Thursday 18 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
 
موضوع الغلاف
 
راغدة حداد وعماد فرحات طـاقـة الـمستقبـــل  
تشرين الأول (أكتوبر) 2004 / عدد 79
 اللاقطات الشمسية ستلمع على سطوح مليون بيت جديد في كاليفورنيا. بذلك سيتم توفير 2700 ميغاواط من الكهرباء كل سنة خلال ساعات الذروة، وتجنب انبعاث 50 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون، علماً أن كل ميغاواط يؤمن الحاجة الطاقوية لنحو 1000 منزل. هذا القرار، الذي أصدره الحاكمآرنولد شوارتزنغر في آب (أغسطس) الماضي، هو خطوة نحو تحقيق خطة الطاقة في الولاية لتوليد 20 في المئة من كهربائها من مصادر متجددة بحلول سنة 2017.
وفي اسكوتلندا، أنزل الى البحر في شباط (فبراير) الماضي أول مولِّد تجاري للطاقة من الأمواج، أنتجته شركة ''أوشن باور ديليفري'' في إدنبره. وهو بطول 120 متراً وعرض 3,5 أمتار، وبقدرة 750 كيلوواط ساعي. هذا ''المحوِّل البحري'' قادر على إنتاج 2,7 جيغاواط (الجيغاواط 1000 كيلوواط) في السنة، ما يماثل إنتاجية توربينة رياح أرضية بقدرة ميغاواط واحد. ويؤكد علماء أن 20 ـ 25 في المئة من كهرباء بريطانيا يمكن إنتاجها بطاقة الأمواج، التي قدَّر مجلس الطاقة العالمي سوقها الدولية بأكثر من 900 مليار دولار. وكذلك يتم تصميم واختبار تكنولوجيات ثورية لانتاج كهرباء من تيارات المد والجزر، باعتبارها مصدراً قوياً ومضموناً للطاقة المتجددة. وهي، في اسكوتلندا وحدها، قادرة على تأمين الكهرباء لنحو 15 مليون نسمة.
وعلى بعد آلاف الكيلومترات الى الشرق، يرفع سكان قرية موباندال في أقصى جنوب الهند صلاة الشكر الى فارونا، ربّ الرياح لدى الهندوس، لانه نفخ السعد المفاجئ ناحيتهم. فمنذ رفعت أول توربينة هوائية عملاقة فوق رؤوس أشجار النخل هناك قبل عشر سنوات، تحولت حياتهم من بؤس الى بحبوحة، اذ ازدادت مداخيلهم وفُتحت آلاف الوظائف الجديدة مع تقاطر عشرات المستثمرين الى القرية التي باتت ''صندوق فرجة'' برنامج الطاقة النظيفة في الهند، الذي رصدت له موازنة ملياري دولار. وتحتل الهند المرتبة الخامسة عالمياً في إنتاج الطاقة من الرياح. وهي تنتج طاقة إجمالية مقدارها 100 ألف ميغاواط، أي 88 في المئة من حاجتها. وتتوقع الحكومة أن يتوسع قطاع طاقة الرياح ليتجاوز هدفه القاضي باضافة 5000 ميغاواط ''نظيفة'' بحلول سنة 2012.
يبدو أن الأنظمة الحكومية على الصعيد العالمي تزداد اخضراراً. فقد وضع الاتحاد الأوروبي هدفاً لانتاج 22 في المئة من كهربائه و12 في المئة من كل طاقته من مصادر متجددة بحلول سنة 2010، كما أصدر تعميماً يسري مفعوله في نهاية 2005، يقضي بأن يعرض بناؤو ومالكو وبائعو المنازل شهادة تبين مدى الاقتصاد بالطاقة في المبنى. حتى رئيس الولايات المتحدة جورج دبليو بوش، الذي تستهلك بلاده 25 في المئة من نفط العالم، أشار الى الكلفة العالية للاعتماد على النفط. وأعلن البيت الأبيض في شباط (فبراير) 2003 مبادرة برصد 1,2 بليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة لتطوير تكنولوجيا خلايا الوقود الهيدروجيني.
في المؤتمر الدولي للطاقة المتجددة (Renewables 4002) الذي انعقد في مدينة بون الالمانية في حزيران (يونيو) 2004، تعهدت ألمانيا بتقديم قروض ذات فائدة منخفضة بقيمة 500 مليون يورو خلال السنوات الخمس المقبلة لتنفيذ مشاريعللطاقة المتجددة في بلدان نامية. والتزم البنك الدولي بزيادة قروضه لمشاريع الطاقة المتجددة بنسبة 20 في المئة على الأقل سنوياً خلال السنوات الخمس المقبلة.
لكن السؤال الكبير للمستثمرين هو: متى تصبح الطاقة البديلة مناسبة من حيث الكلفة؟ يقول سيمون بيكر مدير صندوق البيئة في مجموعة جوبيتر انترناشونال في لندن المتفرعة عن كومرس بنك: ''العالم لا يشتري فكرة خضراء إلا اذا كانت كلفتها مساوية للأفكار الأخرى".
