Friday 19 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
كتاب الطبيعة
 
المها العربي في الامارات  
تشرين الأول (أكتوبر) 2003 / عدد 67
 ماجد علي المنصوري
تعتبر منطقتا شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام موطن المها العربي. وقد اشتق هذا الحيوان اسمه العربي منها لأن توزيعه الطبيعي يقتصر على هاتين المنطقتين. وللمها دور كبير في التاريخ الثقافي العربي، حيث كان مصدر وحي والهام لكثير من الشعراء الذين تغنوا بجماله وتغزلوا بعيونه.وقد كانت الصحارى العربية ملاذاً آمناً لكثير من الأحياء البرية.
وللمها العربي خصائص فريدة مكنته على مر العصور من التعايش والتأقلم مع الظروف المناخية، ومن أهمها لونه الابيض الذي ساعده في التغلب على حرارة الشمس الحارقة. لكن هذا اللون الابيض تحوّل نقمة على المها، إذ اصبح من السهل جداً مشاهدته ومطاردته بهدف صيده. ومن الخصائص التي يتميز بها المها العربي وجود قرنين يتراوح طولهما بين 60 و75 سنتيمتراً، تستخدم كسلاح ضد الاعداء وفي القتال ما بين الذكور. واهم ما يميز جمال المها العربي عيونه والبقع الدكناء الضاربة الى السواد والزرقة على الانف وحول العينين.
وقد أدى توفر الاسلحة الاوتوماتيكية والسيارات والمركبات ذات الدفع الرباعي الى استهداف كثير من الحيوانات البرية، وخاصة المها التي عجز الانسان من قبل عن غزو الصحارى التي تقطنها. والنتيجة كانت انقراض احد اهم الانواع البرية في المنطقة، الذي يعتبر جزءاً من تراثنا وحضارتنا. فقد انقرض المها العربي من دولة الامارات في الستينيات من القرن المنصرم، بعدما كان يجوب المناطق الغربية للدولة المتاخمة لصحراء الربع الخالي بأعداد كبيرة.
لذلك، وحرصاً من دولة الامارات العربية المتحدة على اهمية المها العربي وضرورة الحفاظ عليه كجزء من التراث الحضاري والتراث الطبيعي للدولة، وبناء على توجيهات رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان، فقد تم انشاء برامج خاصة تعنى بإكثار المها العربي والعناية به كمرحلة اولى بهدف التمهيد لاعادة هذا الحيوان الى موطنه الطبيعي بعد مرور اكثر من نصف قرن على انقراضه من دولة الامارات العربية المتحدة. ومن الجدير ذكره ان الامارات قطعت شوطاً كبيراً في برامج المحافظة على المها العربي، إذ تبلغ الاعداد المتواجدة فيها نحو 2300 رأس من اصل 4500 رأس تقريباً هي عدد قطعان المها العربي في جميع انحاء العالم.
الهدف من برامج المها العربي في الاسر هو ادارة هذه القطعان بشكل علمي يضمن خلوها من الامراض، من خلال عمليات الفحص البيطري المنتظم واجراء التلقيحات اللازمة. وقد تولّت الدائرة الخاصة لرئيس الدولة، وهي الجهة المشرفة على برامج المها العربي في امارة ابوظبي، بالتعاون مع مركز ادارة الأحياء الفطرية في جامعة بريتوريا في جنوب افريقيا، دراسة وراثية لقطعان المها العربي بهدف تحديد المخاطر الوراثية التي تهدد القطيع، أظهرت أن القطعان سليمة.
ومن اجل سهولة ادارة القطعان ومراقبتها، فان القائمين على هذه البرامج يقومون بحفظ سجلات عن كل حيوان، يشتمل على تاريخ الولادة وتاريخ النفوق ورقم الحيوان، بالاضافة الى التاريخ الطبي ورصد حركة تنقلات الحيوانات ما بين القطعان المختلفة.
وللمها العربي نظام تغذية بسيط يقوم على الحشائش الخضراء والاعلاف المركبة، يضمن تمتع الحيوانات بصحة جيدة في الاسر، كما يتم تزويد قطعان المها بالماء والاملاح اللازمة.
وتساهم برامج المها العربي في كثير من حملات التوعية والتعليم البيئي. فمن خلال التنسيق مع المناطق التعليمية والهيئات البيئية، تم تحضير برامج توعية خاصة تعنى بالمها العربي واهميته وقصة انقراضه واعادة توطينه والتحديات التي تواجهه وكيفية المحافظة عليه. وتنظم المدارس والجمعيات التطوعية والتجمعات الشبابية زيارات للتعرف على هذا الحيوان الفريد.
لم يقتصر دور دولة الامارات العربية المتحدة على العناية بالمها العربي ورعايته داخل الدولة، بل تعداه ليشمل دول المنطقة التي تعنى بشؤون المها العربي. وقد استضافت دولة الامارات العربية المتحدة المؤتمر الدولي الأول للمها العربي عام 1999، وكان من أهم توصياته تأسيس لجنة اقليمية تعنى بالمحافظة على المها العربي. وفي عام 2000 استضافت سلطنة عمان الاجتماع التأسيسي للجنة الاقليمية لصون المها العربي والامانة التنفيذية، وكان من أهم نتائج ذلك الاجتماع تأسيس اللجنة واستضافة دولة الامارات، ممثلة بهيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها، مقر الامانة التنفيذية للجنة الاقليمية وتولي رئاستها. وتضم اللجنة في عضويتها السعودية وعمان وقطر والبحرين والأردن والامارات، كما تضم ممثلين عن الصندوق العالمي للطبيعة WWF والاتحاد الدولي لصون الطبيعة IUCN.
