Tuesday 16 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
 
كتاب الطبيعة
 
كازيرانغا: محمية الكركدن والفيلة والنمور  
شباط (فبراير) 2004 / عدد 71
 أنورالدين شودري (أسام، الهند)
انه أشبه بمختبر زاخر بالحياة، حيث يشاهد الزائر على مد النظر مئات الكائنات الحية في أي وقت من السنة. فزيارة منتزه كازيرانغا الوطني في ولاية أسام شمال الهند لا تنسى.
عام 1908 أعلنت هذه المنطقة، الواقعة في السهول التي يغمرها فيضان نهر براهمابوترا، غابة محمية، بعدما تناقصت أعداد الكركدن فيها إلى حد لفت انتباه المستعمرين البريطانيين. وفي العام 1916 "رقيت" إلى محمية لممارسة هواية الصيد، وفي 1950 حولت إلى محمية للحياة الفطرية، وفي 1974 أعلنت أول منتزه وطني في ولاية أسام. وهي تغطي مساحة 473 كيلومتراً مربعاً، يحدها من الشمال نهر براهمابوترا وتمتد في جنوبها مرتفعات نجد كاربي.
كازيرانغا أكبر منطقة عشبية متبقية في شمال شرق الهند لم يعبث بها الإنسان. فالأعشاب الطويلة وأدغال القصب تنمو خلال موسم الأمطار حتى ارتفاع يزيد على خمسة أمتار، وتغطي نحو 65 في المئة من مساحة المنتزه. وتشكل الأجسام المائية من أنهار وبحيرات ومستنقعات وقنوات 8 في المئة، فيما تغطي الغابات الشجرية المساحة المتبقية.
عمالقة البراري
الحيوان الذي أعطى كازيرانغا شهرتها العالمية، والأكثر عرضة للخطر من جراء الصيد غير المشروع، هو الكركدن الهندي الوحيد القرن (Rhinoceros unicornis). فأكثر من 60 في المئة من أعداده في العالم تحتشد في هذا المنتزه. وكانت بضع عشرات منه فقط باقية في كازيرانغا عام 1908. وفي العام 1996 أجري الإحصاء الأول بالعد المباشر من على ظهور الفيلة فعثر على 366 رأساً. واليوم هناك أكثر من 1550. وكازيرانغا هي من أهم الأمثلة على نجاح حركة الحماية في الهند.
ويصاد الكركدن من أجل "قرنه" الذي ليس قرناً حقيقياً وإنما شعر مضغوط ومواد كيراتينية ليفية أخرى. وكان الارتفاع الحاد في سعر قرون الكركدن وزيادة الطلب عليها في أسواق شرق آسيا لأغراض الطب الشعبي، وأيضاً في اليمن حيث تصنع منه مقابض الخناجر التقليدية، من الأسباب الرئيسية لطفرة عمليات الصيد. وطمعاً بالعائد النقدي الكبير يجازف الصيادون بأرواحهم. ففي كل سنة يقتل عدد منهم اذ يتصدى لهم حراس الغابات.
تضم كازيرانغا أيضاً عدداً كبيراً من الفيلة، التي تهبط موسمياً إلى مروج المنتزه من نجد كاربي في بداية الشتاء، ومن ثم تصعد من حيث أتت مع بداية الفيضانات. وقد ارتفع عدد الفيلة المسجلة من 349 عام 1966 إلى أكثر من 1000 حالياً.
وتعتبر كازيرانغا من أهم الموائل في العالم لجاموس الماء البري الآسيوي النادر والمعرض للخطر. فقد ازدادت أعداده من 471 عام 1966 إلى نحو 1500 حالياً. وتعتبر النمور وأمراض مثل الجمرة الخبيثة (الانثراكس) وطاعون الماشية والحمى القلاعية الأعداء الرئيسية لهذا الحيوان البقري الكبير. وتحافظ القطعان البرية على عزلتها ولا تخالط الجواميس الأليفة التي ترعى في الجوار. وهناك اعتقاد شائع بأن كثيراً من الجواميس الموجودة في المنتزه "ملوثة" بسبب تهجينها مع حيوانات أليفة، لكن باحثين كثيرين يؤكدون أن هذا غير صحيح، لأن الذكور الأليفة لا تربى في المناطق المتاخمة حيث تبادر الثيران البرية إلى قتلها. وحتى لو شرد ثور أليف إلى المحمية فلا أمل له في منافسة الثيران البرية للفوز بالإناث. والحقيقة أن بعض الثيران البرية هي التي تخرج من المنتزه أحياناً وتتزاوج مع الإناث الأليفة. لذلك فان تدفق المورثات يكون غالباً في اتجاه واحد، الى خارج المنتزه.