أسعار غير واقعية
في أيلول (سبتمبر) الماضي، ارتفعت أسعار النفط الى مستويات قياسية بلغت نحو 50 دولاراً للبرميل، فكبدت الدول المستوردة نفقات أعلى وأثارت مخاوف من صدمة اقتصادية عالمية، قبل أن تنخفض الى حدود 42 دولاراً. الصدمات التي أحدثتها أسعار النفط في سبعينات القرن الماضي دفعت الحكومات الى دعم البحوث حول أشكال بديلة للطاقة. لكن هذا الاندفاع تلاشى في الثمانينات عندماأصبح النفط رخيص الثمن من جديد. والأسعار الحالية في واقعها لا تتجاوز نصف المستوى الذي بلغه الخام العربي عام 1980 عندما بدأت الحرب الايرانية ـ العراقية.
إنفاق الدول الصناعية على بحوث الطاقة اتبع منحى النفط، مسجلاً أعلى ارتفاع في العام 1981 عندما بلغ 16 بليون دولار، وهابطاً الى 9 بلايين دولار بحلول 1987. وقد أورد تقرير لوزارة الطاقة الأميركية لسنة 2001 أن النظام الطاقوي العالمي يعتمد على الوقود الاحفوري بنسبة 86 في المئة (النفط 38,8٪، الغاز الطبيعي 23,2٪، الفحم 23,9٪)، والطاقة النووية تشكل 6,6 في المئة، والطاقة الكهرمائية 6,7 في المئة، ولا يتعدى دور مصادر الطاقة المتجددة الأخرى (الشمس والرياح والخشب وغيرها) 0,8٪. وتنتج المصادر المتجددة، بما فيها المائية، 19 في المئة من كهرباء العالم، وفق تقرير الوكالة الدولية للطاقة لسنة 2004.
وتتطلع بلدان الاتحاد الاوروبي بشكل متزايد الى طاقة الرياح والطاقة النووية لايفاء التزاماتها بتخفيض انبعاثات غازات الدفيئة وفق بروتوكول كيوتو. لكن خبراء يقولون ان كثيراً من الانفاق الحكومي على البحوث ما زال منصباً على الانشطار النووي وعلى خلايا الوقود الهيدروجيني، التي قد تحتاج الى عقود قبل ترسيخ جدواها الاقتصادية. ويرى البعض أن للديزل الحيوي، المصنوع من زيوت نباتية أو ايثانول، أفضل فرص النجاح في الاقتصادات المعتمدة على النفط المستورد، لكن هذا ''الوقود الأخضر'' ما زال أغلى ثمناً من البترول بنحو 50 في المئة.
ولدى الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط بعد الولايات المتحدة، خطط طموحة لتعزيز استخدام الطاقة المتجددة تشمل زيادة طاقة توليد الكهرباء من طاقة الرياح من 570 ميغاواط حالياً الى 20 ألف ميغاواط بحلول سنة 2020 والى 50 ألف ميغاواط بحلول سنة .2030 ويكفي ميغاواط واحد لإمداد ألف منزل بالكهرباء. وستبدأالفيليبين سنة 2005 تنفيذ مشروع أول محطة كهرباء تعتمد على السكر كوقود. وبدأت السيارات الحكومية في تموز (يوليو) الماضي استخدام خليط من الديزل ووقود مستخرج من جوز الهند.
وعلى رغم الأرباح القياسية من تصاعد أسعار النفط الخام، فان شركات نفط كبرى تستثمر في مصادر الطاقة المتجددة. فشركة ''بريتش بتروليوم'' هي أكبر مصنعي الخلايا الفوتوفولطية في العالم. وقد أقامت مجموعة ''رويال دتش / شل'' قسماً للهيدروجين في العام 1999 وأعلنت عام 2002 أنها ستبني أول محطة لتعبئة الهيدروجين في العاصمة اليابانية طوكيو. وفي أيار (مايو) 2001، اشترت شركة ''جنرال الكتريك'' قسم طاقة الرياح في شركة ''إنرون'' منتشلة اياه من الافلاس، في مقابل 285 مليون دولار. وتحقق ''شارب'' من قسم الطاقة الشمسية التابع لها عائداً سنوياً يبلغ مليار دولار.
ولكن يؤكد محللون أن التمويل الحكومي هو المدخل الى نمو مصادرالطاقة المتجددة. وقد جاء في دراسة حديثة لمعهد وورلد ووتش: ''في جميع الحالات، التقدم في مصادر الطاقة المتجددة حفزته سياسات حكومية قوية صُممت لرعاية أحدث صناعات الطاقة ولايجاد طلب على هذه التكنولوجيات، غالباً في أسواق يهيمن عليها الوقود الأحفوري والطاقة النووية المدعومان حكومياً.
خلال السنتين الماضيتين، هبطت في البورصة العالمية قيمة الشركات التي تطور مصادر طاقة متجددة من 13 مليار دولار الى 10,7 مليارات، بينما ارتفعت قيمة شركات الوقود الأحفوري الى مستويات قياسية بلغت أكثر من 1,2 تريليون دولار. فعلى رغم كل الصخب حول تغير المناخ، ما زال على الحكومات حول العالم التصديق على بروتوكول كيوتو المتعلق بخفض انبعاثات غازات الدفيئة.
وتقود الولايات المتحدة حملة لتخزين انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. ففي العام 2003، ساعدت ادارة الرئيس جورج دبليو بوش على تأسيس ''منتدى قيادة احتباس الكربون'' الذي يضم مجموعة بلدان تعمل خلال عقد من الزمن على تطوير FutureGen وهي أول محطة طاقة تعمل بالوقود الأحفوري ولا تطلق أي انبعاثات في الجو. هذا المشروع سيستخدم الفحم لانتاج الطاقة، ويدفن ثاني أوكسيد الكربون الناتج عنه في طبقات صخرية حاوية للماء، أو في طبقات من الفحم غير القابل للتعدين، أو في قاع المحيط، أو يباع الى شركات لاستعماله في عمليات استخراج النفط والغاز.