وتهدف هذه اللجنة الى تقوية العمل المشترك وتنسيق الجهود الرامية للحفاظ على المها العربي في بلدان تواجدها، وإكثارها بشكل قطعان طليقة التجوال عبر موطنها في شبه الجزيرة العربية والبلدان الاخرى المجاورة، من خلال التدابير الآتية:
- إنشاء شبكة اتصالات فعالة وقاعدة بيانات ومعلومات خاصة بالمها العربي.
- تعزيز الاتصالات بين الدول المشاركة والمنظمات ذات الصلة وتبادل المعلومات والخبرات بينها.
- جمع التمويل والتبرعات والهبات المخصصة للجنة والتصرف فيها واستثمارها بما لا يتعارض مع أهدافها.
- القيام بنشاطات العلاقات العامة على كل المستويات.
- إصدار نشرة دورية إخبارية متخصصة.
- تشجيع المشاركة في المبادرات الإقليمية والدولية لصون المها.
- التعاون مع الجهود المبذولة للقضاء على التجارة غير المشروعة والمساهمة في توفير الحماية عبر الحدود.
- تشجيع تنفيذ الاتفاقيات المحلية والدولية والتشريعات المنظمة للتجارة أو نقل الأحياء الفطرية.
ومن أبرز التحديات التي تواجه برامج المها العربي الحفاظ على قطعان عالية الجودة مع زيادة اعداد الحيوانات ضمن برامج الاسر، حيث ان أعداد المها في دولة الامارات العربية المتحدة تزيد عن نصف اعداد المها في العالم اجمع. واستمرار هذه البرامج يتطلب الكثير من الموارد المالية والبشرية.
ولا بد من تأمين البيئات المناسبة التي تضمن استمرارية قطعان طليقة في مواطنها البرية. لذلك يجب التأكُّد، قبل المباشرة في علمية اطلاق اي حيوان، من توفر الموئل والبيئة المناسبة. وإن إعادة الحيوانات الى مواطنها الطبيعية يتطلب التزاماً طويل الامد، من حيث توفير الحماية اللازمة وتنفيذ برامج مراقبة مستمرة ومنتظمة بهدف التعرف على حالة الحيوانات و مدى نجاحها في الطبيعة.
التدابير الحالية والمستقبلية
تتولّى الدائرة الخاصة لصاحب السمو رئيس الدولة، بالتعاون مع هيئة ابحاث البيئة، وضع بروتوكولات ذات معايير ومواصفات عالمية للعناية ببرامج إكثار الحيوانات، ومن ضمنها برنامج المها العربي، تتضمن الادارة اليومية والرعاية البيطرية، بهدف الحفاظ على قطعان عالية الجودة من الناحية الصحية والوراثية.
تقوم هيئة أبحاث البيئة، بالتنيسق مع الجهات المعنية، الاعداد لانشاء شبكة من المحميات الطبيعية تمثل الانظمة البيئية والبيئات المختلفة في امارة ابوظبي. ومن أهم المقاييس التي سيتم استخدامها في تحديد شبكة المحميات الطبيعية مدى صلاحية هذه البيئات وملاءمتها لتنفيذ برامج خاصة باعادة التوطين. وستكون ادارة القطعان جزءاً من ادارة هذه المحميات الطبيعية، التي تتضمن البرامج البحثية وادارة الانواع والموائل، بالاضافة الى تطوير برامج السياحة البيئية وبرامج التوعية والتعليم البيئي. ومن المناطق التي تجري دراستها حالياً الظفرة وليوا وام الزمول، والتي تدل الدراسات على ان المها العربي كان يعيش فيها في الماضي. وسيتم التنسيق مع الدول المجاورة من اجل انشاء برامج مشتركة توفر الحماية لهذه الحيوانات، خاصة في المناطق الحدودية.
ولعل أبرز الدروس و العبر التي تم تعلمها خلال العقود الماضية اهمية المحافظة على الأحياء الفطرية والمصادر الطبيعية وضرورة استغلالها بشكل سليم، مما يضمن توفرها ليس فقط لهذه الاجيال وانما للاجيال القادمة من بعد. وان المحافظة على الحياة الفطرية هي مسؤولية جماعية لا تتحملها الدولة فقط بل يتحملها كل فرد، نظراً لان كثيراً من هذه الانواع جزء لا يتجزأ من تراثنا الحضاري والطبيعي.
ماجد علي المنصوري، أمين عام هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها في أبوظبي.
قطيع من المها العربي
المها في جزيرة صير بني ياس
العناية بالمها العربي ورعايته داخل المحمية
مهاة ووليدها في محمية صير بني ياس
المها العربي
قطيع من المها العربي
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.