Saturday 20 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
رأي
 
بقلم خوسيه ماريا فيغيريس الاقتصاد الأخضر تحويل الأزمة الى فرصة  
كانون الأول / ديسمبر 2011 / عدد 165

ليس من موضع أكثر أهمية للعالم اليوم من التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون. عندما ننظر إلى التحديات التي نواجهها على المستوى العالمي، نجد أن هناك حربين يتعين علينا خوضهما وكسبهما: حرب على الفقر وعدم المساواة، وحرب على تغير المناخ.

 

هناك بليون إنسان، نحن جميعنا منهم، يعيشون نمط حياة يتيح لهم التقدم بكرامة، وما زال ستة بلايين من إخواننا حول العالم يعيشون في أوضاع توجب علينا مساعدتهم، من أجل تنمية بلدانهم وتأمين رفاهم وتمكينهم من المساهمة في تحسين مجتمعاتهم. وفي ما يتعلق بتغير المناخ، علينا خوض هذه الحرب أيضاً، لأنه في نهاية الأمر لن يكون هناك كوكب بديل. علينا أن نصلح الأمور وأن نصون كوكباً يصلح للعيش ويدوم للأجيال المقبلة.

 

لحسن الحظ، يمكننا خوض كلتا الحربين والانتصار فيهما بالأدوات والأجهزة ذاتها، أي بالتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون. الانتقال من الكربون العالي، الذي عانينا منه خلال المئتي سنة الأخيرة منذ الثورة الصناعية، إلى الكربون المنخفض الذي نحتاج إليه حاضراً ومستقبلاً، يتطلب إعادة ابتكار كل شيء تقريباً، أي طريقة عيشنا وطريقة تنقلنا وطريقة عملنا وطريقة تفاعلنا في المجتمع. وإعادة الابتكار هذه ستخلق الوظائف والفرص للشركات الرائدة ولنماذج العمل والنشاطات الجديدة التي لم نفكر بها في الماضي والتي تحفز تنميتنا في اتجاه المستقبل.

 

لذا، إذا كان من المنطقي التحرك نحو كربون منخفض لحماية بيئتنا وكوكبنا واستغلال مواردنا بمسؤولية أكبر، فلماذا لا نتبنى هذه المسألة ونتحرك بسرعة أكبر؟

 

 

 

ثلاثة اعتقادات خاطئة

 

سوف أتناول ثلاث اعتقادات خاطئة كثيراً ما نسمع بها في ما يتعلق بهذه الفرصة للتقدم.

 

الاعتقاد الأول هو أن تغير المناخ ليس حقيقياً ولم يحصل، وهو شيء من المستقبل. وهذا الاعتقاد هو بالطبع باطل ومضلل، وقد تطرق «أفد» إلى ذلك بشكل واف في تقريره عام 2009 حول أثر تغير المناخ على البلدان العربية. إننا نرى علامات تغير المناخ في كل جزء من العالم. ففي جنوب أميركا اللاتينية، تتراجع مجلدة أبسالا 200 متر سنوياً. وفي شمال تلك القارة، عندما ينظر المرء إلى بصمة الدائرة القطبية الشمالية، يرى كيف تضاءلت بنسبة 40 في المئة خلال السنوات الثلاثين الأخيرة. وكانت بحيرة تشاد قبل 40 سنة سادس أكبر بحيرة في العالم، واليوم تحولت إلى مستنقع هزيل. ومن ثم نسأل أنفسنا: لماذا تحصل مشاكل كثيرة في دارفور، حيث يضطر آلاف الناس ممن اعتادوا الصيد والعمل حول البحيرة للنزوح إلى مناطق أخرى من العالم؟ وفي آسيا سبعة أنهار تنبع من مجالد جبال هملايا وتزود 50 في المئة من مياه الشفة إلى 40 في المئة من سكان العالم، وهذه المجالد تتراجع أيضاً.

 

إن تغير المناخ موجود. وقد نشرت منظمة DATA الدولية التي تعمل من مدريد عاصمة إسبانيا رصداً بيئياً وتقريراً عن تغير المناخ السنة الماضية، يثبتان وفاة 350 ألف شخص كنتيجة مباشرة لتغير المناخ. بعض هذه الوفيات ناتج من كوارث، لكن البعض الآخر سببه اعتبارات أخرى. إن تغير المناخ يؤثر في الأنماط الصحية حول العالم. ويسمح انخفاض وارتفاع درجات الحرارة بهجرة الحشرات التي تنقل الأمراض والتي تم استئصالها في بعض أجزاء العالم والآن نشهد عودتها.

 

الاعتقاد الخاطئ الثاني بشأن هذه الفرصة، أي محاربة تغير المناخ ومكافحة الفقر، هو أن الحكومات يجب أن تعمل وتتحرك وإلا فلن يحصل أي تقدم. نعم، نحن بحاجة إلى إبرام اتفاقيات دولية قبل القيام بأي عمل. ومن المهم للحكومات أن تبدي قيادة. ومن المهم طبعاً أن يجتمع المجتمع الدولي ويجد الحلول. لكن المجتمع الدولي بطيء في إيجاد الحلول، حتى عندما يواجه تحديات ملحة جداً. والأزمة الاقتصادية الأوروبية هي مثال حديث على عجز البلدان عن الالتقاء سريعاً والعمل من دون إبطاء لنزع «فتيل» الأزمة.

 

وفي ما يتعلق بتغير المناخ، الفرصة الكبرى سانحة اليوم، فمن دون حاجة إلى مزيد من الأنظمة أو التشريعات على المستويات الوطنية والدولية، يمكن تخفيض الانبعاثات الكربونية 50 في المئة مع تحقيق أرباح وفرص عمل نتيجة لذلك. هذا سهل المنال، ومنه يمكننا البدء في خلق الوظائف التي تحدث عنها تقرير «أفد»، والفرص الاستثمارية التي يحتاج إليها العالم ليخرج من الأزمة الاقتصادية ويتحرك إلى مسار يفضي إلى اقتصاد قليل الكربون.