يقول بيئيون ان مبلغ البليون دولار المخصص لمحطة FutureGen كي تطور تقنية احتباس الكربون يمكن انفاقه على هدف أكثر جدوى، كدعم تكنولوجيات الطاقة المتجددة.
يقول ليوناردو موغري، نائب رئيس شركة ''ايني'' الايطالية للنفط والغاز، ان الطاقة الشمسية لم تنافس بعد الوقود الأحفوري الأرخص. ولعل طاقة الرياح والكتلة الحيوية أقرب الى المنافسة، لكن قدرتهما على انتاج كميات كبيرة من الطاقة محدودة. وحتى أحدث طواحين الهواء أثارت احتجاجات شعبية عنيفة لدواعي تشويه المنظر الطبيعي. أما الذين يظنون أن الطاقة النووية هي الجواب، فيعتمدون غالباً على تحليل مضلل لكلفتها، لأن المنتجين لا يحتسبون غالباً السعر الحقيقي للكهرباء المنتجة من الطاقة النووية. فاغلاق محطة نووية يكلف المبلغ ذاته تقريباً الذي يحتاجه بناء محطة جديدة، وهذا ما يجعل شركات الطاقة النووية تضغط الآن في أنحاء العالم لتأخير المواعيد المقررة لاغلاق المحطات. وفي ما يتعلق بالسيارات الهجينة، فان محركات الاحتراق الداخلي تتطور بسرعة هي أيضاً، وباتت محركات الديزل تضاهي تقريباً الاقتصاد بالبنزين في السيارات الهجينة، لكن بكلفة للمستهلكين أدنى بكثير، علماً أن الديزل يخفض أيضاً انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 30 الى 40 في المئة بالمقارنة مع البنزين. والخلاصة، في رأي موغري، أنه حتى مع بلوغ أسعار النفط أعلى مستوياتها منذ 20 سنة، فليس هناك من بديل ينافس الوقود الأحفوري جدياً.
طاقة الرياح: الأسرع نمواً
يتم تحويل طاقة الريح الى كهرباء بواسطة توربينات عملاقة. وهي المصدر الأسرع نمواً لتوليد الكهرباء في العالم. فقد قفزت الطاقة الانتاجية بنسبة 26 في المئة عام 2003، متجاوزة بأشواط بدائل أخرى مثل الطاقة الشمسية وطاقة المد والجزر. في ألمانيا، مثلاً، نحو 16 ألف ''طاحونة هواء''، وبذلك تحتل مركز الصدارة عالمياً في هذا المجال، متقدمة على اسبانيا والولايات المتحدة. ويبلغ مجموع الايرادات من قطاع طاقة الريح خمسة مليارات يورو سنوياً، وهذه الصناعة تشغل نحو 40 ألف شخص.
وطاقة الريح مهيأة لتحقيق ثلاثة أرباع هدف الحكومة البريطانية الرامي الى انتاج 10 في المئة من كهرباء البلاد من مصادر متجددة بحلول سنة 2010. وعالمياً، يتم الآن انتاج أكثر من 40 ألف ميغاواط من طاقة الريح، 75 في المئة منها في أوروبا، حيث تساعد في احتواء اعتماد القارة على الطاقة المستوردة. ومن المشاريع الطموحة في هذا الاطار التزام شركة فورد للسيارات تشغيل مصنعها الجديد لمحركات الديزل قرب لندن بطاقة تولدها ثلاثة توربينات هوائية عملاقة، بالتعاون مع شركةEcotricity  الرائدة عالمياً في انتاج الكهرباء الخضراء. هذه التوربينات تنتج 3,6 ميغاواط، أي ما يكفي لتزويد 2000 منزل بالطاقة.
لكن مع انتشار مزارع الريح في المدن والأرياف والمناطق البحرية، أخذت أصوات المعارضين تعلو. حتى في ألمانيا، التي تفخر بانتاج نصف الطاقة المولدة من الريح في أوروبا، تتزايد الاحتجاجات حول خطط الحكومة لمضاعفة عدد مزارع الريح بحلول سنة 2020، كخطوة لبلوغ هدفها الرامي الى خفض انبعاثات الكربون بنسبة 40 في المئة. وفي بريطانيا التي ينتشر على أراضيها حالياً أكثر من 1000 توربينة، بدأت المجتمعات ترفض مزارع الريح لما تحدثه من ''تلوث بصري".
الطاقة الشمسية: ربع الاحتياجات العالمية
بحلول سنة 2040، يتوقع أن تغطي تكنولوجيا اللاقطات الفوتوفولطية ربع الاحتياجات العالمية من الكهرباء، خصوصاً في المناطق النائية التي لا تصلها شبكات التوزيع العمومية. في هذه اللاقطات، تحول الخلايا الشمسية ضوء النهار الى تيار مباشر يمكن أن يشحن بطارية مثلاً. والتيار المباشر يمكن تحويله الى تيار متناوب، بأن توصل الخلايا الشمسية بعضها ببعض لتشكل مجموعات وتركب على سطوح البنايات أو واجهاتها.
