Friday 19 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
أورسولا ليندسي (القاهرة) سياحة بيئية في سيناء  
تموز-آب (يوليو-اوغسطس) 2004 / عدد 76-77
 يتزايد الاهتمام بتطوير السياحة البيئية في مصر. فقد شكلت وزارتا السياحة والبيئة لجنة لاعداد أنظمة وخطوط توجيهية للمنتجعات البيئية، وأقيم مؤخراً منتجع بيئي في محمية سانت كاترين في سيناء، وتنتشر منتجعات عديدة أخرى في أنحاء البلاد لممارسة هواية الغوص في المياه البحرية العميقة ولرحلات السفاري الصحراوية.
منتجع بساطة (Basata Eco-lodge) في سيناء نموذج رائد لهذه السياحة البيئية. مالكه شريف الغمراوي غادر القاهرة قبل نحو 20 عاماً. ففي سن الثلاثين كان مهندساً مدنياً ناجحاً يدير شركة خاصة به في العاصمة المصرية، لكنه قرر أن يغادر المدينة. وهو يتذكر قول أبيه له: "أنت مهندس ناجح، ولديك شركة خاصة بك، وتقيم في حي المعادي الراقي. فلماذا تترك كل شيء وتذهب لتعيش في الصحراء؟" وقد أجابه آنذاك: "أشعر أنني أعيش على ورقة خس في مكب نفايات. فكل شيء وسخ".
يقول الغمراوي وهو جالس في الردهة الرئيسية للمنتجع، وخلفه عبر البحر الأحمر تبدو الجبال الأردنية والسعودية الضاربة الى لون الارجوان: "أنا أحب القاهرة، لكن أن يعيش الانسان فيها سحابة حياته أمر متعب ومرهق للأعصاب. أعتقد أن من المهم جداً أن نباشر الخروج من القاهرة. فمصر كبيرة جداً، وجميلة جداً، ونظيفة جداً، بل هي من أنظف بلدان العالم. تصوري، بما أن الجميع يعيشون في القاهرة، فانهم يعتقدون أن مصر وسخة. لكن هذه حال القاهرة فقط، وسخ مصر يتركز في القاهرة. فلماذا لا نخرج منها ونعيش في مكان آخر أقل تلوثاً؟"
وتعود به الذاكرة الى الوقت الذي بدأ فيه التفكير باقامة منتجع بيئي: "تجولت في أنحاء مصر، من العريش الى مرسى مطروح. وأتيت الى سيناء، والى الصحراء الغربية. وعندما بدأت العمل لم يكن هناك شيء على طول الخط الساحلي، لا شيء". ويصف شعوره يوم نصب خيمته في بساطة، وهي خليج صغير يطوقه جبلان كبيران وفيه شاطئ رملي وشعاب مرجانية على كلا الجانبين: "اعتراني شعور رائع بالسلام والراحة".
جمال البقعة جعله يتردد فعلاً في القيام بأي شيء قد يشوهها. لكنه أقنع نفسه بأنه إن لم يطورها فقد يبنى فندق كبير هناك ذات يوم. وكان تخوفه في محله، ففي تسعينات القرن العشرين شهدت سيناء طفرة انشائية وعمرانية ضخمة، والآن بات الخط الساحلي على كلا جانبي بساطة مرصوصاً بصفوف من أكواخ الاسمنت.
بقيت بساطة، بفيلاتها المبنية من الطوب الطيني وأكواخها المتباعدة، بقعة نادرة. يقول الغمراوي: "فكرتها قائمة من الأساس على مفهوم السياحة كتبادل ثقافي حضاري في اطار احترام البيئة. البشر يدمرون البيئة، لكننا نحاول التسبب بأدنى قدر من الضرر". ويضيف: "دخلت في إشكالات كثيرة مع المسؤولين قبل أن يقبلوا الفكرة. لقد أرادوا إبعادي من هناك، واعتبروا أن ما أستثمره من مال في بساطة ضئيل وأن مشروعي لا جدوى منه".