يعيش في كازيرانغا أكثر من 80 نمراً، لذلك تعتبر من أهم الموائل لهذا السنور الكبير الساحر. وهي الموئل المهم الوحيد لأيائل المستنقعات في شمال شرق الهند حيث يوجد نحو 450 رأساً. ومن الأيائل الأخرى فيها الأيل الخنزيري والصمبر الضخم والأيل النّباح الصغير. ومن الثدييات أيضاً الخنزير البري، والغور أو الثور الهندي ومنه أعداد صغيرة منعزلة، والقرد الهندي الصغير القصير الذيل، واللنغور المتوج وهو قرد آسيوي طويل الذيل، والغيبون وهو قرد رشيق الحركة، واللورس أو الليمور البطيء (قرد هندي). وهناك الفهد وقط الأدغال والقط النمر الصائد للأسماك وابن آوى والغرير الخنزيري والقضاعة الهندية الملساء والسنجاب الملايي العملاق والنيص الصيني ودلفين الغانج والبنغول الصيني وهو من آكلات النمل جسمه مكسو بقشور شبيهة بحراشف السمك.
ومن الزواحف التي تعيش في المنتزه الغريال، وهو تمساح هندي على حافة الانقراض. وقد شاهدت واحداً منها يتشمس بعيد الظهيرة، كان طوله لا يقل عن ثلاثة أمتار وله جسم قوي يشبه تنّين كومودو. وقد سجل وجود 11 نوعاً من السلاحف في المنتزه.
كازيرانغا متعة لمراقبي الطيور، ففيها أكثر من 480 نوعاً منها. ويشكل فصل الشتاء حالة خاصة حيث تحتشد طيور الماء في البحيرات والمستنقعات. كما تهبط إليها الطيور المهاجرة، ومنها البجع الوردي واللقلق الأسود والأوز والشهرمان الوردي والبط ذو المنقار المرقط والبوشار الغواص وأعداد لا تحصى من الطيور المخوضة الصغيرة. ومن طيور الماء المقيمة والمهاجرة محلياً البجع واللقالق. وقد سنحت لي فرص لمشاهدة مالك الحزين الضخم النادر ذي البطن الأبيض.
ومن الجوارح عقاب بالس والعقاب ذو الرأس الرمادي صياد الأسماك والنسر الملكي والعقاب النساري. وفي جولاتي بالسيارة في الصباح الباكر أشاهد عدداً كبيراً من دجاج الأدغال وتدرج الخليج وحجل المستنقعات المعرض للخطر عالمياً والذي تضم كازيرانغا أحد أكبر تجمعاته. وتشاهد في المراعي حبارى البنغال الأكثر ندرة في العالم.
مصاعب وآمال
نظراً لوقوع معظم منتزه كازيرانغا في الحقول التي يفيض عليها نهر براهمابوترا، فان الفيضان الموسمي يشكل ظاهرة سنوية. فمن أيار - حزيران (مايو - يونيو) إلى أيلول - تشرين الأول (سبتمبر - اكتوبر) تغمر المياه معظم المنطقة. في الماضي كانت الحيوانات تنتقل إلى الأراضي المنبسطة في الجنوب بين حقول الفيضان ونجد كاربي. ومع الوقت، أصبحت هذه الأراضي تستخدم لزراعة الشاي والسكن، مما دفع الحيوانات إلى تسلق النجد. وأثناء الفيضانات تتعرض أعداد كبيرة منها لإصابات أو تدهسها الحافلات والشاحنات المسرعة وهي تحاول عبور الطريق السريع، ومنها الكركون والأيائل والنمور.