وتحتل ألمانيا المرتبة الثانية بعد اليابان في تكنولوجيا الطاقة الشمسية. فشركة ''سولار ميلينيوم'' تبني أكبر مجمّع للطاقة الشمسية عالمياً في سهل غوديكس الاسباني، حيث ستنشئ محطتي طاقة حرارية شمسية تستخدمان سطحاً من اللاقطات مساحته الاجمالية 1,1 مليون متر مربع، وسوف تغذيان الشبكة العمومية الاسبانية بأكثر من 300 جيغاواط سنوياً. ومن جهة أخرى، سيكونمركز الفضاء الالماني جزءاً من كونسورتيوم عالمي لبناء أول محطة طاقة حرارية شمسية تجارية في مدينة إمبولي الايطالية.
وتنفذ حكومة جنوب افريقيا مشروعاً لانتاج الكهرباء من دون شبكة توزيع، لتأمين طاقة شمسية نظيفة لنحو 300 ألف منزل في أنحاء البلاد. ووفق المشروع، سيتم تزويد منازل ريفية بلاقطات فوتوفولطية تنتج 200 واط من الكهرباء يومياً، ما يكفي لاضاءة أربعة مصابيح وتشغيل تلفزيون وراديو وجهاز شحن هاتف خليوي. المشروع الذي انطلق عام 1999 أمن الطاقة حتى الآن لأكثر من 20 ألف منزل.
من جوف الأرض طاقة لكل الفصول
ثمة حرارة طبيعية مخزونة في جوف الأرض يمكن استغلالها بصرف النظر عن الفصل وعدد الأيام المشمسة. وقد أنشئت محطات للطاقة الجيوحرارية تضخ الماء الساخن الى السطح وتحوله الى حرارة وكهرباء. وفي حالات أخرى، يتم استخراج الحرارة من جوف الأرض بضخ الماء العادي نزولاً من خلال ثقبالى الطبقات الصخرية الحارة، ومنها صعوداً كتيار بالغ السخونة. وتعتبر الطاقة الجيوحرارية من أكثر المصادر انتاجية للطاقة المتجددة.
شركات الطاقة العملاقة الأميركية، مثل شيفرون ويونوكال، بدأت منذ عقدين استكشاف الامكانات الطاقوية الضخمة المحتبسة في البراكين الاندونيسية. واندونيسيا أرخبيل مؤلف من نحو 17 ألف جزيرة، ترقد على ''حلقة النار'' في آسيا والمحيط الهادئ، وفيها أعلى كثافة براكين في العالم، نحو 500 بركان، منها 128 ما زالت ناشطة. هذه البراكين تجعل اندونيسيا الدولة الوحيدة في العالم التي لديها امكانية توليد 100 في المئة من كهربائها من مخزونات ''نظيفة'' لا نهاية لها من الطاقة الجيولوجية. وقد طلبت اعتمادات لتوسعة بقيمة 100 مليون دولار لعمليات التوليد القائمة في بركان داراجات في جاوه الغربية، مما يزيد انتاجها البالغ 330 ميغاواط بأكثر من الضعفين، أي ما يكفي لتزويدمدينة متوسطة الحجم بالطاقة. وهذه الكمية ليست كبيرة، لكن ستشكل خطوة نحو احياء خطة متوقفة لتطوير 11 محطة جيوحرارية تنتج 3417 ميغاواط.
وحصاد البركان يعني حفر آبار تصل الى البخار الحار الذي يولده جريان الحمم تحت الأرض. والمخاطر كبيرة، لكن فترة المردود طويلة.
الطاقة الكهرمائية والحيوية
بخلاف الطاقة الجيوحرارية، تعتبر الطاقة الكهرمائية من أقدم مصادر الطاقة التي استخدمها الانسان. فقد كانت النواعير معروفة في الصين منذ القرن الثالث قبل الميلاد. ومن ثم انتشرت في أنحاء العالم مطاحن ومناشير ومطارق تشغلها المياه الساقطة من الشلالات والسدود أو الجارية على سطح الأرض. ومنذ نحو مئة سنة شغلت توربينات الماء مولدات لانتاج الكهرباء.
الطاقة المائية تولد حالياً قرابة خُمس الكهرباء في العالم ونحو نصف الكهرباء في 66 بلداً. وثمة اتجاه لتحديث المحطات القائمة لزيادة انتاجها بدل إنشاءمحطات اضافية. والامكانات كبيرة في البلدان النامية. وقد أظهرت دراسة للأمم المتحدة انه لم يتم تطوير سوى ثلث المواقع المحتملة لمحطات الطاقة الكهرمائية حول العالم.
ومن أكثر المصادر المتجددة تنوعاً الكتلة الحيوية (biomass)،وهي متوافرة على الدوام، ويزرع كل سنة في أنحاء العالم نحو 80 بليون طن من الكتلة الحيوية الاضافية. ومستغلّوها يستخدمون طريقة مختلفة لتوليد الكهرباء، أساسها المادة العضوية، خصوصاً الحطب والقش والزيت النباتي والديزل الحيوي والغاز الحيوي لتوليد الكهرباء والحرارة أو كوقود. في ألمانيا، مثلاً، 1700 محطة للغاز الحيوي، تولد الكهرباء والحرارة من غاز التخمير الناتج من محطات تنقية مياه الصرف، ومن غاز المناجم، وغاز مطامر النفايات، والروث السائل الناتج من مزارع الماشية.