 

لقد بدأنا نشهد ذلك لدى شركات رائدة تتحرك في هذا الاتجاه، ما يوفر فرصاً جيدة من خلال تخفيض الانبعاثات الكربونية بهذه النسبة البالغة 50 في المئة التي يمكن تحقيقها اليوم. إن شركة «والمارت»، التي هي أكبر شركة للبيع بالمفرّق في العالم، تقوم بتخضير سلسلة متاجرها. انظروا إلى تقرير «سيمنز» في أوروبا لتكتشفوا ما يتوقعون تحقيقه في مجال المبيعات والأرباح التي سيجنونها من قطاع الطاقة الخضراء والاقتصاد الأخضر الجديد هذا. وانظروا إلى «أبنغوا» في إسبانيا لتروا ماذا يفعلون في مجال مصادر الطاقة المتجددة. وماذا فعلت «صنتك» في مجال النظم الفوتوفولطية الشمسية في الصين. القائمة تطول جداً، ومن الواضح أن الشركات الرائدة حول العالم بدأت تتحرك في هذا الاتجاه.

 

الاعتقاد الخاطئ الثالث هو أنه، حتى لو اتفقنا على كل ما سنفعله، فلا يوجد مال لتمويله، خصوصاً أثناء الخروج من هذه الأزمة الاقتصادية. حسناً، أنا لا أوافق على ذلك. وأظن أن المسألة تتعلق بما هي أولوياتنا وأي قيادة سنمارسها لنبدأ التحرك في اتجاه الكربون المنخفض.

 

لدي انطباع أن قادة العالم إذ يحاولون إخراجنا من الأزمة الاقتصادية لا يفعلون أكثر من إعادة ترتيب الكراسي على ظهر السفينة الغارقة تايتانيك. والاعتقاد بأن المزيد من الشيء ذاته سيعطينا الحل للمضي قدماً ليس بُعد نظر ولن يسود. الحل هنا هو الاستفادة من الأزمة وتحويلها إلى فرصة، ومن ثم التحرك في اتجاه جديد هو اقتصاد قليل الكربون. ولدينا كثير من الموارد لتمويل المرحلة الانتقالية. العالم اليوم ينفق تريليون دولار سنوياً على الأسلحة والتسلح. وهذا يفوق ما ينفق هنا في المنطقة بمقدار 10 أضعاف أو 15 ضعفاً. وجزء منه سيكون كافياً لنقلنا في اتجاه الكربون المنخفض. العالم ينفق اليوم 700 بليون دولار على دعم النفط الذي هو مورد نقوم باستنزافه. نعم، سيبقى النفط جزءاً مهماً جداً من مزيج الطاقات العالمية لعشرات السنين المقبلة. ولكن ليس من المجدي إنفاق 700 بليون دولار اليوم لدعم أسعاره، في حين يمكننا استثمار هذه الموارد في قطاعات أخرى من الاقتصاد تنقلنا في اتجاه الكربون المنخفض.

 

 

 

تعاون القطاعين العام والخاص

 

أخيراً سأتناول القيادة والتعاون بين القطاعين العام والخاص. وفي ما يتعلق بالقيادة، أنا من دولة صغيرة نامية، ومع ذلك حصلنا من الاقتصاد الأخضر على فرص هائلة للأعمال. إن 12 إلى 14 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في كوستاريكا يأتي من هذا القطاع الاقتصادي حالياً. إنه الأسرع نمواً، وهو يمدنا بمعظم الوظائف، مع معظم الفرص الاستثمارية. وهذه دولة نامية صغيرة، فتصوروا ماذا تستطيع دول أخرى لديها مزيد من الموارد أن تفعل في هذا الاتجاه. إنها مسألة قيادة وشراكات بين القطاعين العام والخاص.

 

هذا الجزء من العالم أعطانا جميعاً قائدين استثنائيين في هذا المجال. أحدهما مصطفى كمال طلبه، المدير التنفيذي الأسبق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وكان مطلق الشرارة لهذه الأحداث. والآخر يجلس بيننا اليوم، وهو محمد العشري، الذي قاد مرفق البيئة العالمي (GEF) وكان قائداً في كل عملية وفكرة بشأن التحول إلى كربون منخفض. إنها ليست مصادفة أن يكون الإثنان «محاربين قديمين» في «أفد». وفي ما يتعلق بالشراكات بين القطاعين العام والخاص، لا حاجة إلى انتظار الحكومات كي تتصرف. هناك عناصر كثيرة بإمكان قطاع الأعمال أن يمضي قدماً بموجبها ويخلق منها فرصاً رائعة للأعمال.

 

إني أترأس «غرفة حرب الكربون» التي نحدد فيها قطاعات الاقتصاد العالمي حيث يمكننا، من خلال إعادة ابتكار نماذج العمل، خلق فرص جيدة للأعمال عبر تخفيف آثار تغير المناخ، بتخفيض الانبعاثات الكربونية على مستوى الجيغاطن. وهناك 25 قطاعاً من الاقتصاد العالمي يمكن العمل فيها. والشحن البحري واحد منها. لكن تخضير الأبنية وكفاءة الطاقة هما مجالان آخران يمكن العمل عليهما كثيراً في هذه المنطقة وفي العالم قاطبة. ومن هذا المنظور، يشكل تقرير «أفد» دليلاً جيداً جداً للعمل. والعمل هو ما اجتمعنا للاضطلاع به في عالم اليوم.

 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.