وقد بنت مديرية الغابات عدداً من الحواجز الترابية داخل المنتزه، تشكل ملاذاً لعدد كبير من الحيوانات أثناء الفيضان. وأكثر الحوادث مأسوية وقعت في 1988 و1998، عندما هلك 48 كركدناً في العام الأول و39 في العام الثاني خلال بضعة أيام. لكن الفيضانات أيضاً نعمة مقنّعة، لأنها تزيل الأعشاب المائية الضارة مثل ياقوتية الماء الدخيلة.
وتتوالى المشاكل على تخوم المنتزه بسبب مشاريع التنمية. فقد تقرر إقامة مصفاة للنفط في نوماليغار المجاورة، علماً أن أي حادث أو تسرب نفطي من شأنه أن يكون كارثياً على المنتزه، خصوصاً أثناء الفيضانات حيث يقبع معظمه تحت الماء.
وفي مواجهة الصيادين الذين يتعقبون الكركدن باستمرار، يبقى الحراس على أهبة الاستعداد على مدار الساعة. ففي كازيرانغا نحو 120 مخيماً لمكافحة الصيد، بينها مخيمان عائمان على نهر براهمابوترا. ويستخدم الحراس أيضاً زوارق تجذيف وزوارق آلية وفيلة مطاردة وسيارات ودراجات نارية لمؤازرة شبكة مكافحة الصيد التي تضم 800 موظف، منهم حراس غابات ومراقبو حيوانات ودوريات تطوف في المنتزه.
كازيرانغا منتجع سياحي أيضاً، يبعد عن مطار غواهاتي الدولي 271 كيلومتراً. يقصده أكثر من 50 ألف زائر كل سنة، يدفعون مالاً يساعد في دعم نشاطات المنتزه. ويقوم الزائر بجولات على ظهور الفيلة ورحلات ممتعة في نهر براهمابوترا. وفي المنتزه مضافات وفنادق خاصة. ورسوم الدخول معقولة. وهو يقفل أمام الزوار من أيار (مايو) إلى أيلول (سبتمبر)، وإذا تأخرت الرياح الموسمية يبقى مقفلاً في تشرين الأول (اكتوبر).
لقد كان لتفاني المسؤولين والموظفين الفضل في حماية كازيرانغا، الموقع التراثي العالمي الذي عانى طويلاً من ضائقة حادة في الموارد. والدعم الذي تقدمه منظمات أهلية مختلفة، وخصوصاً "مؤسسة الكركدن للطبيعة في شمال شرق الهند"، ساعد كثيراً في رفع معنويات الموظفين الميدانيين وتضاؤل أعمال الصيد. فقد انخفض عدد حيوانات الكركدن التي تم اصطيادها من 49 رأساً عام 1992 إلى 40 عام 1993 إلى 14 عام 1994، ليهبط إلى واحد فقط عام 2003. وهذا بلا شك طوف أمل في بحر من الخيبات ونجاح ملهم لجميع المناطق المحمية الأخرى في الهند.
كادر
مؤسسة الكركدن
أنشئـت "مؤسسة الكركدن للطبيعة فـي شمال شرق الهند" (Rhino Foundation for Nature in NE India) عام 1994 بدعم من تسع شركات كبرى لإنتاج الشاي، للمساعدة في حماية الكركدن والكائنات البرية الأخرى في هذه المنطقة. وهي تقدم إلى منتزه كازيرانغا الوطني معدات لرجال الدوريات، ومنها أحذية عالية الساق ومعاطف واقية من المطر وأجهزة لتنقية مياه الشرب وسلاسل لتقييد الفيلة ومشاعل كهربائية وحقائب مؤن وقمصان صوفية ودراجات نارية لدوريات مكافحة الصيد. وأقامت مخيمات للطب البيطري في القرى المحيطة بالمنتزه لتلقيح ومعالجة الحيوانات الأليفة بلا مقابل. ومنذ العام 2001، تقدم المؤسسة الرعاية البيطرية للفيلة المستخدمة في دوريات مكافحة الصيد. وهي تنظم حملات توعية للقرويين وطلاب المدارس لتشجيعهم على حماية الحيوانات النادرة.
فيلة مهددة بالانقراض في منتزه كازيرانغا الوطني في شمال شرق الهند
عمالقة البراري في كازيرانغا  الكركدن الهندي الوحيد القرن مهدد بالانقراض
نمر البنغال
غريال
أنثيان من الأيائل
عقاب نساري
ذكر الأيائل في المتستنقعات
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.