شبكات التوزيع المستقبلية لن تعتمد فقط على محطات الطاقة البعيدة، اذ سيصبح بعض المستهلكينمنتجين، يولّدون حاجتهم الطاقوية من الشمس والريح والهيدروجين، بل ربما يغذون شبكة التوزيع بالفائض. فعلى سبيل المثال، تبنت الحكومة اليابانية عام 1993 خطة لتشجيع الطاقة الشمسية، وهناك نحو 170 ألف منزل في البلاد تغذي الشبكة التابعة لشركة الطاقة. وفي اسكوتلندا شركة تصنع طواحين هواء صغيرة تركب على سطوح المنازل ويمكن ان تولد 4000 كيلوواط ساعي من الكهرباء سنوياً (العائلة المتوسطة تستهلك 10 ـ 15 ألف كيلوواط ساعي). ومنتجو السكر الهنود، الذين ضاقوا ذرعاً بذبذبات الطاقة المحلية، بدأوا توليد كهربائهم الخاصة من ثفل قصب السكر. وفي مدينة واتسونفيل بولاية كاليفورنيا 257 منزلاً مكتفية ذاتياً في مشروع ''صفر طاقة'' (Zero Energy Homes)، تم بناؤها وفق مقاييس مقتصدة بالطاقة وجهزت بمولدات شمسية. وهذا المشروع واحد من عشرات المشاريع المماثلة.
اقتصاد ''هجين'' للمستقبل
الطاقة موضع أساسي في الانتخابات الأميركية. وبينما يتفق المرشحان جون كيري وجورج بوش على العمل نحو ''استقلال أميركا في مجال الطاقة''، يختلفان على سبل تحقيق هذه ''الاستقلالية''. فكيري، المرشح الديموقراطي، يدعو الى بلوغ الاستقلالية الطاقوية عن طريق التوسع في استخدام الفحم الحجري بأساليب نظيفة، واستخراج الغاز من آلاسكا، وتطوير الكحول البيولوجي من مصادر زراعية، وتحسين الكفاءة في استخدام الطاقة. أما الرئيس جورج بوش فيركز في برنامجه على تطوير إنتاج النفط محلياً وتأمين مصارد خارجية متنوعة تخفف الاعتماد على دول الخليج. لكن لي رايموند، رئيس شركة إكسون موبيل وهي أكبر شركة نفط عالمية، يعتبر أن الاستقلال الطاقوي الأميركي فكرة غير قابلة للتطبيق، ويدعو في المقابل الى التعاون الدولي. فالولايات المتحدة، التي تستهلك 20 مليون برميل نفط يومياً، تنتج ربع هذه الكمية فقط محلياً وتستورد البقية. وتبتلع وسائل النقل ثلثي استهلاك أميركا من النفط.
الحوافز التشجيعية واعانات الدعم لانتاج مصادر طاقة بديلة تراجعت في أنحاء العالم المتقدم، مع استثناءات قليلة هي اليابان وألمانيا والدنمارك وبضعة بلدان أخرى. لذلك، ربما، يصدّر معظم تجهيزات الطاقة الشمسية المصنوعة في الولايات المتحدة الى ألمانيا واليابان.
في الولايات المتحدة، يبلغ معدل الضريبة الاجمالية على الغاز 25 في المئة، بالمقارنة مع 50 في المئة في اليابان وأكثر من 70 في المئة في أوروبا الغربية. وهذا يفسر لماذا يستهلك الفرد الأميركي ضعفي الطاقة التي يستهلكها الفرد الأوروبي. وضرائب البنزين العالية في أوروبا تشجع على الاقتصاد بالطاقة، لكنها أيضاً ثالث أو رابع أكبر مصدر عائدات لمعظم الحكومات الأوروبية. وهذا حافز للحفاظ على الوضع الراهن للوقود الأحفوري، لأن تحولاً الى بدائل أنظف سيخفض الدخل الضريبي ويزيد الانفاق علىدعم التحول.
أما اذا كان السياسيون جديين في تقليل الاعتماد على النفط، فان ثمة حلولاً في متناول اليد: خليط من الزيادات الضريبية على المنتجات النفطية، ومقاييس للمسافات والانبعاثات أكثر تشدداً تفرض على مصنعي السيارات، وحوافز تشجيعية للتخلي عن السيارات القديمة وشراء سيارات جديدة أنظف. فقطاع النقل أمر حاسم، اذ سيكون مسؤولاً عن قرابة 80 في المئة من نمو الاستهلاك النفطي العالمي خلال السنوات الـ25 المقبلة.
ويبين التاريخ أن صانعي السياسة يضعون السعر والوفرة قبل المخاوف الاجتماعية والبيئية. والمؤشرات كثيرة حول العودة الحماسية الى مصادر الطاقة المثيرة للجدل بيئياً، ولا سيما الفحم والطاقة النووية والسدود المائية الكبيرة. فالوقود النووي يمكن تخزينه بكفاءة كبيرة، والفحم يوجد بكثرة في جميع القارات، والطاقة المائية مصدر محلي. وتخطط الصين لزيادة توليد الطاقة النووية من 1,5 في المئة حالياً الى 4 في المئة سنة 2020. وأكدت شركة الطاقة التي تديرها الحكومة الفرنسية (EdF) من جديد التزامها بناء نموذج للمفاعل الأوروبي الذي يعمل بالماء المضغوط. والخطط لبناء سد اينغا الكبير لانتاج الطاقة على نهر الكونغو تعكس إحياء الاهتمام العالمي بالمشاريع المائية الكبرى.
