبية عديدة والاعتماد على عنصر الشباب.
أما جمعية البيئة الأردنية، التي يرأسها رئيس الوزراء الأردني السابق أحمد عبيدات، فقد ركزت على برامج التوعية البيئية وخاصة في قضايا المياه، ولعبت دوراً سياسياً في بعض المحاور وخاصة أثناء المفاوضات الأردنية ـ الإسرائيلية في مجالات المياه، وساهمت في الكشف عن كثير من حالات التلوث. لكن نشاطها تراجع في الآونة الأخيرة.
جمعية أصدقاء البيئة الأردنية، التي يرأسها رؤوف الدباس، بدأت بشكل متواضع في منتصف التسعينات وركزت جهودها في مجال التوعية اللامنهجية وحماية الموروث الثقافي. ولكنها تطورت بشكل ملحوظ في النصف الثاني من التسعينات عندما بدأت بانتهاج اسلوب " التنسيق والتجسير" بين العديد من المؤسسات العامة والأهلية، وتمكنت من المساهمة في تنسيق تنفيذ الكثير من المشاريع الرائدة، مثل الإنتاج النظيف والصناعات الرفيقة بالبيئة والسياحة البيئية.
الجمعية الأردنية لمكافحة التصحر وتنمية البادية يرأسها عبد اللطيف عربيات، الرئيس الأسبق للبرلمان الأردني وأمين عام جبهة العمل الإسلامي. وهي تركز جهودها على مكافحة التصحر وأساليب الحصاد المائي وتوفير موارد المياه وحماية الغطاء النباتي. وقد تمكنت من تنفيذ كثير من المشاريع الصغيرة الحجم في البادية التي حققت نجاحاً ملحوظاً.
الجمعية الأردنية للغوص البيئي ترأسها الأميرة بسمة بنت علي. وهي مختصة بحماية الموارد البحرية وخاصة خليج العقبة من التلوث، وقد استخدمت تقنيات التوعية البيئية لتحقيق هذا الغرض.
أما جمعية النساء العربيات فتركز جهودها على تنمية دور المرأة في حماية البيئة والتنمية المستدامة. وقد ساهمت في تقوية قدرات المرأة في العديد من المجتمعات المحلية والفقيرة.
ومن المنظمات الفاعلة في الاردن منظمة أصدقاء الأرض ـ الشرق الأوسط، التابعة لمنظمة أصدقاء الأرض الأميركية الرئيسية. لكن جهود هذه الجمعية، بالرغم من قدرتها التقنية العالية، بقيت دائماً ممهورة بتفردها في العمل المشترك بين الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل، مما أعاق اندماجها في المجتمع المدني الأردني الرافض للتطبيع.
وهناك بعض الجمعيات الأخرى العاملة في مجالات التوعية وعقد ورش العمل والندوات البيئية، ومنها الجمعية الثقافية للشباب والطفولة، والجمعية الوطنية للبيئة والحياة البرية، والرابطة الوطنية للإعلام البيئي.
أما على صعيد الأحزاب السياسية، فيعتبر البعد البيئي غائباً بشكل واضح عن برامجها. وهناك حزب جديد "حزب الخضر" لم يستطع حتى الآن فرض وجوده في ساحة المجتمع المدني الأردني. وهو يعاني من نقص المال وضعف الكوادر وعدم وجود قاعدة جماهيرية.
وعلى صعيد مراكز البحث والدراسات، تم إنشاء برنامج مرصد البيئة الأردني التابع لمركز الأردن الجديد للدراسات. وقد أصدر مؤخراً تقرير حالة البيئة في الأردن 2001، وينشر شهرياً أوراقاً وكتيبات حول السياسات البيئية.
غياب التنسيق
الملاحظة الرئيسية على المنظمات البيئية في الأردن هي غياب التنسيق بينها. بالرغم من نجاح الكثير منها في مشاريعه الخاصة، لا توجد مؤسسة تنسيقية لهذه المنظمات، وإن تكن بذلت عدة محاولات قامت بها لجنة الاتحاد الدولي لصون الطبيعة التي حاولت تنظيم الجمعيات المنضمة إلى الاتحاد ضمن برنامج موحد. كما تشكلت هيئة تنسيقية للجمعيات البيئية والثقافية لم تحقق نجاحاً كبيراً.
وحول عدم قدرة هذه المنظمات على تنسيق الجهود،يعزو خالد الإيراني مدير عام الجمعية الملكية لحماية الطبيعة السبب إلى غياب البعد المؤسسي لعلاقة الجمعيات البيئية بعضها ببعض، أي عدم وجود هيكلية معينة واضحة لتعمل الجمعيات من خلالها. ويضرب مثلاً عن غياب التنسيق، أن الجمعيات قد تجتمع في محاولة سريعة لحل مشكلة آنية تواجه القطاع البيئي، وما أن تذهب مسببات المشكلة حتى تعود الجمعيات إلى سابق عهدها غير مكترثة بالابقاء على اتصال منظم مع مثيلاتها.
ويقول إياد أبو مغلي الممثل المقيم المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي مول العديد من المشاريع والمبادرات للمجتمع المدني، انه بالرغم من وجود جمعيات أهلية مؤهلة في قطاع البيئة، إلا أن ضعف التنسيق بينها هو امتداد لواقع ضعفها هي بحد ذاتها. وهو يرى أن بعض هذه الجمعيات ليست أكثر من "سماسرة" يتلقون المساعدات من الدول والمؤسسات المانحة من دون أن يقوموا باتخاذ المبادرة، أي أنهم متلقون وسلبيون ويفتقرون إلى حس المبادرة والفعالية الضرورين للارتقاء بالوسط البيئي الأردني وتطويره.
ويشاركه في هذا الرأي عدد من القياديين في القطاع البيئي الأردني، الذين يعزون عدم جدية بعض جمعيات هذا القطاع إلى ضعف قدرة الأردن على استقراء مستقبل بيئي واضح، خاصة في ما يتعلق بالتزام معايير بيئية تفرضها المعاهدات الدولية العديدة التي وقعتها الحكومة. وبصدد هذه النقطة يقول أحد المراقبين: "أخطر ما في الأمر أن قياديين وعاملين في جمعيات البيئة لم يطلعوا على كثير من الاتفاقيات البيئية الموقعة، ولم يقرأوا بعد ما تنص عليه اتفاقيات مثل التجارة الحرة مع الولايات المتحدة بصدد المواضيع البيئية".
وحول هذه النقطة يقول خالد الإيراني أن سمعة الجمعيات الجادة تتأثر إلى حد كبير في حال ظهور جمعيات لا تبني عملها على أسس علمية، مما يلغي صدقية هذه الجمعيات وينعكس سلباً على الوسط البيئي بشكل عام.
في أي حال، يبدو أن على جمعيات البيئة الأردنية أن تتعلم لغة الحوار والتنسيق في ما بينها، وأن تتضافر لإعطاء مزيد من الصدقية لجهودها الفردية التي أرست لها مكاناً في الساحة البيئية المحلية والاقليمية وأحياناً العالمية.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.