الزوج يغسل والأولاد يقتصدون
استخدم الغمراوي منتجعه وسيلة لنشر رسالة بيئية لطيفة وذكية. فعلى الضيوف احترام ممارسات صديقة للبيئة، كالاقتصاد باستهلاك المياه وإعادة التدوير. الفيلات المبنية بالطوب الطيني مجهزة بلاقطات شمسية. ويستغل الغمراوي ممارسات بيئية هي جزء من نمط العيش المصري، كاطعام جميع فضلات المطبخ لقطيع الماعز الذي يربيه.
في المنتجع مطبخ مشترك قد يفاجئ البعض. فالضيوف يحضّرون بأنفسهم الشاي والقهوة وحتى وجبات الطعام، ويغسلون الأطباق. يقول الغمراوي ان باستطاعته تأليف كتب حول السلوك البشري من ملاحظاته لتصرفات ضيوفه وتفاعلاتهم على مر السنين. ففي بساطة، "الأزواج يغسلون أطباق الطعام، فيبدأ الأولاد بالاقتصاد في الاستهلاك". والهدف غير المباشر لهذا النظام "جعل الضيوف يقتصدون ليجنبوا أنفسهم أعمال التنظيف التي لا ضرورة لها، فيعودون الى القاهرة وفي أذهانهم عادات مقتصدة جديدة. انها طريقة غير مباشرة لتغيير السلوك".
يدير الغمراوي منتجع بساطة بمساعدة زوجته الالمانية ماريا. وهو يسهر على الشؤون العامة في المنطقة والمجتمعات المحيطة بها بوسائل عدة. يقول: "أن تقيم منتجعاً بيئياً لا يعني أن تعلي أسيجتك وتجلس هناك من دون ان تتفاعل مع الخارج. لا، المنتجع البيئي يجب أن يهدم الجدران ويكون منفتحاً على الخارج".
البدو في المنطقة يصطادون الأسماك التي تقدم في عشوات بساطة، وينظمون للزوار رحلات بسيارات الجيب وعلى ظهور الجمال. وتتواجد بعض البدويات في الردهة الرئيسية، حيث يبعن حلي الخرز ويجادلن الزبائن من تحت خمائرهن السود. وبدأت بعض البدويات الصغار الحضور الى مدرسة بساطة التي أسسها الغمراوي لطفليه.
تدوير نفايات وطاقة نظيفة
عمل الغمراوي مؤخراً مستشاراً ومدرباً إدارياً في المنتجع البيئي الجديد الذي أقيم في محمية سانت كاترين القريبة. عام 1997 أسس جمعية "حامية" الأهلية التي تركز على حماية البيئة والتنمية الاجتماعية. وهو مسؤول رسمياً عن ادارة النفايات الصلبة من النويبة الى طابا، حيث نحو 80 في المئة من النفايات يطعم للحيوانات أو يتم استخلاصه وبيعه لاعادة التدوير. وتنظم الجمعية حملات نظافة وندوات ودورات تدريبية في المدارس. وقد أنشأت محطة صغيرة لتوليد الكهرباء من طاقتي الرياح والشمس، تلبي حاجات ست عائلات بدوية.
يلاحظ الغمراوي وجود عيوب كبيرة في العمل البيئي في مصر وفي العالم أجمع. يقول: "الأطفال يدرسون عن البيئة في المدارس الابتدائية في أنحاء مصر. لكن هذا لا يكفي. وأنا لم أعد أحضر كل تلك المؤتمرات والندوات وورش العمل البيئية. فالجميع يتكلمون ويكتبون عن البيئة، لكن من منهم يعمل، حتى على مستوى شخصي؟ المفقود هو السلوك. والمشكلة كبيرة. لقد أصبح الناس يعون المشكلة، لكن الحلول غير موجودة".
بساطة قد تقدم بعض الأفكار.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.