طاقة الرياح هي الاقرب الى التكافؤ مع أسعار الطاقة التقليدية. فقد كلف توليد الطاقة من الفحم أو الغاز في السنوات الثلاثين الماضية قرابة 2,5 سنت لكل كيلوواط ساعي في المتوسط. وفي المقابل، تكلف طاقة الرياح الآن أقل من 4 سنتات لكل كيلوواط ساعي، في مقابل 10 سنتات عام 1980. وكلف انتاج كيلوواط ساعي من الطاقة الشمسية في العام 1980 دولاراً واحداً، وهو يكلف الآن ما بين 20 و25 سنتاً. ويتوقع، بحلول سنة 2010، أن تصبح كلفة الكيلوواط من طاقة الرياح بين 2 و4 سنت، ومن الطاقة الشمسية بين 10 و25 سنتاً، ومنحرارة جوف الأرض والكتلة الحيوية بين 2 و3 سنت.
ومعدل سعر الطاقة بالتجزئة من مصادر تقليدية هو 8 سنتات لكل كيلوواط ساعي في الولايات المتحدة، وهو أدنى بكثير من الاسعار في أوروبا. وبحسب وزارة الطاقة الاميركية، بلغت الكلفة عام 1999 في ألمانيا 15,2 سنتاً، وفي اليابان 21,2 سنتاً، وفي بريطانيا 11,7 سنتاً، وفي الدنمارك 20,7 سنتاً، وفي فرنسا بلغ 12,9 سنتاً في العام .1998 فلا عجب ان البلدان التي تشهد ارتفاعاً في تكاليف الطاقة كانت أكثر تلهفاً لتبني تكنولوجيات بديلة.
انديرا غاندي، رئيسة وزراء الهند الراحلة، دعت الفقر ''الملوث المطلق''، فاذا كانت مصادر الطاقة القذرة هي كل ما يملكه الناس، فهي ما سيحرقون. الوفرة والكلفة أولويتان في السياسة الاقتصادية، وعلى البيئيين أن يضعوهما في صدارة حساباتهم للوصول الى نتيجة عملية. فعلى رغم ارتفاع أسعار النفط الى أرقام قياسية، ما زالت مصادر الطاقة النظيفة بلا جدوى اقتصادية لتحل مكان النفط. وهذا ما يجعل خبراء كثيرين يتحدثون عن تطوير اقتصاد هجين، يقوم على تنمية الطاقات المتجددة مع استهلاك أقل وأكثر كفاءة للوقود الأحفوري.
كادر
نماذج عربية لاستغلال طاقة الرياح
- عام 2000، بدأ تشغيل مزرعة رياح في شمال تطوان في المغرب بقوة 50,4 ميغاواط. وهي تعتبر من أضخم مزارع الرياح في العالم، وتكفي حاجة المدينة التي يسكنها 450 ألف نسمة. وقد كلف بناؤها 46,5 مليون دولار.
- عام 2003، خصصت المفوضية الاوروبية 2,6 مليون يورو (2,86 مليون دولار) كمنحة لدعم مشروع تطوير أول مزرعة رياح في قرية السنديانة في ريف حمص، بالتعاون مع وزارة الكهرباء السورية وبطاقة تصل الى 10 ميغاواط. ويزور خبراء أوروبيون في قطاع الكهرباء سورية لدرس إنشاء مزارع رياح، ومن المتوقع أن ينتهي العمل من تركيب أول المولدات في منتصف سنة 2005.
في أواخر 2003، وقع بنك اليابان للتعاون الدولي اتفاق قرض بقيمة 125 مليون دولار مع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر، لتمويل مشروع اقامة محطة لانتاج الكهرباء باستغلال طاقة الرياح في زفرانة على ساحل البحر الأحمر، بقدرة انتاجية تبلغ 120 ميغاواط. وبحلول سنة 2012، تعتزم الحكومة المصرية انتاج 880 ميغاواط (من أصل قدرة اجمالية متوقعة تبلغ 11,279 ميغاواط) بواسطة محطات تستغل مصادر الطاقة المتجددة. ويتوقع ان تشكل طاقة الرياح أكثر من 90 في المئة من هذه المصادر.
هذه السنة، نجحت تجربة الفجيرة في انتاج 50 ميغاواط من الطاقة البديلة من ستة مراصد للرياح على الساحل الشرقي للامارات العربية المتحدة. وتجرى دراسة انشاء مراصد أخرى في أبوظبي والعين. وقال محمد ماجد العليلي، مدير عام دائرة التنمية والاقتصاد في الفجيرة، ان هذا أول مشروع من نوعه في منطقة الخليج، مضيفاً: ''بفعل تلك الطاقة الجديدة نستطيع أن ندعم شبكة الكهرباء في الدولة ونستفيد من طاقة الرياح التي اعتمدت عليها دول أوروبا منذ سنين".
اقترحت شركة ألمانية تنفيذ مشروع لتوليد الطاقة الكهربائية من الرياح في البحرين. وتبلغ كلفة المشروع نحو 3 ملايين دولار، ويمكن أن يوفر طاقة كهربائية تكفي عشرة آلاف نسمة.
