Wednesday 24 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
بوغوص غوكاسيان جدران تحمي التراب  
تشرين الثاني (نوفمبر) 2003 / عدد 68
 التربة من أهم الموارد على وجه الأرض. وكل أشكال الحياة على اليابسة مرهونة بتلك القشرة الترابية الهشة التي تغطي القارات، ولولاها لما نشأت نباتات برية ومحاصيل وغابات وحيوانات وبشر.
هذا الغطاء الثمين، الذي هو التراب، يستغرق تكوُّنه زمناً طويلاً، ولكن يمكن تدميره بسرعة كبيرة. فتكوُّن سنتيمتر واحد من التراب قد يستغرق قروناً، لكن اذا أسيئت معاملته فقد يتطاير أو ينجرف خلال سنوات قليلة أو حتى أيام. والتراب يختفي الآن سريعاً في أنحاء العالم، وتتجلى الأزمة بأسوأ مظاهرها في الاراضي القاحلة التي تغطي أكثر من ثلث سطح اليابسة، حيث التربة هشة وسريعة التأثر والنباتات قليلة والمناخ قاسٍ.
من أكثر الممارسات فعالية في حفظ التربة إنشاء المدرَّجات، أي الجلالي أو المصاطب، في المرتفعات. ويعتمد كثير من بلدان العالم على هذه الطريقة البسيطة لحفظ التربة القيِّمة من الزوال ولزراعة المحاصيل. وفي اليمن وسورية ولبنان وبلدان عربية أخرى، أقيمت أراض مدرَّجة وحفظت تربتها بواسطة جدران دعم بنيت على المنحدرات. وقد زرعت هذه المدرجات خضاراً وحبوباً وأشجاراً مثمرة مكنت المجتمعات المحلية من العيش والاستمرار.
التراب يخزن الماء والمغذيات والكائنات الدقيقة، وغيرها من العوامل الضرورية التي يحتاج اليها النبات. وعندما تنجرف التربة بفعل المطر والريح تزول الانتاجية والحياة.
يستطيع الانسان أن يوقف زوال التربة ويضمن اختراق الماء لها واحتباسه فيها من أجل إنبات الزروع. واقامة المدرجات تقنية ملائمة وسهلة تستطيع المجتمعات المحلية تحمّل نفقاتها الزهيدة. وتبنى جدران الدعم لحماية المدرجات بوضع الحجارة المحلية بعضها فوق بعض من دون استعمال الملاط الاسمنتي المكلف.
المؤسف أن هذه الطريقة، التي كانت متبعة في كثير من مناطق العالم، يتم التخلي عنها الآن. فالجيل الجديد لم يعد يهتم بالزراعة والمحافظة على المدرجات القديمة أو اقامة مدرجات جديدة. والنتيجة الحتمية لهذا الاهمال تقوُّض جدران الدعم سنة بعد أخرى وانهيارها، مما يؤدي الى انجراف التربة، فتتراجع انتاجية الأرض ويصيبها التصحر في النهاية.
ويخلِّف زوال التربة مشاكل اجتماعية واقتصادية أيضاً، فيؤدي الى الفقر ومزيد من الخراب البيئي. كما يعني ماء أقل وأشجاراً أقل وتنوعاً بيولوجياً أقل، وتدهوراً في المناخ المحلي، وتضرر مجاري المياه وامتلاءها بالطمي، ونتائج سلبية أخرى.
يكمن حل هذا الوضع السلبي في عمل يبادر اليه السكان. وتستطيع الجماعات المحلية والمزارعون القيام بدور كبير في صيانة المدرجات القائمة واقامة أخرى، علماً أن وإنشاء مدرجات جديدة أمر ضروري للغاية، خصوصاً في الأماكن التي لم يتعوَّد سكانها بناء جدران دعم.
تشكل الحجارة المحلية المادة الأولية الرئيسية التي تستخدم في بناء جدران الدعم. وأحياناً تستعمل كما هي، أو يستعمل البناؤون المطارق لتشذيبها وتحويلها الى أشكال منسجمة. ويمكن استعمال كل أنواع الحجارة المتوافرة.
الصور التي ترافق هذا المقال تظهر نماذج من الحجارة المحلية التي بنيت بها جدران دعم المدرجات في مناطق لبنانية مختلفة، وطريقة بنائها. وقد أقامها السكان المحليون، ولم يستعملوا فيها الاسمنت أو أي مادة خارجية أخرى.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.