 
أسعار النفط تعكس النمو الاقتصادي والغاز يدخل السوق من الباب الواسع
 
الوقود الصلب، من فحم حجري وحطب، كان مصدر الطاقة الأساسي حتى القرن العشرين، حين أخذ الوقود السائل، أي النفط، مكان الصدارة. فهل يكون القرن الحادي والعشرون عصر الوقود الغازي؟
 
فيينا ـ "البيئة والتنمية"
وزير الطاقة والصناعة القطري عبدالله العطيه روى للمشاركين في منتدى الطاقة العالمي، الذي أقامته منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) في فيينا مؤخراً، وكان بمثابة "قمة نفطية" شارك فيها وزراء الطاقة ورؤساء شركات النفط العالمية، أن اكتشاف شركة "شل" مخزونات كبيرة من الغاز الطبيعي في قطر قبل سنوات كان بمثابة خيبة أمل، لأن الهدف كان البحث عن حقول نفط. ولم تبد "شل" في حينه أي اهتمام بتطوير الغاز. أما اليوم، فتعود "شل" الى قطر للمشاركة في تطوير حقول الغاز الطبيعي، الذي يعتبره الخبراء أحد أهم مصادر الطاقة في العقود الخمسة المقبلة.
فالغاز الطبيعي يُصنَّف وقوداً نظيفاً نسبياً، إذ تقل انبعاثاته كثيراً عن النفط. لكن 40 في المئة من احتياطات الغاز الطبيعي المعروفة تتركز في روسيا وإيران وقطر، تليها السعودية والامارات وعمان في الخليج والجزائر التي هي اليوم من كبار مصدّري الغاز. كما تنتج مصر وسورية كميات من تجارية من الغاز الطبيعي. إذاً، ما زالت المنطقة العربية وجوراها المصدر الأساسي للطاقة، حيث أن 66 في المئة من الاحتياطي النفطي المؤكد يتركز أيضاً في دول الشرق الأوسط. وهنا تأتي المشكلة اللوجستية، إذ ان نقل الغاز الطبيعي إلى مواقع استخدامه الرئيسية، في أميركا وأوروبا وآسيا، يتطلب تسييله وضغطه، ثم تحويله مجدداً إلى غاز عند وصوله الى وجهته النهائية.
أسعار النفط انعكاس للنمو الاقتصادي
اتفق المشاركون على أن ارتفاع أسعار النفط الذي تشهده الأسواق حالياً يختلف عن السابق في أنه انعكاس للنمو الاقتصادي العالمي، ولا علاقة له بمستويات الانتاج، بينما كان التحكم بالكميات العامل الأساسي لارتفاع الأسعار في الماضي.
رئيس الوزراء الليبي شكري غانم، الذي شارك في المنتدى كضيف خاص، وهو كان قد شغل لسنوات منصب الأمين العام لأوبك، أوضح أن هناك وجهاً ايجابياً أيضاً لارتفاع أسعار النفط. فهو يشجع على تطوير تكنولوجيات الانتاج واستكشاف حقول جديدة، بسبب المردود المادي المجزي، وفي الوقت نفسه يخدم البيئة عن طريق ترشيد الاستهلاك وتشجيع البحث عن مصادر متجددة للطاقة.
الوزير الاماراتي عبيد الناصري أوضح أن الطلب على النفط، الذي ارتفع من 47 مليون برميل يومياً عام 1970 الى نحو 81 مليون برميل اليوم، سيصل الى 106 ملايين برميل يومياً سنة 2020. وسيصاحب هذا ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي بنسبة أعلى تصل الى 145 في المئة. وقال ان الأسعار العادلة شرط لتشجيع الدول المنتجة على تطوير منشآتها.
أما وزيرة النفط والطاقة في النروج ثورهيلد ويدفي فأكدت أن الاستجابة للزيادة في الطلب على النفط يجب ألا تنحصر في زيادة الانتاج، بل في التوفير وترشيد الاستهلاك أيضاً. واذ أشارت الى أن امدادات النفط ستكون مضمونة للعقود الثلاثة المقبلة، أوضحت أن الانتاج من حقول بحر الشمال يتناقص، ولا بد من البحث عن مصادر أخرى بديلة.
وأكد المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية كلود مانديل أن الطلب على النفط والغاز الطبيعي سيستمر في التصاعد لتلبية حاجات التنمية الاقتصادية، وسيشكل 90 في المئة من سوق الطاقة خلال السنوات الثلاثين المقبلة. وأشار الى أن الانخفاض في استخدام النفط للتدفئة في الولايات المتحدة رافقه ارتفاع كبير في استهلاك وسائل النقل. وأكد مانديل على ضرورة أخذ مسألة تغير المناخ جدّياً، وتطوير الصناعة النفطية لتتماشى مع قيود خفض الانبعاثات الغازية المسببة للاحترار العالمي.
وأوضح الدكتور عدنان شهاب الدين، مدير دائرة الأبحاث في أوبك، أن انتاج النفط خارج الدول المنضوية في اطار أوبك يحتاج الى أربعة أضعاف كلفة الانتاج في دول أوبك، مما يعني أن معظم الزيادة المطلوبة عالمياً خلال العقود المقبلة ستأتي من داخل مجموعة أوبك. ودعا الى زيادة الاستثمارات لانتاج نفط أنظف وتطوير تكنولوجيات فعالة لتخفيف انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من النفط، خاصة بتخزينها في باطن الأرض وتحت المحيطات.
صادق بوسنه، الوزير الجزائري السابق، أكد من جهته أن العرض الآن يفوق الطلب بمعدل مليون برميل يومياً، ومع هذا استمر ارتفاع الأسعار "ولا يبدو أن الاقتصاد العالمي تأثر كثيراً بسعر 40 ـ 50 دولاراً للبرميل". وقال ان على الاسواق ان تعتاد على حقائق جديدة، تضع سعر البرميل في حدود 25 ـ 35 دولاراً، بدل انتظار انخفاضه الى 18 دولاراً، وهو أمر مستبعد.
النفط معنا لمئة سنة
وإذ وافق رئيس شركة اكسون موبيل لي رايموند على أهمية الوقود الاحفوري، أضاف أن النفط والغاز الطبيعي والفحم الحجري ستبقى الأساس في انتاج الطاقة للسنوات المئة المقبلة، "لأنها ما زالت الأكثر فعالية وتوفيراً، ويمكن ترشيد استخدامها وتقليل أضرارها البيئية". وشدد على "تلازم النمو الاقتصادي العالمي وارتفاع أسعار النفط".
وزير النفط العراقي ثامر غضبان أشار الى أنه في حين يصل احتياطي النفط العراقي المؤكد الى 115 بليون برميل، الا أن تقديرات جديدة موثوقة تضع مخزون النفط في العراق في حدود 300 بليون برميل، مما يجعله في طليعة البلدان المؤهلة لتلبية الارتفاع في الطلب العالمي. والانتاج العراقي، الذي لم يتجاوز 2,5 مليون برميل يومياً بعد الحرب، وكان أقل من مليون برميل عند إعادة الانتاج في أيار (مايو) 2003، يمكن أن يصل، وفق الوزير العراقي، إلى مستوى يتراوح بين 6 و8 ملايين برميل يومياً مع تطوير الحقول العراقية، وهي من الأقل استثماراً حتى الآن بين الدول المصدرة.
رئيس شركة توتال تيري ديسماريه دعا الى ادخال شركات النفط العالمية بشكل فعال في عمليات تطوير الانتاج، "لأنها تؤمن للدول المنتجة التكنولوجيا والتنظيم الاداري والوصول الى أسواق الاستهلاك الرئيسية، وفرص التمويل". وجاء كلامه ضمن اتجاه واضح لشركات النفط العالمية لدعم مواقعها في السوق النفطية المتزايدة الأهمية. فهي تحاول استعادة نفوذها في مراحل الانتاج وليس التسويق فقط، خاصة في دول نفطية مهمة مثل المملكة العربية السعودية، التي انتقل قطاعها النفطي بالكامل الى أيد وطنية.
وزير النفط المصري أمين فهمي اتفق مع الوزير القطري عبدالله العطيه في التركيز على أهمية الغاز الطبيعي كعنصر أساسي لتلبية حاجات الطاقة، مشيراً الى خطط لبناء عشرين محطة استلام في الولايات المتحدة ومحطة في بريطانيا، وتطوير سوق الناقلات المخصصة للغاز المسيّل. وأوضح الحاجة الى دراسات مفصلة لتحديد مزيج من وسائل نقل الغاز الطبيعي، اما بشكله الغازي عبر أنابيب أو مسيّلاً ومضغوطاً في ناقلات.
ووصف رئيس شركة شل يرون فان درفير الغاز الطبيعي بأنه "سهل ونظيف ورخيص"، مؤكداً الحاجة الى استثمارات كبيرة في البنى التحتية لنقله وتخزينه. وأشار الى وجوب تحديد كميات الاحتياطي المؤكد من الغاز الطبيعي، لمعرفة حجم الاستثمارات المجزية اقتصادياً. أما رئيس شركة النفط الايطالية فيتوريو مينكاتو فكان أقل تفاؤلاً بتوسع استخدام الغاز الطبيعي في أوروبا على نطاق واسع قريباً، "لأن الفحم الحجري ما زال أساساً في انتاج الكهرباء مع محاولات لجعله أقل تلويثاً، وما زالت القيود على تلوث الهواء ضعيفة نسبياً، مما يعيق الانتقال الى الغاز، اضافة الى البطء في ضبط استخدام الطاقة النووية".
اللورد براون، رئيس شركة بريتش بتروليوم، دعا الى نقاش أوسع حول سياسات الطاقة المتجددة، موضحاً أن شركته تستثمر في تطوير استخدامات طاقة الشمس والرياح. "لكن مجموع انتاج الطاقة المتجددة اليوم لا يتجاوز 2,5 في المئة من الاستهلاك، ولا يتوقع أن يتجاوز 3,3 في المئة سنة 2015". وأيد الاستمرار في أبحاث الطاقة المتجددة، مع تطوير أساليب نظيفة لتخفيف انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من احتراق الوقود الاحفوري، خاصة بجمعه وتخزينه. كما شدد على ضرورة فرض شروط على صناعة السيارات لتطوير محركات أقل استهلاكاً للوقود. ودعا الى ايجاد بدائل لبروتوكول كيوتو حول تغير المناخ، فالعالم لا يتوقف "وهناك حياة بعد كيوتو".
ولاحظ غي كاروسو، رئيس إدارة معلومات الطاقة الأميركية، أن أسعار النفط التي تعتبر مرتفعة اليوم ما زالت أقل كثيراً مما تم توقعه سابقاً، "فقد كانت التوقعات عام 1980 أن يصل سعر البرميل الى 100 دولار مع حلول العام 2000".
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.